توقيت القاهرة المحلي 20:12:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فعاليات ثقافية للجميع... حق!

  مصر اليوم -

فعاليات ثقافية للجميع حق

بقلم - تمارا الرفاعي

تستضيف عمان هذا الأسبوع مهرجانا للأفلام يحتوى أيضا على جلسات نقاش مع صناع الأفلام وورشات عمل حول جوانب مختلفة تتعلق بالإنتاج عموما. هنا، فى المدينة الهادئة، التقى محبو السينما ورواد صالاتها حول أفلام ونقاشات أغنت جو المدينة وجلبت أحاديث أفتقدها أحيانا منذ قدومى للعيش فى عمان بالمقارنة مع المدن الأكثر صخبا والتى تستقبل منذ عقود فعاليات ثقافية مختلفة.
• • •
شهد المدرج الرومانى أيضا هذا الشهر حفلا موسيقيا لون سماء عمان وجوها بحالة من البهجة لم أشهدها منذ بدء حياتى هنا قبل ثلاث سنوات. استطاع الموسيقى الفلسطينى فرج سليمان أن يحلق بجمهوره فوق المدرج وأن يدخله، أى جمهوره، فى مساحة ساحرة تشاركها آلاف الأشخاص على اختلافاتهم فتحول ليل المدينة الوديعة إلى ساعات من الفن والحب والإبداع.
• • •
أفكر هذا الأسبوع بأهمية أن يستطيع الفرد، أى فرد، أن يتمتع بأى شكل من أشكال التعبير الثقافى، سواء من خلال حضور فعالية أو من خلال اشتراكه بعرض أو بإنتاج ثقافى. أحاول أن أفرق فى عقلى بين النخبوية والحق فى الحصول على الثقافة، أى أن أبدأ مع حق الجميع أن يعبروا عن نفسهم مستخدمين أدوات ثقافية كالكتابة، أو السرد، أو التصوير، أو الموسيقى، أو صناعة الأفلام، أو الفنون التشكيلية، أو المسرح وغيرها.
• • •
أفكر فى المهرجانات الكثيرة التى أقرأ عنها كل صيف، الكبيرة والمعروفة عالميا والأصغر التى لا أعلم عنها أكثر مما أقرأه على صفحات الأصدقاء فى الفضاء الافتراضى. أتخيل عالما فيه ما يكفى من الأمسيات الشعرية والمعارض الفنية والحفلات الموسيقية بحيث يكون لكل فرد خيارات فيما يحب أن يشاهده أو يشترك فيه. أتخيل بلادا لا تتحكم فيها يدا الرقابة والقيود السياسية والمجتمعية على الإنتاج ويكون للشخص حرية اختيار ما يحب أن يراه وحرية أن ينتقد ما لم يحبه.
• • •
أعود إلى مفهوم الثقافة الجماهيرية الذى لم أكن أعرفه قبل أن أقرأ عن أحد مؤسسيه فى مصر وقبل أن أتطوع فى مؤسسة ثقافية تعمل على خلق ظروف تساعد فئات مهمشة وهشة فى المجتمع أن تصبح جزءا من المشهد الثقافى وتشارك بفعالياته. تعلمت أن الموهبة لا تقف عند فئة فى المجتمع دون غيرها، وأن تنمية المواهب الثقافية من أفضل ما يمكن توفيره فى المجتمع بحيث يشارك أصحاب المواهب من الرسامين والمخرجين والموسيقيين بإثراء المجتمع ليس فقط بإنتاجهم إنما أيضا بالنقاشات التى يفرضونها من خلال ما ينتجون بين من يتفق معهم ومن لا يستسيغهم.
• • •
يعتمد مفهوم الثقافة الجماهيرية على جعل المواد الثقافية فى متناول الجميع وليس حكرا على النخب. كما يتضمن المفهوم فكرة أن يشعر الفرد بحقه فى التعبير عما فى باله مستخدما الغناء أو الرسم أو التمثيل أو غيرها. أظن أن كثيرا من محاولات فك القيود السياسية عن المجتمعات تكون من خلال الفنون والثقافة. أظن أن الطرب والتمايل على غناء صباح فخرى فى ليلة صيفية حين كان يغنى فى قلعة حلب الأثرية هو أكبر دليل على تشرب أهل مدينة بأكملها القدود والموشحات عبر الأنظمة السياسية وتراكم عبر القرون والأجيال حيث اندمجت ألحان كثيرة تختلف مصادرها فى ذاكرة جمعية حافظ عليها أهل حلب وشاركوا بها مع غيرهم بالوقت ذاته.
• • •
ينطبق الوصف فى نظرى على جمهور السيدة أم كلثوم وما خلقته هى من حالة جماهيرية طوال مسيرتها ولعقود من بعدها ما زالت قائمة حتى الساعة. ألتقط أحيانا أجزاء من مقطوعة حين أمر أمام قهوة فى القاهرة أو أمام شباك مفتوح أو حين تمر قربى سيارة تخرج منها نغمة. أم كلثوم للجميع، حتى لو غنت للنخبة فى حفلاتها. يمتلئ الفضاء الأزرق بصور بالأبيض والأسود لحفلات فى دار الأوبرا ودور أخرى كان يصعب على قطاعات كثيرة الوصول إلى فعاليات أقيمت فيها، إنما شعرت القطاعات نفسها أنها أيضا تصل إلى أم كلثوم وتملك جزءا من ذاكرة جماعية حول الست والبلد والمنطقة بأكملها!
• • •
الحق فى الاستمتاع بالفنون والثقافة ليس ترفا، أتذكر هذا فى كل مرة أقارن فيها جماهير بعض الفعاليات وغيرها وأحزن للحواجز التى تجعل من الثقافة جزرا يصعب على الكثيرين أن يصلوا إليها. عروض الشارع وطلاب الموسيقى ممن يعزفون فى محطات المترو، وبطاقات المهرجانات ذات الأسعار المعقولة، ومجتمع يكرس جزءا من دخله لشراء البطاقة لأنها لن تكسر ميزانية البيت، وبلاد تسمح بعروض تتحدى الواقع وتخلق حوله نقاشات: هذا ليس ترفا، بل وسيلة لاستمرار تجديد الأفكار وتحدى المفاهيم ومحاولة للحفاظ على بعضها فليست كل الأفكار للرمى فى سلة المهملات كما ليست كلها مبدعة! المجتمع الراكد هو ذلك الذى تحتكر فيه النخبة الفعاليات الثقافية وتحتقر ما تعتبره خارج تعريفها هى للثقافة. المجتمع الحيوى هو تلك المجموعات التى تزهر بين الحجر وتقدم مادة للنقاش والتفاعل. المجتمع الحيوى هو مجتمع يكتشف دوما أدوات جديدة للتعبير ويفرد اكتشافاته على مساحة الآخرين دون أن يفرضها، فيختار الآخرون إن كانوا يريدون أن يتمايلوا على موسيقى طابعها جديد أو يبتعدوا عنها. إذ من حق الناس أن يحبوا فعالية أو يرفضوها، وسيساهم الرأيان فى إغناء المجتمع والثقافة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فعاليات ثقافية للجميع حق فعاليات ثقافية للجميع حق



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon