توقيت القاهرة المحلي 01:35:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خطاباتُ جدّى وجدّتى.. تعليم زمان

  مصر اليوم -

خطاباتُ جدّى وجدّتى تعليم زمان

بقلم - فاطمة ناعوت

هذا المقال أهديه لأولياء الأمور الغاضبين من تطوّر العملية التعليمية الذى تشهدُه مصرُ منذ سنواتٍ خمس، تحت قيادة وزير التعليم الإصلاحىّ، د. «طارق شوقى»، لينهضَ بالنشء الجديد الذى يُعَدُّ، منذ تولّى الرئيس السيسى حكمَ مصرَ، لتحمّل مسؤولية الوطن فى غدِ «الجمهورية الجديدة». أيها الأعزاءُ الغاضباتُ والغاضبون من صعوبة مناهج التعليم اليوم وعسر الامتحانات، تعالوا نقرأ معًا أسئلة امتحان الثانوية العامة لطلاب الثانوية العامة عام ١٩٣٧ فى مادة «التربية الوطنية والأخلاق»، وضَعوا عشرين خطًّا تحت كلمة: «الأخلاق».

١- إلى أى حدٍّ ترى أن السعادة العامة تصلحُ لأن تكون مقياسًا للخير والشر؟، وضح رأيك بالأمثلة.

٢- لماذا كان أعضاءُ مجلس النواب المصرى جميعهم منتخبين؟، وما الشروط التى يجبُ توافرها فى المنتخَب؟، وما حكمة تلك الشروط؟، وما الذى يجب عمله لضمان حرية الانتخاب وصيانته من العبث؟.

٣- فى أى الظروف يحسُن اتباع القول: «الرحمةُ فوق العدل»؟، وفى أى الظروف لا يصلح ذلك؟.

٤- وازن بين حالة الأسرة فى مصر، وحالها فى أمّة أخرى تختارُها من بين الأمم المتمدنة.

٥- ما معنى «المثل الأعلى»، وما قيمته للفرد وللأمة؟.

■ ■ ■

كما ترون أيها الأعزاء أن مستوى الأسئلة وعمق مضامينها حرىٌّ أن يجيب عنها فيلسوفٌ إصلاحى فى الأخلاق والسياسة. تلك كانت إحدى حلقات التعليم المصرى الرفيع منذ بداية القرن الماضى الذى أشرق لنا صحواتٍ علميةً وفلسفيةً وأدبية، مثل «مصطفى مشرفة»، «سميرة موسى»، «زكى نجيب محمود»، «أحمد لطفى السيد»، «طه حسين»، وغيرهم المئات من رموز مصر وأهراماتها الفكرية، مثلما أفرز لنا الأديب الكبير «عباس محمود العقاد»، الذى بشهادته الابتدائية فقط يكافئ جيشًا من حَملة درجات الدكتوراه.

النهضة التعليمية التى تحدث فى مصر اليوم هى محاولة لاستعادة بريق التعليم المصرى القديم، الذى يقوم على إعمال الفكر وبناء العقلية النقدية التى تستنتج وتبتكر، لا التى تحفظ و«تصمُّ» كالببغاء، ثم تُفرغُ ما حفظت فى ورق الامتحانات، ثم تتساقط عنها المعرفةُ كما يتساقط الماءُ عن أجسادنا حين نخرج من البحر ونجفُّ تحت الشمس.

دعونى أنقل لكم من صندوق كنوز العائلة بعضًا من مراسلات جدى وجدتى أثناء فترة الخطوبة لتعرفوا معنى وقيمة التعليم الرفيع الذى تحاول مصر استعادته اليوم، وعلينا أن نساعدها على ذلك. أحد الخطابات مؤرخٌ بصيف عام ١٩٤٣، من (محمد) إلى خطيبته (الآنسة فاطمة)، اللذين سيتزوجان ثم ينجبان ابنتهما (سهير)، أمى الجميلة، التى سوف تنجبنى، لأتلصَّصَ على أسرار ذاك الزمان النظيف المثقف.

(حبيبتى الوحيدة الآنسة فاطمة. أحييكِ أفضلَ تحيةٍ، وأقبّلك قبلةَ الإخلاص الأبدىّ، وأبلغك أننى بيدِ السرور، قد تشرّفتُ واستلمتُ كتابكِ الكريم ورسولك الأمين، فأكبرتُه حين قرأتُه، ودعوتُ اللهَ عنى وعنكِ أن يجعل لنا على الدوام مَلَكًا طيّبًا من بين ملائكته، يرقبُنا ويحفظُ لنا عهدينا ويحافظُ علينا من شرِّ حاسدٍ إذا حسد، ومن شرِّ شيطانٍ إذا اقترب، ومن عقارب الزمن إذا غدر. الحُسنُ والوفاء، هذا ما طالعتُه من وجهك الوضّاء. فخرى وإعجابى فى هذا وبعد هذا. ستَريْن الوفاءَ يُتبادَل ويفيضُ إناؤه وَيَعُمُّ، فتسيرُ السفينةُ بحمولتها تمخُرُ عبابَ البحار رافعةً شراعَها تتيهُ دلالًا وعجبًا على مرّ الزمان. الحياءُ والرقّة، هذا ما شاهدتُه ولمسته بيدى. راحتى وسعادتى فى هذا وبعد هذا. ستكونين إن شاء اللهُ من أسعد الخلق فى الدنيا والآخرة. وهبتُك قلبى، فهل تبادليننى الهبة؟. أنتظرُ الردَّ. وأبلغُك تحياتِ السيدة الوالدة، والجميع. تحياتى للسيدة الوالدة وللجميع بالاسم. دعوةٌ منك بقرب يوم اللقاء. قُبلتى، وقُبلتى، وقُبلاتى حتى أتشرفَ برؤياكِ. المخلص محمد).

وكان ردُّ جدتى ما يلى:

(حبيبى العزيز محمد بك. أحييك تحيةَ الوفاء والإخلاص وأمنياتى بمستقبل زاخر بحلو الأيام ومعسول الزمان، وأنتظرُ خطاباتك التى تهدئ الروح وتوقف الشجون. وبعد، فقد عزفتُ على البيانو، كما طلبتَ، مقطوعات من: «إمتى الهوى، يا غائبًا عن عيونى، أنشودة الربيع، على بلد المحبوب». وأسألك عن المقطوعات التى عزفتَها أنت على البيانو لأعرفَ إذا كان الذى فى بالك فى بالى أم لا ونقيس درجة «التخاطر». وسلامى للسيدة المحترمة الوالدة، والجميع. المخلصة فاطمة إبراهيم سليمان).

***

هكذا كانت مراسلات أجدادنا فى زمن التعليم الرفيع، الذى ننشده ونستعيده فى جمهوريتنا الجديدة. رقىُّ اللغة وحسنُ البيان وجمالُ الخط اليدوى وصحيحُ التشكيل وعلامات الترقيم، وتحضرٌ فى الفكر والمشاعر. أولياء الأمور الأعزاء، افرحوا بما سوف يجنى أولادُكم من نهضة التعليم الراهنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاباتُ جدّى وجدّتى تعليم زمان خطاباتُ جدّى وجدّتى تعليم زمان



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon