بقلم - فاطمة ناعوت
نستقبلُ «عيدَ الفطر المبارك» في جمهوريتنا الجديدة ونحن نشكرُ اللهَ على «نعمة الوطن»، الذي يعلو يومًا بعد يوم ويزدادُ قوةً واستقرارًا رغم محاولات جبهة الشرِّ بين الحين والحين لغرس بذور الشِّقاق وإشعال بارود الفتن؛ حقدًا على مصرَ وحسدًا لوحدة صفّ المصريين شعبًا واحدًا حول قائد استثنائى عظيم تتمناه شعوبٌ كثيرة، أنقذ مصرَ من براثن الخاطفين ثم راح يُرمّم صدوعها ويشيد دعائمها على قيم المواطنة والعلم والعدالة والتحضر.
على هواتفكم ابحثوا عن أغنية «غنيتُ مكةَ»، وأنصتوا إلى صوت فيروز السماوى يشدو: (غنيتُ مكة أهلَها الصيدا/ والعيدُ يملأ أضلُعى عيدا/ فرحوا فلألأ تحت كلِّ سمًا/ بيتٌ على بيتِ الهُدى زِيدا/ وعلى اسم ربِّ العالمين/ علا بُنيانُهم كالشَّهبِ ممدودا/ يا قارئَ القرآنِ صَلِّ لهم/ أهلى هناك وطَيِّبِ البِيدا/ مَن راكعٌ ويداه آنستا/ أنْ ليس يبقى البابُ موصودا/ أنا أينما صلّى الأنامُ/ رأتْ عينى السماءَ تفتحت جودا/ لو رملةٌ هتفتْ بمبدعها شجوًا/ لكنتُ لشجوها عودا/ ضجَّ الحجيجُ هناك فاشتبكى بفمى هنا يا وُرْقُ تغريدا/ وأعزَّ ربّى الناسَ كلَّهمُ/ بيضًا فلا فرّقتَ أو سُودا/ لا قَفرةٌ إلا وتُخصِبُها/ إلا ويُعطَى العطرَ لا عودا/ الأرضُ ربى وردةٌ وُعِدَت بكَ أنت تقطفُ/ فاروِ موعودا/ وجمالُ وجهِك لا يزالُ رجًا يُرجى/ وكلٌّ سواهُ مردودا).
تأملوا كلماتِ الأنشودة الإسلامية العذبة التي تُلخصُ «رسالة المحبة والتنوير» التي نحاولُ تكريسَها تحت مظلة الإنسانية. تصوروا أغنيةً عن مكّة المكرمة والقرآن الكريم ومشاهِد ركوعنا وسجودنا وحَجّنا وحجيجنا وأعيادنا الإسلامية، كتبها ولحّنها وعزف موسيقاها وشدا بها.. «مسيحيون»!. ذاك هو الجمال والتحضر و«الكود الأخلاقى» الرفيع الذي نصبو إليه دائمًا في رسالة التنوير. القصيدة البديعة: كتبها «سعيد عقل»، ولحّنها الأخوان «عاصى ومنصور رحبانى»، وعزفها أوركسترا وكورالُ الرحابنة، وغنّتها «جارةُ القمر» فيروزةُ الكوكب «نهاد حدّاد»، المعروفة باسم «فيروز»، وجميعُ مَن سبق عباقرةٌ «مسيحيون» أحبوا الله فأحببهم اللهُ في جميع خلق اللهِ مهما اختلفت عقائدُهم. كلما سمعتُ تلك الأغنية أتأملُ الفكرة من ورائها وأتأكدُ أن التنوير قادرٌ على صياغة المجتمع على النحو الصحى، النقىّ من الأدران العنصرية، وأن القوى الناعمة إذا أُحسِن توظيفُها، قادرةٌ على النهوض بالبشر فكريًّا وأخلاقيًّا. الفنّان «الحقيقى» يجيدُ صناعة الفن مضفورًا «بالحق والخير والجمال»، وتلك هي رسالة التنوير التي نرجوها. تُفرّقنا المصالحُ والسياسات أحزابًا وتكتلاتٍ وشِيعًا وجبهات وأغنياءَ وفقراء ويمينًا ويسارًا وبيضًا وسودًا وصُفرًا وأقرباءَ وغرباء وأكثريات وأقليات ومواطنين ووافدين ولاجئين، وتُشتتنا الطائفياتُ: طوائفَ ومذاهبَ ونِحلًا ومِلَلًا وحروبًا خاسرة لجميع أطرافها.. ولا يجمعُ شتاتنا تحت مِظلّة الإنسانية إلا التنويرُ والتحضّر والحب.
بعد انتهاء شهر الصوم الفضيل، أهديكم في عيد الفطر المبارك أغنيةً أخرى شدا بها صوتٌ مسيحى آخر هو عظيمُ الغناء: «وديع الصافى» يغنى لشهر رمضان: «شهرنا السمحُ قد بدا/ خيّرًا يغدقُ الندى/ يمنحُ الطِيبَ والسنا/ يرسلُ النورَ والهدى/ يسعدُ المؤمنَ الذى/ نالَ بالصومِ مقصدا».
هذا عيدُ الفطر المبارك، أعاده اللهُ علينا بالبركة والمغفرة. والعامَ القادم بإذن الله يعاودنا العيد، وقد رفعَ الله عن البشرية الجوائح والحروب ومَنَّ برحمته على العالمين. اللهم تقبّلْ صيامَنا مسلمين ومسيحيين واستجبْ لدعوات قلوبنا واحمِ مصرَ من أهل الشرّ الذين يكيدون لها ويكرهون نهضتَها المشهودة التي صدق بها الرئيسُ السيسى وعدَه؛ حين قال لنا في بداية عهده: (مش عاوزين نجرى بس، عاوزين نقفز عشان نعوّض ما فاتنا). وهذا بالفعل ما نشهده بعيوننا على مدار الساعة في جميع ربوع مصر من عجلة تنمية مستدامة تتواثب في ثقة وطموح في جميع مناحى الحياة ولا تتوقف ولن تتوقف؛ بل تُدهشُ العقول وتملأ قلوبَ المصريين بالثقة في غدٍ وشيك مُشرق يبهر عيونَ الدنيا بإذن الله. كلُّ عامٍ ومصرُ أبهى وأجمل كما يليقُ باسمها العظيم العريق المتجذِّر في أولى صفحات كتاب التاريخ.
التوحدُ على مبدأ الإنسانية والمواطَنة هو السُّلَّم المتين الذي ترتقى به الأوطانُ على دَرَج النهوض والتقدم. بينما نصالُ الشتات والتنمّر والغلظة والتناحر الطائفى تنخرُ كما السوس في جسد الإنسانية والأوطان حتى تتهاوى المجتمعات وتموت. لهذا حرص الرئيس «عبدالفتاح السيسى» منذ توليه الحكم عام ٢٠١٤ على تكريس مبدأ العدالة والمواطنة وإخماد نيران الفتن لأنه يدركُ أن تلك هي اللبنةُ الأولى التي بها يُشيّدُ «الجمهورية الجديدة» على أسس حضارية محترمة وراقية. عيد فطر مبارك على مصر والعالم، وكل عام ومصرُ بهيةٌ مشرقة تثبُ نحو النور والرخاء بخطى رشيقة واسعة. «الدينُ لله والوطنُ لمَن يحبُّ الوطنَ، وتحيا مصر».