توقيت القاهرة المحلي 20:21:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماكبث.. إلكترا.. رؤى حداثية مدهشة

  مصر اليوم -

ماكبث إلكترا رؤى حداثية مدهشة

بقلم: فاطمة ناعوت

هذا منجمُ الكنوز السنوى الذى ننتظره من العام للعام حتى ننهلَ من جواهره وأحجاره الكريمة حدَّ الارتواء من الجمال. هذا موعدُنا مع «المهرجان القومى للمسرح المصرى» فى دورته الـ ١٧ التى رفعت اسمَ سيدة المسرح «سميحة أيوب» وصورتَها درّةَ عقدها الخالد. تفتحُ المسارحُ أبوابَها بالمجان للجماهير التوّاقة للفن الرفيع، ليشهدوا على عظمة المسرح المصرى العريق، أصالةً ومُعاصرةً وحداثةً، بل واستشرافًا للمستقبل بكل ما يحملُ من مفاجآتٍ وعجائبَ ومجهول. القومى، الطليعة، ميامى، السلام، مركز الإبداع، الهناجر، الغد، البالون، السامر، العائم، الهوسابير، العرائس، نهاد صليحة، المعهد العالى للفنون المسرحية، وغيرها من مسارحنا العريقة التى لا تُسدل ستائرُها كلَّ ليلة على عرض، إلا لتُفتَح من جديد على عرض آخر، حتى ليتمنى المرءُ أن يغدو اليومُ ألف ساعةٍ لئلا يفوته عرضٌ من عروض المهرجان على خشبات المسارح، أو ندوةٌ من ندواته القيمة فى قاعات المجلس الأعلى للثقافة. شكرًا للفنان المحترم «محمد رياض»، مدير المهرجان، على كل هذا الثراء وهذه التنويعة الحاشدة.

من روائع المسرح الجامعى، قدمته «جامعة القاهرة» على «مسرح الهناجر» من إخراج «محمود الحسينى» طبيب الأسنان الموهوب. وهو استلهامٌ حداثىٌّ لرائعة «شكسبير» الشهيرة «ماكبث» ولكن برؤية حداثية تستبقُ المستقبلَ القادم. فصار «ماكبث» الوزيرُ الطامحُ فى اعتلاء العرش، موظفًا فى مصنع جَدّه، وصار الملكُ المغدور، العمَّ والوريثَ الشرعى للمصنع، وصارتِ العرافاتُ اللواتى يخبرن «ماكبث» بأن طموحه الزائد سوف يدفعه للقتل والهلاك، مساعدةً ديجيتالية مثل «أليكسا» و«سيرى» فى هواتفنا، وصارت «ليدى ماكبث» التى تندم على تحريض زوجها على قتل الملك، زوجةَ الموظف حفيدِ صاحب المصنع، يمزقُها الندمُ حتى تفقد عقلها، بينما يستمرُّ زوجُها فى غِيّه حتى هلاكه. عبقرية المسرحية تجلّت فى الإخراج الرفيع واللعب بالإضاءة واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى AI باحترافية مدهشة. وكذلك الأداء الفائق للواعدة «يمنى فتحى»، و«محمد طاهر» و«زياد محمد»، وجميع صنّاع العرض الجميل، وكذلك الأداء الصوتى المبهر للمساعدة الإلكترونية بلغتها العربية الرصينة الخالية من أى لحنٍ أو عِوج.

«مرايا إلكترا»:

يقدمها مسرحُ الشباب على «المسرح العائم»، من تأليف «متولى حامد»، وإخراج ورسم حركى «أيمن مصطفى». عرضٌ مدهشٌ آخر، استخدمت فيه تقنيات مسرحية حداثية لتقديم الأسطورة الإغريقية الشهيرة على نحو حداثى نبيل. «إلكترا» الفتاة المكلومة بمصرع أبيها الملك «أجاممنون»، والتوّاقة للانتقام من قاتليه، فتعدُّ الأيام والشهور والسنين حتى عودة شقيقها الصغير من بعثته التعليمية لكى يحمل سيفَه وينحر رقاب القتلة، وهى الأم الخائنة وحبيبها. لكن الشقيق يعود محملا بأفكار حضارية تدعو للبناء لا الهدم، والغفران لا الانتقام، فيواجه شقيقته التى انشطرت إلى شخصياتٍ ثلاث: الحاقدة التواقة للانتقام، الرومانسية التواقة للحب، الحنون التواقة للأمومة والغفران، وينشأ الصراعُ المدهش المكتوبُ بلغة رفيعة، وأغان ماسّة، ورقصات شديدة التعبير بين الغربان يمثلون قوى الشر والانتقام، والطيور المغردة التى تجنح نحو الجمال والبراءة. البطولة لكل من «حسام الجندى» و«ريهام سالم» ومجموعة واعدة من الشباب الموهوب.

«النقطة العامية»:

قدمه «مسرح الغد» من إخراج المبدع «أحمد فؤاد»، وهو استلهام مدهش من مسرحية «العطل»، أو «العطب» للكاتب السويسرى «فريدريك دورينمات». وهو بحق عرضٌ فائقُ الجمال إخراجًا وتمثيلا واكتمالا بطولة «نور محمود»، «أحمد عثمان»، «أحمد السلكاوى»، «حسام فياض» عن ثلاثة من رجال القانون المتقاعدين: قاضٍ، وممثل ادعاء، ومحام، عزفوا عن ساحات القضاء لعجزهم عن تحقيق «العدالة» بمواد «القانون» حين تغيبُ الأدلةُ داخل نفوس الخُطاة. انتبذوا العالمَ إلى مكان ناءٍ، وراحوا يطبقون العدالة على طريقتهم بإخضاع الأشرار لمحاكمات خاصة وفق قانون «الأخلاق». وسبق أن كتبتُ عن هذا العرض المدهش مقالا مطولا بجريدة «المصرى اليوم» بعنوان «النقطة العميا.. المسرح فى تمامه» بتاريخ ١٩ فبراير الماضى.

«الأرتيست»:

قدمها مسرح «الهناجر» من تأليف وإخراج «محمد زكى»، عن سيدة الحارة الشعبية فى الدراما المصرية: الجميلة «زينات صدقى»، فى لحظة فارقة من حياتها حين هاتفها الرئيسُ لدعوتها للتكريم، والصراع المرير الذى خاضته من أجل ترتيب فستان لحضور الحفل فى ظل ظرفها المادى الصعب بعدما انحسرت عنها الأضواء. خلال تلك اللحظة الزمنية الخاطفة نعيش معها فلاش باك لنتعرف على حياتها وصعوباتها منذ الطفولة وحتى الهِرم والانزواء. العرض بطولة «هايدى عبد الخالق»، «فاطمة عادل»، «إيهاب بكير»، «ياسمين عمر»، «أحمد الجوهرى»، ومجموعة جميلة من الفنانين.

«العيال فهمت»:

عرض عظيم يقدمه «المسرح الكوميدى» على خشبة مسرح ميامى من إخراج الفنان المثقف «شادى سرور» بطولة النجوم: «رامى الطومبارى»، «عبد المنعم رياض»، الجميلة «رنا سماحة» والكوميديانة الرائعة «رانيا النجار» ومجموعة مدهشة من البنات والشباب منهم الطفل الموهوب «على شادى»، يمثلون أسرة الطيار الصارم الذى يربّى أطفاله بالحزم المفرط والقسوة والانعزال عن العالم، خوفًا عليهم بعد رحيل والدتهم، حتى تأتى المربيةُ المثقفة التى تنجح فى استعادتهم من الضياع النفسى عن طريق الموسيقى. بالطبع قد اكتشفتَ عزيزى القارئ أن المسرحية مستلهمة من الرواية الخالدة «صوت الموسيقى»، وسوف أفرد مقالا مستقلا لهذا العرض المدهش. شكرًا للفن الرفيع ولجميع صنّاع المسرح فى بلادى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماكبث إلكترا رؤى حداثية مدهشة ماكبث إلكترا رؤى حداثية مدهشة



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon