توقيت القاهرة المحلي 10:37:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أنت على حق يا نهرو!!!».. والدليل: قالولوا!

  مصر اليوم -

«أنت على حق يا نهرو» والدليل قالولوا

بقلم - فاطمة ناعوت

دولةُ القانون دولةُ العدالة دولةُ المواطنة = «الجمهورية الجديدة» التي تعدلُ بين جميع المواطنين ولا تمايزُ بينهم عقديًّا. وقضى القضاءُ المصرى بإعدام قاتل الأب الشهيد «أرسانيوس وديد»، في دولة الحق. والعجيب أن القاتل لم يندم على ارتكاب جريمته، بل «حسبن» وهتف بأن الجنّة في انتظاره. وكذلك صرخ محاميه لحظة الحكم بإعدام موكّله: (أنت على حقّ يا نهرو)!!! والحقُّ أننى «مستخسرة» في القاتل اسم: «نهرو»، أحد قادة الاستقلال والعدالة في الهند «جواهر لال نهرو» الذي نادى بمبادئ «المهاتما غاندى» حول العدالة والحقوق! ولكن مَن وراء إيمان القاتل بأن «قتلَ المسيحىّ حقٌّ لا يستوجب العقاب بل يودى الجنّة»؟! إنها ثقافة: «قالوا له» التي تعلّمها على يد مُضلِّين مازالوا للأسف يعيثون في المجتمع فسادًا، على صفحات سوشيال ميديا والقنوات المشبوهة. (لماذا قتلت الدكتور «فرج فودة»؟)، (عشان كافر!). (أى كتاب من كتبه عرفت منه إنه كافر؟). (أنا مبعرفش أقرأ. بس قالولى إنه كافر، فقتلته!). ذاك القاتل «من ضحايا قالولوا». وسَلْ أىّ ضحية مماثلة: (تعرف إيه عن ابن رشد؟!) سوف يقسم لك أنه كافر!. هو لم يقرأ حرفًا لابن رشد. لكنه «سمع» من «سامع» عن «سامع» عن «سامع السامع» أن أحدهم كان «يسمع» ممن «سمع» أنه كافر! تلك هي «الثقافة السمعية» التي تُزهق الأرواحَ وتدمر المجتمعات.
في مسرحية «شاهد مشافش حاجة»، سُئل الشاهد (اللى مشافش حاجة) «عادل إمام» سؤالا عن جارته القتيلة. فأجاب. ولما سأله ممثل النيابة كيف عرفت؟، قال: «إن الناس قالولوا». فهتف دفاع المتهم: (الدليل: قالولووووا)!!.

كم من جرائم إنسانية كبرى راحت ضحيتها قممٌ فكرية ورموز شاهقة من العسير على الإنسانية أن تعوضهم بسبب تلك الثقافة «الأُذنية» «الببغائية» البغيضة، ثقافة: «قالولوا». فالذى طعن «نجيب محفوظ»، «قالولوا» إنه كافر! وبفرض، جدلا، أن من حق إنسان قتل إنسان لا يؤمن بعقيدته، وهذا قطعًا غير صحيح، إلا أن السيد القاتل أصلا لم يرهِق نفسَه وقرأ للأديب رواية ولا قصة ولا مقالا ليعرف إن كان كافرًا أم غير ذلك، قبل أن يضرب خنجره في عنق الرجل العجوز الذي يتوكأ على عصاه. واللذان قتلا العظيم «فرج فودة»، الناس «قالولوهم» إنه عدو الإسلام، دون أن يقرآ له حرفًا. ولو فعلا لتأكدا أنه أكبرُ ناصر للإسلام لو عرفا. لكنهما ضغطا الزناد دون أن يشقّا على نفسيهما بجهد القراءة، فهما أُميّان «مش بيفكوا الخط». وعُد بالزمن لتُذهل من كمّ شهداء عظام كُفّروا وأهينوا ونُفيو وخيض في أعراضهم بالزور والكذب والبهتان، ومفتاح السر دائما: «والدليل: قالولووووا».

فلاسفة ومفكرون وأدباء عُذِّبوا وشُتموا وأهينوا ولايزالون يتلقون اللعنات من بشر لم يقرأوا كتبهم ولا قاربوا فكرهم. «نصر حامد أبوزيد» (العقلانية في تفسير النص)، الشيخ «على عبدالرازق» (الإسلام وأصول الحكم)، «خالد محمد خالد» (من هنا نبدأ)، «طه حسين» (فى الشعر الجاهلى)، والقائمة تطول وصولا إلى الحلاج والسهروردى والنفّرى وابن عربى، والعظيم العلاّمة الفيلسوف شارح أرسطو وصاحب اليد البيضاء على نهضة أوروبا «الوليد ابن رشد»، الذي قال بعدما اكتشف أن فكره أصعب من أن يستوعبه الجميع: «لا ترمِ نورَك للعامّة».

تلك إحدى الِمحن الفكرية الكبرى المتجذّرة فينا منذ الطفولة، بكل أسف. ثقافتُنا «سمعيةٌ»، وصوتُنا عالٍ، وضمائرُنا، دائمًا، مستريحة ونحن نسبّ ونلعن ونقتل. لهذا ينعتُ البعض العربَ بأنهم: «ظاهرةٌ صوتية»، ولا شىء أكثر.

وإن خرجنا عن الدائرة العربية تصدمنا واقعة «سقراط»، «أبى الفلاسفة» الذي تجرّع السُّمَ طوعًا، رافضًا الهروب كما رتّب له تلامذته. لحظة الحكم بإعدامه شعر «سقراط» أنه جاء في الوقت الخطأ، ليُنير الطريق لعميان لم يُقدّروا فكره وعلمه فقتلوه، فآثر الرحيلَ واستعذب مذاق السمّ! وأظنُّ أن كل تنويرى يُهانُ ويُسبُّ ويُشتَم ولا يُقدّر في مجتمعه، لابد يشعرُ في لحظة ما بأنه «جاء في الوقت الخطأ». وهذا غير صحيح في تقديرى. فلو جاء في زمان يناسب أفكاره التنويرية وحلّ على مجتمع مستنير، ما كان له دورٌ ولا كان لمشعله رسالة.

جميعُ قتلة التنوير عبر التاريخ لا يقرأون! لكنهم يصدقون أنهم يقتلون دفاعًا عن الله! والله تعالى لم يطلب دفاعهم، بل طلب منهم أن: «يقرأوا»، «يتبيّنوا»، «يتدبّروا»، «يتفكّروا»، و«يعقلوا» كما يأمرنا الكتاب. لكنهم لم يفعلوا، ولا يفعلون، ولن يفعلوا. ولماذا يفعلون ومعهم دليل الإدانة وهدر الدم جاهز سهل طيّبُ الثمر. الدليل: «قالولوووا».

شكرًا لدولة القانون والعدالة وقضاء مصر المحترم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أنت على حق يا نهرو» والدليل قالولوا «أنت على حق يا نهرو» والدليل قالولوا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon