توقيت القاهرة المحلي 15:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إذا جار عليك الزمن

  مصر اليوم -

إذا جار عليك الزمن

بقلم : جيهان فوزى

نحن نعيش فى مجتمعات العالم الثالث، شعوب فقيرة، وحاضر مظلم، ومستقبل مجهول. لا ضمان اجتماعى، ولا أمان اقتصادى، ولا تأمين صحى، ولا وظائف مضمونة، ولا مرتبات ثابتة. شعوب تعيش على الهامش، تخضع لأمزجة أنظمة قمعية كل همها أن تظل متسيّدة متمكنة من الحكم لا مساس به ولا خطورة تقترب منه. نحتاج إلى عقول صافية إلى جانب عقولنا المشوشة كى نستطيع التأقلم والعيش، بالكاد نبتسم، وبقوة الدفع مستمرون، الإحباط صديقنا، والسعادة عدونا، فكيف نعيش ونستمر دون التعثر فى ركام من المشاكل المستعصية والمتصاعدة. إذا ما فكرنا فى الحاضر داهمنا الاكتئاب، وإذا ما ابتعدنا قليلاً وخرجنا من عباءة الحاضر إلى المستقبل انقضّ علينا اليأس ونال منا الإحباط، الصورة مظلمة لا نستطيع تبين ملامحها، فكيف إذا كان الحديث عن أرذل العمر وتوابعه؟

الدول المتحضرة والمجتمعات الحديثة التى لا ينقصها من الرفاهية شىء، حيث تتوافر الحياة الكريمة والأوضاع الاقتصادية الميسورة، انطلقت الأفكار المبدعة ذات الآثار الواعدة لمستقبل تلك الشعوب. ورغم أنها بلدان مستقرة اقتصادياً واجتماعياً، فإنها لم تبخل بالمزيد من العطاء على شعوبها بحثاً عن راحتهم فى شيخوختهم وعجزهم، فتفتق الذهن المبدع عن فكرة مبهرة هى «بنك الزمن» سعياً لتلبية الاحتياجات التى لا يقوى عليها الفرد فى وقت ما من مراحل العمر وسياق الزمن كالعجز والمرض، بدأت الفكرة فى سويسرا، بلد الرفاه والانتعاش الاقتصادى والبنوك العملاقة التى لا تعرف الرحمة ولا تتحدث إلا بلغة المال والأعمال، لكنها فى المقابل قامت بإنشاء بنك من نوع فريد يهدف إلى تحقيق جانب من جوانب الضمان الاجتماعى للأفراد والمجتمع، وأطلقت عليه «بنك إيداع الزمن» أو «بنك الزمن»، وتقوم فكرته على أساس إنسانى بسيط، وهو التعامل مع الوقت بدلاً من المال، بحيث يتم فتح حساب للمتبرع تحت مسمى «حساب الزمن» فيودع المتبرع فيه ساعات عمل يطلق عليها ساعات «كسب الوقت»، وهى الساعات التى يكتسبها من خدمة عملاء البنك (مرضى ومسنين ومعاقين) الذين لا يجدون من يهتم بهم ويرعى شئونهم أو يرفق بحالهم، سواء من الأسرة أو الأقارب.

يُشترط فى المشترك أن يكون سليماً صحياً وقادراً على العطاء والتواصل مع الآخرين والتحمل، والأهم أن يكون راغباً فى تقديم الخدمات طوعاً وبإخلاص، وعندما يحتاج الشخص المتبرع إلى مساعدة يرسل له البنك شخصاً متطوعاً من المساهمين فى البنك ليخدمه ويخصم الوقت من حسابه، ويقدم المتطوع خدماته للمحتاج فى البيت أو المستشفى أو حسب الحاجة، وهكذا تسير دورة الاستثمار فى الزمن قائمة على مبدأ الأخذ والعطاء فى إطار إنسانى بحت، والأجمل أنها تحفظ كرامة الإنسان وقت الحاجة! فكرة عظيمة ومفيدة ما أحوجنا إلى قيمها، ونفتقر إلى إنسانيتها، فهى تنأى بالعاجز عن العوَز وتُكرم المسنين فى شيخوختهم، وتحميهم من امتهان كرامتهم أوتركهم على قارعة الطريق. نحن بحاجة ماسة إلى هذا البنك الإنسانى الذى سيحفظ كرامة عجزنا وضعفنا وشيخوختنا إذا ما جار علينا الزمن وتركنا على قارعة الطريق بلا سند ولا ضمان، أو شكّلنا عبئاً جديداً على كاهل دولنا التى تعانى الفقر المادى والإنسانى والأخلاقى. فكرة يمكن تطبيقها فى مجتمعاتنا العربية ستغير كثيراً من مفاهيمنا وتحفظ كرامتنا وتجل شيخوختنا، لكنها تتطلب الانضباط والإحساس بالمسئولية والإخلاص فى أداء العمل، وقبل كل ذلك تحتاج إلى التأهيل النفسى والتربوى والثقافى منذ الصغر، كما تفعل شعوب العالم المتحضرة التى تؤهل أطفالها منذ نعومة أظفارهم إنسانياً وتربوياً وفكرياً.. فهل نستثمر التجربة؟.

نقلًا عن الوطن 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إذا جار عليك الزمن إذا جار عليك الزمن



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:43 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تزداد أناقة بإطلالات فخمة وراقية

GMT 21:09 2021 الجمعة ,23 إبريل / نيسان

"وحيد القرن" أصغر ثقب أسود قريب من الأرض

GMT 19:35 2021 الثلاثاء ,23 آذار/ مارس

بورصة بيروت تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 05:47 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

تعرف على رسالة ياسر فرج الأخيرة لزوجته قبل وفاتها

GMT 15:13 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أتلتيكو مدريد يصنع التاريخ بالأرقام في الدوري الإسباني

GMT 21:10 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونخ أفضل فريق في 2020 ضمن جوائز "غلوب سوكر"

GMT 13:03 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

طبيب يكشف عن والد طفل عروس بنها في حال حملها

GMT 03:22 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ريم سامي تتألق في مهرجان الجونة السينمائي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon