توقيت القاهرة المحلي 10:22:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكاية بنت اسمها فافى

  مصر اليوم -

حكاية بنت اسمها فافى

بقلم : فاطمة ناعوت

 هذا أصعب مقال فى الدنيا. لهذا سأكتبُه بالعامية المصرية. ليه صعب؟ لأن الكتابة من داخل الدائرة صعبة. وليه بالعامية؟ لأنه فضفضة لأصدقاء. مفيش قضية غير الكلام عن بنت من مصر. مناسبة المقال إن «المصرى اليوم» قررت تخصيص عدد النهارده للاحتفاء بكائن جميل اسمه المرأة، عشان النهارده «اليوم العالمى للمرأة». الحكاية عن بنت صغيرة شقية و«لمضة» اسمها «فافى». و«لمضة» دى لها حكاية.

وهى طفلة كانت بتسأل مامتها: «ليه الراجل ده أعمى؟ وليه البنت دى مشلولة؟ وليه الست دى بتشحت؟» وكانت الإجابات صادمة: «ربنا عاوز كده!» تسأل تانى: «ليه أنا باشوف والراجل لأ؟ ليه أنا بامشى والبنت لأ؟ ليه عندنا أكل فى البيت والست لأ؟ هو ربنا مش عادل يا ماما؟!» وكانت مامتها لما تزهق من كتر الأسئلة تقولها: «كفاية لماضة بقا!» وهكذا حصلت على لقب عمرها ما فهمت معناه، ولا فهمت هو مدح ولّا ذم. عشان أحيانا كانت مامتها تقوله وهى مكشَّرة وزهقانة، وساعات تقوله وهى بتضحك لصاحبتها: «فافى طالعة لمضة أوى وبتسأل كتير هاهاها». وكانت صاحبتها ترد: «ما شاء الله، بخريها يا سهير. هاهاها». وفضلت «فافى» محتارة فى تعريف هذا المصطلح الغامض حتى لما كبرت. وكبر السؤال معاها: «ليه مفيش عدل فى الدنيا؟ ليه البنت الحزينة بتقعد فى آخر الفصل تعيط عشان مامتها ماتت ومامتى أنا عايشة؟» ولم تقنعها عبارة: «ربنا عاوز كده!» ربنا جميل ومش بيظلم. بدأت تحلّ المشكلة بطريقتها.

فى الطريق للمدرسة تشوف أعمى، تروّح البيت تدخل أوضتها وتغمض عيونها نص ساعة وتمشى تتخبّط فى السرير والمكتب والدولاب. تشوف بنت عندها شلل أطفال، تدخل أوضتها وتثنى ساقها وتمشى بقدم واحدة لغاية ما تتعب وتقع. كانت متصورة إنها كده بتحقق مبدأ العدل، عشان الدنيا تمشى صح.

لما كبرت شوية بدأت تفكر بطريقة تانية. أكيد ربنا خلق عميان عشان يخلينا إحنا عيونهم. وخلق مشلولين عشان نكون إحنا سيقانهم. ربنا بيعلمنا درس الرحمة. كانت ساكنة فى شارع فيه جريك وأرمن كبار السن. ترجع من المدرسة ترمى الشنطة لعم عبده البواب وتجرى تساعد الستات العواجيز تشيل مشترواتهم وتمشى جنبهم لغاية ما توصّلهم لبيوتهم. وطبعا ترجع البيت تتعاقب من مامتها عشان خايفة عليها. «إزاى تروحى بيوت ناس غريبة؟ مين قالك تعملى كده؟!» فافى تجاوب وهى تبكى: «ربنا امبارح كلمنى وقالى أعمل كده». وكانت فاكرة إن مامتها بتصدق الكذبة دى لما تضحك فجأة وتقول: «ياااادى اللماضة!».

ووصلت «فافي» لقرار نهائى. «أكيد ربنا عادل. وأكيد عنده حكمة فى توزيع المنح. ومش بإيدينا نفهم الحكمة دى ولا نغيرها. لكن بإيدى وبإيد كل الناس على الأقل إننا نمنع الظلم اللى بنظلمه إحنا لبعض». تقف فى الشباك تشوف أطفال أشقيه رابطين كلب من رقبته بحبل وبيعذبوه. تنزل من ورا مامتها وتصرخ فيهم: «كان ممكن جدا ربنا يخلقكوا كلاب ويخلقه هو إنسان. تحبوا إنه يعذبكوا؟ صدفة جميلة خلتنا بشر، يبقى إزاى نعذب اللى نفس الصدفة مخلتوش إنسان؟» وكان الأطفال يضحكوا ويسخروا منها، ويرفضوا يحرروا الكلب، إلا لما ياخدوا مصروفها. وأصبح ده قانون. جزء من مصروفها اليومى رايح للعيال السخفاء اللى بيعذبوا الكلاب والقطط.

وكبرت فافى وقضية «العدل» شاغلة كل تفكيرها. تشعر بالخجل من كل إنسان ماشى على الأرض وهى راكبة عربية. تشعر بتأنيب الضمير كل ما تشوف حد مريض وهى سليمة. تشعر بالكسوف وتبص فى الأرض كل ما تشوف حد كفيف ماشى بعصاية. ولما تتكاسل عن مساعدة حد فقير أو مريض، أو لما تتغاضى عن نُصرة مظلوم أو رد غيبة غائب، كانت تتعرض لمحنة تعذيب المرآة. وابتكرت نظرية طفولية اسمها: «عقاب المرايا». هاحكيلكم عنها فى مقال قادم. بس بالفصحى بقا عشان تعبت أوى فى كتابة المقال ده بالعامية. ياااااه! العامية صعبة قوى يا عم أبنودى، ويا عم حجاب، ويا عم بيرم، ويا عم حدّاد. أنحنى أمام عظمتكم. كل سنة وكل نساء العالم جميلات.

نقلًا عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية بنت اسمها فافى حكاية بنت اسمها فافى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon