توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

(عيشٌ - تعايش، سماحةٌ - تسامح).. اخترْ مما بين القوسين

  مصر اليوم -

عيشٌ  تعايش، سماحةٌ  تسامح اخترْ مما بين القوسين

بقلم: فاطمة ناعوت

أنت حين تحترم وتحبُّ المختلفَ عنك دينيًّا، فلا تحاربه ولا تقتله ولا تعنفُ معه أو تزدرى دينَه، فعليك أن تعلم أنك لا أنت خاضعُ تابع، ولا أنت كريمٌ مُتفضّل. أنت وفقط إنسانٌ ناضجٌ سَوىٌّ نجوتَ من مرض الطائفية الخبيث، الذى اِبتُلِى به آخرون أهرقوا الدماءَ فى الحروب الدينية من الصهاينة والصليبيين والإسلاميين. وأنت حين «تتعايش» مع المختلف عنك دينيًّا، فأنت فقط إنسانٌ طبيعىٌ عاقلٌ ومتحضّر. وقد وضعتُ كلمة: «تتعايش» بين مزدوجين، لأننى أرفضُها أيضًا، وأتحفّظُ على دلالاتها غير الجميلة. وأستبدلُ بها كلمة أرقى هى: «العيش».فـ«التعايشُ» لا يكونُ إلا مع «عدو»، ترجو زوالَه، أو «مرض» تتمنى الشفاء منه، أو «مشكلة» تنتظر لها حلا. فمريضُ السُّكر «يتعايش» مع مرضه «مضطّرًا»، فيحاولُ كبحَ تداعياته الخطرة بالدواء والحرمان من الطعام. والشخصُ «يتعايش» مع جار السوء أو العدو «مضطّرًا»، باذلا الجهدَ لكى يتجنّب شرورَه وسخافاتِه، ونحن «نتعايش» مع مشكلة قطع التيار الكهربائى يوميًّا «مضطّرين»، لأننا نعلمُ أن علينا تخفيفُ الأحمال لأجلٍ نرجو ألا يطول.

وفى مقابل مفردة «التعايش» الاضطرارية، لدينا كلمة «العيش» الشغفية. فأنت «تعيشُ» مع أسرتك وأصدقائك وجيرانك الطيبين، تسعدُ بهم ويسعدون بك، مثلما نسعدُ بجميع المنجزات الحضارية والنهضوية التى نشهدها اليوم فى وطننا العزيز. وأنت «تعيش» سعيدًا بصحتك وصحة أبنائك أدامها اللهُ عليكم.

مفردة «التعايش» فلسفيًّا ولغويًّا ودلاليًّا تشبه مفردة «التسامح». كلاهما يحملُ معنى الجبر والاضطرار وغياب الشغف وانعدام الرغبة، والرجاء فى زوال الشىء أو الشخص الذى تتعايش معه أو تتسامح. فأنت تتسامح مع عدوك، اتّقاءً لشرّه وحقنًا للدماء، لكنك من داخلك تتمنى زوالَه. وأنت قد تُسامح من أساء إليك تكرّمًا منك، لكن الإساءةَ أخذت موقعَها من التاريخ لم تُمح، وقد تتذكرها بين الحين والحين فيُغصُّ حلقُك. وأنت قد تسمحُ لإنسان بما ليس من حقّه، كرمًا وصدقةً أو حتى بسيف الحياء قد تعطى إنسانًا مما أعطاك اللهُ من فضله، ولكن يظلُّ من حقّك ألا تسمحَ له بما ليس له. وكل ما سبق من معان ودلالات لا يستقيمُ حالُها حالَ الكلام عن بشر ينتمون إلى عقائدَ مختلفة يعيشون معًا فى وطنٍ واحد، أو فى كوكب واحد، أو فى كون واحد. فالمختلف عنك دينيًّا ليس عدوًا ترجو زوالَه، ولا هو جارٌ مؤذٍ تتلهّفُ على رحيله لكى «تكسر وراءه قُلّة»، ولا هو مرضٌ تدعو الله أن يُذهبَه، ولا هو مشكلةٌ ضاغطة تنتظر بفارغ الصبر انتهاءها. بل هو مواطنٌ كريمٌ مثلك تمامًا، له كاملُ حقوقك وعليه كاملُ واجباتك. احترامُك له واحترامُك لعقيدته المختلفة عن عقيدتك، «واجبٌ» عليك و»حقٌّ» أصيلٌ له، مثلما احترامه لك واحترامه لعقيدتك «حقٌّ» أصيلٌ لك و «واجب» عليه، وليس تفضلا منك ولا منه. احترامُ اختلاف الآخر العَقَدى وتهنئتُك له فى أعياده ومشاركته أفراحَه وأحزانه، يدلُّ على، ويشيرُ بإصبع مضىء إلى حسن تربيتك، وصلاح نشأتك، وتحضُّر أبويك اللذين ربيّاك صغيرًا، ويدلُّ كذلك على ثقافتك الرفيعة. والعكس دائمًا صحيح.

والآن، أشعرُ أن ما كتبتُه من أفكار بسيطة فى هذا المقال ليس إلا بديهياتٍ أولية من «العيب» أن نتكلم فيها! وكأننى أقول: الأرضُ تدورُ حول الشمس، والقمرُ يدور حول الأرض، والأرضُ كرويةٌ تدورُ وتدور وتدور!!! ولكن ما حيلتى وأنا أرى «تلك البديهيات الأوليةَ الواضحةَ والبسيطةَ والمنطقية» مازالت محلّ نقاش وجدل واختصام وعراك وسُباب وملاعنة وتهديد ووعيد على صفحات التواصل!!! الخلاصة، لكيلا أطيلَ، علينا أن نراجع بديهياتِنا، وعلينا كذلك أن ننتبه إلى كلماتنا لأن: «الكلمة نور وبعض الكلمات قبور… مفتاحُ الجنة فى كلمة، ودخول النار على كلمة»، كما أخبرنا الجميلُ «عبدالرحمن الشرقاوى» فى: «الحسين ثائرًا شهيدًا».

ومن نُثار خواطرى:

■ ■ ■

(معطف)

صنعَتْ لنفسِها دِثارًا/ من قطيفةٍ بيضاءْ/ تليقُ بقلبها الأخضر/ ثم راحَت تفتِّشُ فى الصندوقِ القديم/ عن أزرارٍ/ وأساورَ/ وأكمامٍ/ حتى تحمى جسدَها الواهنَ/ من أنيابِ الصقور والضباع/ هى الصبيّةُ التى/ تسلّلت إلى الكتابِ/ فى فصلِه الأخيرِ/ قبلَ صفقِ الغلافِ/ مباشرةً

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيشٌ  تعايش، سماحةٌ  تسامح اخترْ مما بين القوسين عيشٌ  تعايش، سماحةٌ  تسامح اخترْ مما بين القوسين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon