توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خطاباتُ جدّى وجدّتى.. تعليم زمان

  مصر اليوم -

خطاباتُ جدّى وجدّتى تعليم زمان

بقلم - فاطمة ناعوت

هذا المقال أهديه لأولياء الأمور الغاضبين من تطوّر العملية التعليمية الذى تشهدُه مصرُ منذ سنواتٍ خمس، تحت قيادة وزير التعليم الإصلاحىّ، د. «طارق شوقى»، لينهضَ بالنشء الجديد الذى يُعَدُّ، منذ تولّى الرئيس السيسى حكمَ مصرَ، لتحمّل مسؤولية الوطن فى غدِ «الجمهورية الجديدة». أيها الأعزاءُ الغاضباتُ والغاضبون من صعوبة مناهج التعليم اليوم وعسر الامتحانات، تعالوا نقرأ معًا أسئلة امتحان الثانوية العامة لطلاب الثانوية العامة عام ١٩٣٧ فى مادة «التربية الوطنية والأخلاق»، وضَعوا عشرين خطًّا تحت كلمة: «الأخلاق».

١- إلى أى حدٍّ ترى أن السعادة العامة تصلحُ لأن تكون مقياسًا للخير والشر؟، وضح رأيك بالأمثلة.

٢- لماذا كان أعضاءُ مجلس النواب المصرى جميعهم منتخبين؟، وما الشروط التى يجبُ توافرها فى المنتخَب؟، وما حكمة تلك الشروط؟، وما الذى يجب عمله لضمان حرية الانتخاب وصيانته من العبث؟.

٣- فى أى الظروف يحسُن اتباع القول: «الرحمةُ فوق العدل»؟، وفى أى الظروف لا يصلح ذلك؟.

٤- وازن بين حالة الأسرة فى مصر، وحالها فى أمّة أخرى تختارُها من بين الأمم المتمدنة.

٥- ما معنى «المثل الأعلى»، وما قيمته للفرد وللأمة؟.

■ ■ ■

كما ترون أيها الأعزاء أن مستوى الأسئلة وعمق مضامينها حرىٌّ أن يجيب عنها فيلسوفٌ إصلاحى فى الأخلاق والسياسة. تلك كانت إحدى حلقات التعليم المصرى الرفيع منذ بداية القرن الماضى الذى أشرق لنا صحواتٍ علميةً وفلسفيةً وأدبية، مثل «مصطفى مشرفة»، «سميرة موسى»، «زكى نجيب محمود»، «أحمد لطفى السيد»، «طه حسين»، وغيرهم المئات من رموز مصر وأهراماتها الفكرية، مثلما أفرز لنا الأديب الكبير «عباس محمود العقاد»، الذى بشهادته الابتدائية فقط يكافئ جيشًا من حَملة درجات الدكتوراه.

النهضة التعليمية التى تحدث فى مصر اليوم هى محاولة لاستعادة بريق التعليم المصرى القديم، الذى يقوم على إعمال الفكر وبناء العقلية النقدية التى تستنتج وتبتكر، لا التى تحفظ و«تصمُّ» كالببغاء، ثم تُفرغُ ما حفظت فى ورق الامتحانات، ثم تتساقط عنها المعرفةُ كما يتساقط الماءُ عن أجسادنا حين نخرج من البحر ونجفُّ تحت الشمس.

دعونى أنقل لكم من صندوق كنوز العائلة بعضًا من مراسلات جدى وجدتى أثناء فترة الخطوبة لتعرفوا معنى وقيمة التعليم الرفيع الذى تحاول مصر استعادته اليوم، وعلينا أن نساعدها على ذلك. أحد الخطابات مؤرخٌ بصيف عام ١٩٤٣، من (محمد) إلى خطيبته (الآنسة فاطمة)، اللذين سيتزوجان ثم ينجبان ابنتهما (سهير)، أمى الجميلة، التى سوف تنجبنى، لأتلصَّصَ على أسرار ذاك الزمان النظيف المثقف.

(حبيبتى الوحيدة الآنسة فاطمة. أحييكِ أفضلَ تحيةٍ، وأقبّلك قبلةَ الإخلاص الأبدىّ، وأبلغك أننى بيدِ السرور، قد تشرّفتُ واستلمتُ كتابكِ الكريم ورسولك الأمين، فأكبرتُه حين قرأتُه، ودعوتُ اللهَ عنى وعنكِ أن يجعل لنا على الدوام مَلَكًا طيّبًا من بين ملائكته، يرقبُنا ويحفظُ لنا عهدينا ويحافظُ علينا من شرِّ حاسدٍ إذا حسد، ومن شرِّ شيطانٍ إذا اقترب، ومن عقارب الزمن إذا غدر. الحُسنُ والوفاء، هذا ما طالعتُه من وجهك الوضّاء. فخرى وإعجابى فى هذا وبعد هذا. ستَريْن الوفاءَ يُتبادَل ويفيضُ إناؤه وَيَعُمُّ، فتسيرُ السفينةُ بحمولتها تمخُرُ عبابَ البحار رافعةً شراعَها تتيهُ دلالًا وعجبًا على مرّ الزمان. الحياءُ والرقّة، هذا ما شاهدتُه ولمسته بيدى. راحتى وسعادتى فى هذا وبعد هذا. ستكونين إن شاء اللهُ من أسعد الخلق فى الدنيا والآخرة. وهبتُك قلبى، فهل تبادليننى الهبة؟. أنتظرُ الردَّ. وأبلغُك تحياتِ السيدة الوالدة، والجميع. تحياتى للسيدة الوالدة وللجميع بالاسم. دعوةٌ منك بقرب يوم اللقاء. قُبلتى، وقُبلتى، وقُبلاتى حتى أتشرفَ برؤياكِ. المخلص محمد).

وكان ردُّ جدتى ما يلى:

(حبيبى العزيز محمد بك. أحييك تحيةَ الوفاء والإخلاص وأمنياتى بمستقبل زاخر بحلو الأيام ومعسول الزمان، وأنتظرُ خطاباتك التى تهدئ الروح وتوقف الشجون. وبعد، فقد عزفتُ على البيانو، كما طلبتَ، مقطوعات من: «إمتى الهوى، يا غائبًا عن عيونى، أنشودة الربيع، على بلد المحبوب». وأسألك عن المقطوعات التى عزفتَها أنت على البيانو لأعرفَ إذا كان الذى فى بالك فى بالى أم لا ونقيس درجة «التخاطر». وسلامى للسيدة المحترمة الوالدة، والجميع. المخلصة فاطمة إبراهيم سليمان).

***

هكذا كانت مراسلات أجدادنا فى زمن التعليم الرفيع، الذى ننشده ونستعيده فى جمهوريتنا الجديدة. رقىُّ اللغة وحسنُ البيان وجمالُ الخط اليدوى وصحيحُ التشكيل وعلامات الترقيم، وتحضرٌ فى الفكر والمشاعر. أولياء الأمور الأعزاء، افرحوا بما سوف يجنى أولادُكم من نهضة التعليم الراهنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاباتُ جدّى وجدّتى تعليم زمان خطاباتُ جدّى وجدّتى تعليم زمان



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon