توقيت القاهرة المحلي 12:48:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رأسُ السنة المصرية ٦٢٦٥.. عيدٌ قومى

  مصر اليوم -

رأسُ السنة المصرية ٦٢٦٥ عيدٌ قومى

بقلم - فاطمة ناعوت

أمس الأول، ١١ سبتمبر احتفلنا برأس السنة المصرية رقم ٦٢٦٥ على التقويم المصرى القديم، الذى بدأ قبل أكثر من اثنين وستين قرنًا من الزمان. وعلينا أن نتذكر أن «رأس السنة المصرية» هو عيدٌ «وطنىُّ» عظيم يخصُّ المصريين «جميعًا» (وليس عيدًا دينيًّا مسيحيًّا، كما يظنُّ البعض). لأن هذا التقويم العريق موجودٌ قبل نزول المسيحية وقبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام بأكثر من ٤٠٠٠ سنة. وأرجو أن تحتفل به مصرُ رسميًّا فى مقبل السنوات كـ «عيد قومىّ»، لأنه «رأسُ حَربة» اعتزازنا بهويتنا المصرية الرائدة الخالدة التى تولى الدولةُ المصرية الراهنة الكثيرَ من الاهتمام بترسيخها فى وجدان الشعب المصرى، ابن تلك الحضارة العريقة الخالدة.

ولمعرفة السبب فى خلط بعض الناس بين «رأس السنة المصرية القديمة كعيد مصرى»، وبين «رأس السنة القبطية كعيد مسيحى»، دعونا نحكى القصة من البداية. بدأ التقويم المصرى القديم منذ ٦٢٦٥ عامًا، حينما اكتشف الجدُّ المصرى العبقرى حتمية تدوين الزمن، وابتكار تقويم زمنى دقيق، من أجل تنظيم عمليات الزراعة من حيث تواقيت: الحرث والغرس والرىّ والحصاد. وظل التقويم المصرى قائمًا وحده حتى عام ٢٨٤ ميلادية، حين حدث «عصر الشهداء» الأقباط فى مصر، بسبب رفض المسيحيين المصريين الطقوسَ الوثنية فى عهد الإمبراطور الرومانى «دقلديانوس». فى ذلك العام قرّر المصريون «تصفير» التقويم المصرى القديم ليبدأ من تاريخ عصر الشهداء تخليدًا للشهداء المصريين. هنا تزامن «التقويمُ المصرى» مع «التقويم القبطى»، وظل الاختلاف فى العدّاد الزمنى قائمًا. ولهذا صار لدينا تقويمان: المصرى القديم، ووصلنا إلى عام ٦٢٦٥ مصرية، والتقويم القبطى ووصلنا إلى عام ١٧٤٠ قبطية.

وبالعودة إلى رأس السنة المصرية القديمة، فمن أسمائه عيد «النيروز» المشتقّ من الكلمة المصرية القديمة: «ني- يارؤو»، وتعنى: (الأنهار). لأن شهر (توت/ تحوت) وهو أول الشهور المصرية والقبطية، يتوافق مع موعد اكتمال فيضان نهر النيل (حابى)، أصل الحضارة والحياة عند سلفنا المصرى العبقرى. وسبب تحوّر الكلمة المصرية: «ني- يارؤو»، إلى «النيروز»، يعود إلى الإغريق الذين دخلوا مصر غزاةً عام ٣٢٣ ق. م.، وكعادة الإغريق اللغوية فى إضافة حرف (س) إلى أسماء الأعلام، فقد أضافوا للكلمة القبطية حرف (س)، فتحولت كلمة (نى يارؤو) إلى (نيروس)، التى تَحوَّر نطقُها مع الوقت إلى: (نيروز).

التقويم المصرى القديم يحفظُه عن ظهر قلب كلُّ فلاح مصرى، إذ يحسِبُ من خلاله مواعيدَ غرس البذور وحصاد المحاصيل وفق شهورها الثلاثة عشر: (توت، بابة، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونة، أبيب، مسرا، النسى)، وهى ما تُعرف اليوم بالشهور القبطية. أما العالم المصرى الكبير «تحوت»، أو «توت» كما اشتُهر، فيعود إليه الفضلُ فى ابتكار التقويم المصرى القديم، ولهذا تبدأ الشهورُ المصرية باسمه (توت) تخليدًا لمقامه الرفيع فى العلوم والمعرفة والفلك واللغة والرياضيات والحساب والألسنيات والفلسفة. وهو كذلك مخترعُ حروف الأبجدية الهيروغليفية التى خلّدت حضارتنا المصرية الثرية. وهى الحروف المكتوبة على حجر رشيد والتى من خلالها تعرفنا على شطر من تاريخنا العظيم. لهذا يُعرف «توت» أو «تحوت» بـ «ربّ القلم»، فكرّمه المصريون القدامى ونصّبوه إلهًا للحكمة والمعرفة، فى الميثولوجيا المصرية، تقديرًا لعلمه الموسوعى الغزير. وتُصوِّره الجدارياتُ الفرعونية بجسم إنسان ورأس طائر «أبى منجل». ويكون بهذا هو النظيرَ الذكورى للإلهة «ماعت» ربّة العدالة فى أدبياتنا المصرية، التى يحتلُّ تمثالُها جداريات جميع محاكم العالم فى صورة امرأة جميلة معصوبة العينين تمسك بيدها ميزانًا، هو ميزان العدالة الذى صار رمزًا للقانون والعدل فى التراث الإنسانى كافة. وأما عُصبة العينين فدلالة على الحياد التام للقاضية التى لا تنظر إلى وجوه الخصوم لكى تحكم بينهم بالحق والعدل بعيدًا عن الأهواء والمنازع الشخصية. فى المحكمة الأوزورية (نسبة إلى أوزوريس) التى يتم فيها محاسبة الموتى، كانت ريشة «ماعت»، رمزَ الضمير، توضع فى إحدى كفّتى الميزان مقابل الكفة الأخرى التى يوضع فيها قلبُ المتوفى لحظة حسابه، كما تقول الأسطورة المصرية القديمة. فإن ثَقُل قلبُ الميت، وهبطت كفّته عن كفة الريشة، كان المرحوم مثقلا بالآثام والخطايا فيُلقى به إلى الوحش الأسطورى «عمعموت» حتى يأكله ويفنى، أما من خفّ قلبُه عن ريشة ماعت، كان متخفّفًا من الآثام، ولا خوفٌ عليه ليدخل الأبدية فى صحبة الإله «أوزوريس». أما من يقوم بحساب حسنات الميت وذنوبه ويدوّنها فى دفتره، فكان هو الإله «تحوت»، أو «توت»، الذى نحتفل اليوم بعيده مع رأس السنة المصرية. وفى عظمة العالم المصرى «تحوت» تُكتب عشرات المقالات. ومن بين إبداعاته أنه المسؤول عن توازن قوى الخير وقوى الشر فى الطبيعة، كما ورد فى الأدبيات المصرية القديمة، وهو ما سأطرحه فى مقال قادم بإذن الله. سنة مصرية جديدة سعيدة، حاشدة بالرحمة من الله تعالى على جميع البشر فى هذا العالم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رأسُ السنة المصرية ٦٢٦٥ عيدٌ قومى رأسُ السنة المصرية ٦٢٦٥ عيدٌ قومى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon