توقيت القاهرة المحلي 08:32:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أنا لا أنساكِ فلسطين

  مصر اليوم -

أنا لا أنساكِ فلسطين

بقلم - فاطمة ناعوت

حين تسمعُ صوت «فيروز» الآسر يشدو: «أنا لا أنساكِ فلسطين»، فى هذه الأيام الجحيمية التى تعيشُها فلسطينُ وشعبُها الصامد المستبسل فى وجه المحتلّ الإسرائيلى الدميم، لا تملكُ إلا أن تراقبَ كيمياءَ جسدك تتبدّل، وسنونَ الأشواك تَخِزُ روحَك، وخفقَ قلبِك يتزايد حتى تسمعَ وجيبَه يقولُ ما كتبه «سعيد عقل» على نغم الرحابنة: «سيفٌ فـ لِيُشْهَر فى الدنيا وتسطع أبواقٌ تصدع/ الآنَ الآن وليس غدًا/ أجراسُ العودةِ فلتُقرَع/ أنا لا أنساكِ فلسطين/ ويشدُّ يشدُّ بى البُعد/ أنا فى أفيائك نسرين/ أنا زهرُ الشوكِ أنا الوردُ/ سـ ندُكُّ ندُكُّ الأسوارَ/ نستلهمُ ذاتَ الغار/ ونُعيدُ إلى الدارِ الدارَ/ نمحو بالنارِ النار/ فلتسطعْ أجراسٌ تُقرَع/ قد جُنَّ دمُ الأحرار».

ما أوفقَ تلك الكلمات الماسّة مع اللحظة الراهنة؛ وكأنها كُتبت يوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣!. وما أنصعَ قضية فلسطين وحق شعبها فى التحرر من غول الاحتلال الصهيونى!، ليس فقط أمام العرب، كما اعتدنا على مدار الخمسة والسبعين عامًا الماضية منذ قيام دولة إسرائيل نتوءًا شيطانيًّا على أرض فلسطين، بل أمام العالم بأسره!. تلك هى الثمرةُ الماجدةُ التى نحصدها اليوم وكان ثمنُها غاليًا؛ إذْ رُويت بدماء ١١ ألف شهيد فلسطينى حتى اليوم، نصفهم من الأطفال، ومازال رِىُّ الثمرة مُهرقًا إلى أجلٍ يعلمه اللهُ، نرجو أن يكون قريبًا.

الثمنُ غالٍ والرِّيُ طاهرٌ وعزيزٌ، لكنّ الثمرةَ تنضج يومًا بعد يوم حتى صار مرآها يسُرُّ الناظرين. شعوب العالم اليومَ تخرجُ إلى الميادين، ترتدى «الكوفية الفلسطينية»، ينددون بما تفعله إسرائيلُ الباغية فى الشعب الفلسطينى الأعزل؛ الذى لم يهُن ولم يستسلم على مدار خمسين يومًا فى ظل خرابٍ كامل وظلام حالك وتشريد وتجويع ومذابح لم تحدث فى تاريخ مدونة الإجرام العالمى. شعوبُ العالم الغربى كل يومٍ تخرج فى تظاهراتٍ حاشدة تدعم فلسطين وحقها فى وطن حرّ خارج أسوار الاحتلال الحاقد.

العالمُ الغربى، الذى كان يدعمُ إسرائيل طوال الوقت، بدأ يستفيقُ من غفلته التاريخية وينتبه إلى أن الحقَّ، كلَّ الحقِّ، ليس فى دعم المُحتَلّ الإسرائيلى (الفاعل، الذى اِحتَلَّ)، بل فى دعم المحتَلّ الفلسطينى (المفعول به؛ الذى اِحتُلَّ)؛ وما حيلتى والفاعلُ والمفعولُ من الفعل: «يحتلُُّ احتلالًا»، لهما نفس الحروف والتنضيد فى اللغة العربية: «مُحتلّ»!.

اصطفافُ العالم حول قضية فلسطين اليوم هو «ثمرةٌ فاخرة»، علينا أن نفخرَ بها ونحافظَ عليها ونستثمرَ فيها، لأنها ثمرةٌ عزيزة ضنّت علينا طويلا، إذ لم نستطع استنباتَها على مدى العقود منذ عام ٤٨، عبر عشرات الآلاف من المقالات كتبها مثقفون عربٌ، وآلاف الحوارات والسجالات التى انطلقت تدافع عن حق الفلسطينيين فى أرضهم، بل عبر حروب طاحنة خضناها ضد الكيان الصهيونى، كان دائمًا الجيشُ المصرىُّ الباسلُ فى طليعتها، وكان الدمُ المصرىُّ المُراق على ساحاتها هو الدم الأغزر.

ما أعجب القلم، وما أغربَ تصاريفه!. جلستُ إلى مكتبى وفتحتُ أوراقى وأمسكتُ قلمى لأكتبَ عن «فيروز»، وأقدّم لها التهنئة فى عيد ميلادها الذى حلَّ أمس الأول ٢١ نوفمبر، فإذا بى أكتبُ عن فلسطين وصمود شعبها الحرّ فى وجه الغول الإسرائيلى القبيح!.. وللقلم- كما تعلمون- سلطانٌ مستبدٌّ على الكاتب. القلمُ سيّدُ قراره. نجلس إلى الورق لنكتبَ ما نفكر فيه، فنجدُ القلمَ يكتبُ ما يهوى، فنستسلم له صاغرين!. ربما لأن القلمَ غالبًا يدرى عنّا أكثر مما ندرى عن أنفسنا. القلمُ يعلمُ همومَنا وأحلامَنا وشغفَ قلوبنا أكثرَ مما نعلمُ نحنُ!، وتلك عجيبةٌ من «عجائب الكلمة»، نَعجبُ لها، ونُعجبُ بها، ونرضى عنها، ونحبُّها.

والآنَ الآنَ أقفُ أمام قلمى بكل خضوع، أرجوه أن يترك لى ما تبقّى من كلمات قليلة فى هذا المقال، لأكتب شيئًا جميلًا، لا دماءَ فيه ولا حروبَ ولا صراعاتٍ ولا احتلال. أستأذنُه أن أكتبَ عما نويتُ أن أكتب عنه فى البدء: عن «فيروزة هذا العالم»، «فيروز».. فإن كان ثمّة شىءٌ فى الحياة جميلٌ إلى درجة أن تسامحَ من أجله كلَّ عذابات العالم، فهو بالتأكيد صوت «فيروز»، الذى يأخذك من دنيا الحروب والعنف والدماء والرصاص، إلى عالم طفولىّ نقىّ برىء لا يعرفُ إلا صدحَ العصافير وطنيَن النحل وألوانَ الفراشات وشذى الزهور.

عالم ينسى الأطفالُ فيه أن يكبروا حتى يظلوا أطفالا لا يعرفون المصالح ولا البرجماتيات. ففى مثل هذه الأيام الخريفية التى تخاتلُ بين الصيف بخيوطه الصفراء والشتاء بخيوطه الرمادية، قررت السماءُ أن تمنح الأرضَ، التى أغرقها الحَزَنُ والانكساراتُ والحروب، هديةً عذبةً.. فسقطت فوق كوكبنا الحزين غيمةُ قطرٍ عذب اسمها «فيروز»، مرّت فوق صحارينا العطشى، فبللت حلْقَها.

كل عام وأنت مشرقة يا فيروز، ونغنى معك: «الغضبُ الساطعُ آتٍ.. للقدسِ سلامٌ آتٍ».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنا لا أنساكِ فلسطين أنا لا أنساكِ فلسطين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon