توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أنت على حق يا نهرو!!!».. والدليل: قالولوا!

  مصر اليوم -

«أنت على حق يا نهرو» والدليل قالولوا

بقلم - فاطمة ناعوت

دولةُ القانون دولةُ العدالة دولةُ المواطنة = «الجمهورية الجديدة» التي تعدلُ بين جميع المواطنين ولا تمايزُ بينهم عقديًّا. وقضى القضاءُ المصرى بإعدام قاتل الأب الشهيد «أرسانيوس وديد»، في دولة الحق. والعجيب أن القاتل لم يندم على ارتكاب جريمته، بل «حسبن» وهتف بأن الجنّة في انتظاره. وكذلك صرخ محاميه لحظة الحكم بإعدام موكّله: (أنت على حقّ يا نهرو)!!! والحقُّ أننى «مستخسرة» في القاتل اسم: «نهرو»، أحد قادة الاستقلال والعدالة في الهند «جواهر لال نهرو» الذي نادى بمبادئ «المهاتما غاندى» حول العدالة والحقوق! ولكن مَن وراء إيمان القاتل بأن «قتلَ المسيحىّ حقٌّ لا يستوجب العقاب بل يودى الجنّة»؟! إنها ثقافة: «قالوا له» التي تعلّمها على يد مُضلِّين مازالوا للأسف يعيثون في المجتمع فسادًا، على صفحات سوشيال ميديا والقنوات المشبوهة. (لماذا قتلت الدكتور «فرج فودة»؟)، (عشان كافر!). (أى كتاب من كتبه عرفت منه إنه كافر؟). (أنا مبعرفش أقرأ. بس قالولى إنه كافر، فقتلته!). ذاك القاتل «من ضحايا قالولوا». وسَلْ أىّ ضحية مماثلة: (تعرف إيه عن ابن رشد؟!) سوف يقسم لك أنه كافر!. هو لم يقرأ حرفًا لابن رشد. لكنه «سمع» من «سامع» عن «سامع» عن «سامع السامع» أن أحدهم كان «يسمع» ممن «سمع» أنه كافر! تلك هي «الثقافة السمعية» التي تُزهق الأرواحَ وتدمر المجتمعات.
في مسرحية «شاهد مشافش حاجة»، سُئل الشاهد (اللى مشافش حاجة) «عادل إمام» سؤالا عن جارته القتيلة. فأجاب. ولما سأله ممثل النيابة كيف عرفت؟، قال: «إن الناس قالولوا». فهتف دفاع المتهم: (الدليل: قالولووووا)!!.

كم من جرائم إنسانية كبرى راحت ضحيتها قممٌ فكرية ورموز شاهقة من العسير على الإنسانية أن تعوضهم بسبب تلك الثقافة «الأُذنية» «الببغائية» البغيضة، ثقافة: «قالولوا». فالذى طعن «نجيب محفوظ»، «قالولوا» إنه كافر! وبفرض، جدلا، أن من حق إنسان قتل إنسان لا يؤمن بعقيدته، وهذا قطعًا غير صحيح، إلا أن السيد القاتل أصلا لم يرهِق نفسَه وقرأ للأديب رواية ولا قصة ولا مقالا ليعرف إن كان كافرًا أم غير ذلك، قبل أن يضرب خنجره في عنق الرجل العجوز الذي يتوكأ على عصاه. واللذان قتلا العظيم «فرج فودة»، الناس «قالولوهم» إنه عدو الإسلام، دون أن يقرآ له حرفًا. ولو فعلا لتأكدا أنه أكبرُ ناصر للإسلام لو عرفا. لكنهما ضغطا الزناد دون أن يشقّا على نفسيهما بجهد القراءة، فهما أُميّان «مش بيفكوا الخط». وعُد بالزمن لتُذهل من كمّ شهداء عظام كُفّروا وأهينوا ونُفيو وخيض في أعراضهم بالزور والكذب والبهتان، ومفتاح السر دائما: «والدليل: قالولووووا».

فلاسفة ومفكرون وأدباء عُذِّبوا وشُتموا وأهينوا ولايزالون يتلقون اللعنات من بشر لم يقرأوا كتبهم ولا قاربوا فكرهم. «نصر حامد أبوزيد» (العقلانية في تفسير النص)، الشيخ «على عبدالرازق» (الإسلام وأصول الحكم)، «خالد محمد خالد» (من هنا نبدأ)، «طه حسين» (فى الشعر الجاهلى)، والقائمة تطول وصولا إلى الحلاج والسهروردى والنفّرى وابن عربى، والعظيم العلاّمة الفيلسوف شارح أرسطو وصاحب اليد البيضاء على نهضة أوروبا «الوليد ابن رشد»، الذي قال بعدما اكتشف أن فكره أصعب من أن يستوعبه الجميع: «لا ترمِ نورَك للعامّة».

تلك إحدى الِمحن الفكرية الكبرى المتجذّرة فينا منذ الطفولة، بكل أسف. ثقافتُنا «سمعيةٌ»، وصوتُنا عالٍ، وضمائرُنا، دائمًا، مستريحة ونحن نسبّ ونلعن ونقتل. لهذا ينعتُ البعض العربَ بأنهم: «ظاهرةٌ صوتية»، ولا شىء أكثر.

وإن خرجنا عن الدائرة العربية تصدمنا واقعة «سقراط»، «أبى الفلاسفة» الذي تجرّع السُّمَ طوعًا، رافضًا الهروب كما رتّب له تلامذته. لحظة الحكم بإعدامه شعر «سقراط» أنه جاء في الوقت الخطأ، ليُنير الطريق لعميان لم يُقدّروا فكره وعلمه فقتلوه، فآثر الرحيلَ واستعذب مذاق السمّ! وأظنُّ أن كل تنويرى يُهانُ ويُسبُّ ويُشتَم ولا يُقدّر في مجتمعه، لابد يشعرُ في لحظة ما بأنه «جاء في الوقت الخطأ». وهذا غير صحيح في تقديرى. فلو جاء في زمان يناسب أفكاره التنويرية وحلّ على مجتمع مستنير، ما كان له دورٌ ولا كان لمشعله رسالة.

جميعُ قتلة التنوير عبر التاريخ لا يقرأون! لكنهم يصدقون أنهم يقتلون دفاعًا عن الله! والله تعالى لم يطلب دفاعهم، بل طلب منهم أن: «يقرأوا»، «يتبيّنوا»، «يتدبّروا»، «يتفكّروا»، و«يعقلوا» كما يأمرنا الكتاب. لكنهم لم يفعلوا، ولا يفعلون، ولن يفعلوا. ولماذا يفعلون ومعهم دليل الإدانة وهدر الدم جاهز سهل طيّبُ الثمر. الدليل: «قالولوووا».

شكرًا لدولة القانون والعدالة وقضاء مصر المحترم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أنت على حق يا نهرو» والدليل قالولوا «أنت على حق يا نهرو» والدليل قالولوا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon