بقلم - فاطمة ناعوت
نحن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من عُمر الوطن، نستأنفُ فيها المشوار الصعب الذى بدأناه عام ٢٠١٤ مع الرئيس «عبدالفتاح السيسي» الذى واصل الليل بالنهار كدًّا وكفاحًا وتضحياتٍ ومعاركَ لكى نحقق فى سنواتٍ قليلة ما كان له أن يتحقق فى مائة عام. عشرُ سنوات كان الرئيسُ خلالها يبنى ويشيّد ويفتحُ ملفات حيوية ظلّت مغلقةً على أقفالها عقودًا طوالا حتى كساها التراب وعلاها الصدأ، وحتى اعتدنا تلك الكوارث المجتمعية وخِلناها من طبائع الأمور! إلى أن جاء الرئيس السيسى ونفض عنها ترابَ التسويف، وبدأ يفكّكها ويحلّها، لا على التوالى: ملفًا ملفًا، كما يقول منطقُ القانعين، بل على التوازى: جميعها معًا! لأنه كرجل دولة فذّ يدرك أن المشكلاتِ: «أوانٍ مُستطرقة»، يصبُّ بعضُها فى بعض، فلا مجال لتأجيل ملف لصالح آخر، بل يجب فتح جميع الملفات فى وقت واحد، وتفكيك مشاكلها كلّها معًا. لهذا لم يؤجل الرئيسُ ملفًا، بل وزّع جهوده على جميع الأصعدة حتى ينهضَ الوطنُ على نحو سليم فوق أعمدة متوازية متكافئة فيعلو مستقيمًا لا عِوجَ فيه. وهذا ما يقوله علمُ الإنشاء والعمارة: لا تقومُ بنايةٌ على أعمدة متباينة الطول! وهذا أزعج الحاقدين، وغير العارفين الذين راحوا يتشدّقون بلغوٍ من قبيل: «المفروض يبدأ بكذا ويؤجل كذا وكذا وكذا،.....«، وتلك طبيعةُ مَن يتكلم ولا يفعل! الذين يتكلمون «يُنظِّرون» على مَن يعملون، وينظرون إليهم بعيون التقريع والانتقاد. ينتقدون ويهدمون لأنهم غير قادرين على العمل والبناء فيستمرئون الكلام والهدم. فماذا يفعل مَن يعملون؟! لا شىء، يستمرون فى العمل ويكفّون آذانَهم عن لغو مَن لا يعملون! وهذا عينُ ما يفعلُ الرئيسُ السيسى، ولهذا تفوّق وأنجز ونجح وابتسم فى وجه الحاقدين.
فى أغسطس ٢٠١٥، يوم افتتاح قناة السويس الجديدة، حدثت واقعة عجيبة استوقفتنى. كنا جالسين تحت الخيمة المواجهة للقناة، وكان الرئيسُ السيسى واقفًا أمامنا تحت قيظ الشمس يُلقى كلمته للمصريين وللعالم، وظهرُه للقناة. وفجأة مرّت من أمامنا سفينةُ بضائع عملاقة تشقُّ صفحة المياه الوليدة التى كانت حتى الأمس صحراءَ قفرًا. أطلقتِ السفينةُ بوقَها صادحةً، كأنما تقدم التحية لمصرَ، ورئيسِ مصرَ وشعبها. صوتُ السفينة قاطع صوتَ الرئيس، فيما يُلقى كلمتَه، فما كان من الرئيس المنضبط إلا أن توقّف عن الكلام، ثم التفت إلى الخلف ووجّه بصرَه صوبَ السفينة التى تمرُّ فى ذاك الممر الملاحى الجديد لأول مرة فى تاريخها. صمتَ الرئيسُ ونحّى الأوراق جانبًا، وصفّق للسفينة مع المصفقين، فكأنما يردُّ التحية بأحسن منها. توقفتُ أمام تلك الواقعة «المُلهمة» التى لم أرها بسيطةً ولا عابرةً، بل حاشدةٌ بالرسائل. الرسالةُ تقول إن «صوتَ العمل» يجُبُّ «صوتَ الكلام». العملُ يكسرُ الكلام. وكانت تلك رسالة «السيسى» لنا منذ يومه الأول فى الحكم عام ٢٠١٤: «العمل، وفقط»، إن كنّا جادين فى الارتقاء بمصر وإعلاء شأنها فى تلك اللحظة الصعبة من تاريخها. صمتَ الرئيسُ وكأنما بصمته يقول: «أنا رئيسُ مصر، سوف أعملُ وفقط، ولا مجال للكلام، لأن الصمتَ فى حرم العملِ.. عملٌ».
تلك الواقعة الصغيرة الزاخرةُ بالمعانى تشرحُ لنا طبيعةَ الرجل الذى انتخبناه لفترة ولاية ثالثة بكامل الاقتناع، وهو الذى قال والشعبُ يناديه للترشّح بعد إسقاط الإخوان عام ٢٠١٣: «لو قبلتُ الترشّح للرئاسة لن تناموا! سوف نستيقظ فى السادسة صباحًا لنبدأ العمل معًا.” وقبلنا شرطَه الصعب. ولكن ما حدث أنه ألزم نفسَه، وألزم حكوماته، بما قال. فبدأ يومَه فجرًا وجعل الوزراء يذهبون إلى أعمالهم فى السادسة صباحًا. بينما لم يلتزم مَن يهوون الكلام والانتقاد والتنظير على الكادحين الذين يفنون أعمارهم من أجل أوطانهم، مثل ذلك الرئيس المحترم «عبدالفتاح السيسى». فيا ليتنا نكفُّ عن الكلام ونعمل بكامل طاقتنا مثل رئيسنا من أجل استكمال مشوار الحلم الذى بدأناه منذ عشر سنوات وعلينا إكماله فى السنوات المقبلة.
يقول الفيلسوفُ الأيرلندى «برنارد شو»: «الشخص العادى يُكيّفُ أحلامَه وفق معطيات العالم، أما الشخص غير العادى فهو الذى يُصرُّ على تطويع العالم من أجل تحقيق أحلامه، لهذا يقوم التفوقُ والعبقرية والنجاحاتُ على أكتاف غير العاديين من البشر». وهكذا منحنا اللهُ هذا الرجلَ «غير العادى»، ليكون «الرقمَ الصعب» فى تاريخ زعماء العالم: الرئيس «عبدالفتاح السيسى» الذى نفخرُ بأنه صانعُ مصرَ الجميلة فى ثوبها الجديد.
شكرًا لكل يد مصرية طيبة وقّعتْ جوار صورة المرشّح الرئيس «عبدالفتاح السيسى» فى الانتخابات الرئاسية، لكى يُكمل مسيرةَ الكفاح ويضع مصرَ فى المكانة الرفيعة التى تليقُ بها. وشكرًا للرئيس «عبدالفتاح السيسى» أن منحنا سنواتٍ جديدةً من عمره لاستكمال الحُلم الصعب. وشكرًا لمصر الجميلة التى تظلّلنا معنًا. والشكر كلّه لله. تحيا مصر.