توقيت القاهرة المحلي 06:46:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ماسبيرو».. هرمُ مصر الرابع

  مصر اليوم -

«ماسبيرو» هرمُ مصر الرابع

بقلم: فاطمة ناعوت

فى مصر العظمى أكثرُ من مائة هرم شُيدت فى مختلف العصور. فعطفًا إلى الأهرامات الثلاثة الشهيرة: «خوفو»، «خفرع»، «منكاورع»، لدينا: «زوسر»، «سخم خت»، «سنفرو»، «أوسر كاف»، «ساحورع»، «نفر إر كارع»، «منكاو حور»، «سنوسرت: الأول والثانى والثالث»، «أمنمحات الأول والثانى والثالث».. وغيرها العديد المنسوبة لأسماء الملوك الذين شُيّدت الأهرامات لحفظ جثامينهم وكنوزهم، انتظارًا للحظة البعث، وفق المعتقد المصرى القديم. على أن المستقرَّ فى العقل الجمعى أن بمصر أهراماتٍ ثلاثة وحسب، تلك المسجلة على مواقع اليونيسكو للتراث العالمى، أكبرها من عجائب الدنيا السبع. ولهذا جرى الاصطلاحُ حين نودُّ أن نُجلَّ أثرًا أو مُنشأة، أو حتى شخصية مصرية عظيمة، أن ننعتها بقولنا: «هرم مصر الرابع».

واليوم أكتبُ عن أحد أهرامات مصر الحديثة فى عيد ميلاده الرابع والستين، تقديرًا لمكانته الرفيعة، ورجاءً أن يعود لمجده الذى ولد عليه يوم ميلاد بّثه الأول فى 21 يوليو 1960، أتكلم عن «مبنى الإذاعة والتليفزيون المصرى» الشهير بـ «ماسبيرو»، وقد اتخذ لنفسه هذا الاسم تخليدًا لعالم المصريات الفرنسى «جاستون ماسبيروو» الذى أحبَّ مصرَ ودرس تاريخَها وحافظَ على آثارها وقام بجهد محترم لمكافحة سرقة الآثار المصرية القديمة، وساعد العالم الأثرى المصرى «أحمد كمال» باشا فى استعادة مئات المومياوات المنهوبة ونقلها إلى المتحف المصرى.

أقفُ أمام صرح «ماسبيرو» العظيم، فأشعر بالفخر كونه أقدم تليفزيون حكومى فى إفريقيا والشرق الأوسط بعد تليفزيون العراق. أجلسُ على ضفّة النيل، فى مواجهة «ماسبيرو» وأُنصتُ إلى كلِّ إشارة بثّتها أعمدةُ موجاته منذ افتتاحه فى العيد الثامن لثورة يوليو 52.

فى قلب كل مصرى، خصوصًا أبناء الشارع الثقافى، عشقٌ خاص لهذا الصرح العظيم.. فهو بمثابة «المعلم الأول» لكل مثقف من جيلى. فأمام شاشته الفضية كنّا نجلس صغارًا لكى نراقبَ أسرارَ طفولتنا مع «سلوى حجازى»، و«نجوى إبراهيم»، ونتعلّم الفيزياء والبيولوجيا من الدكتور «مصطفى محمود» فى «العلم والإيمان»، ونعرفُ أسرار الحيوان من «محمود سلطان» فى «عالم الحيوان»، ونشاكسُ ممالك البحار مع الدكتور «حامد جوهر» فى «عالم البحار»، ونتعلّم تفسير القرآن من الإمام «الشعراوى» مع «أحمد فراج» فى «نور على نور»، ونُطلُّ على العالم من «نافذة على العالم» مع «منال الأتربى»، ونتابع الأفلام الغربية، مع تشريح نقدى رفيع مع الدكتورة «درية شرف الدين» فى «نادى السينما»، ونتعرف على أحدث الأغنيات الغربية مع «حمدية حمدى» فى «العالم يغنى»، ونصافح مشاهيرنا مع «سمير صبرى» فى «هذا المساء»، ونبتهج فى سهرات رمضان مع فوازير «نيللى» و«سمير غانم» و«شريهان»، ونتعرّف على ثقافات العالم الغربى مع «ميرفت فرّاج» فى «بانوراما فرنسية»، ونرتوى بقطوف الفن مع «فريال صالح» فى «اخترنا لك»، ونتجوّل فى دروب المحروسة مع «سهير شلبى» و«نهال كمال» و«أحلام شلبى» و«شافكى المنيّرى» و«نهلة عبدالعزيز» فى «تاكسى السهرة»، ونصافح رجل الشارع البسيط مع «طارق علام» فى «كلام من دهب»، ونلامس أحوال مصر مع «مفيد فوزى» فى «حديث المدينة»، ونختصمُ الخارجين عن القانون مع «راوية راشد» فى «خلف الأسوار»، ونضحك مع مقالب «إبراهيم نصر» فى «الكاميرا الخفية»، وننقّب كنوز ترابنا مع «سرّ الأرض»، ونصافح وجه مصر الجميل مع «صباح الخير يا مصر»، ونتابع أخبار الدنيا مع عظماء الإعلام: «همت مصطفى»، «أحمد سمير»، «محمود سلطان»، ونصافح تراثنا الشعبى مع «سامية الإتربى» فى «حكاوى القهاوى»، ونعاين وجه مصر الثقافى الأنيق مع «ليلى رستم» وحواراتها القديمة الخالدة مع عمالقة الفكر والأدب والثقافة، وغيرها من دُرر الأعلام وفرائد البرامج.

تجول فى أعماقنا تلك النوستالجيا، فنحزن على ما آل إليه هذا الصرح التثقيفى الإعلامى العظيم، ونتمنى أن يعود إلى مجده الذى ينبغى له. لو كنتُ رجلَ أعمال ثريًّا، لمددتُ يدى الصغيرة لتسند حجرًا فى هذا الهرم الذى يليق به الخلودُ خلودَ الأهرامات. كل عام وماسبيرو خالد.

***

ومن نُثارِ خواطرى

***

(بصر)

عندما يأتى المساء

يخرجُ الغيمُ

كعادتِه كلَّ غسقٍ

يسترقُ السمعَ لصوتِ الله

فيما يسقى الحقولَ

بِـ رِى الحروف

والمعانى

وهناك

خلفَ زرقةِ السماء البعيدة

عند انشطارِ الحقيقةِ

فوق حافةِ الجبل

يمسحُ العارفون صفحةَ عينى

فتتلوّنُ تحديقتى المغروسةَ

فى زرقةِ الشاشةِ

بشىءٍ من البصر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ماسبيرو» هرمُ مصر الرابع «ماسبيرو» هرمُ مصر الرابع



GMT 15:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

سوريا بين المستقبل و«الحكم الأصولي»

GMT 15:35 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

سوريا.. أى مسار مستقبلى؟

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل وثمن إسقاط الأسد

GMT 15:33 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أنا المدير.. أنا لست جيدًا بما يكفى

GMT 08:31 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الملاذ

GMT 08:29 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

وبقيت للأسد... زفرة

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الشرع والعقبة

GMT 08:23 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا: مخاوف مشروعة

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
  مصر اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
  مصر اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
  مصر اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
  مصر اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 23:09 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

بورصة دبي تغلق دون تغيير يذكر عند مستوى 2640 نقطة

GMT 21:08 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

باريس سان جيرمان يستهدف صفقة من يوفنتوس

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon