بقلم: فاطمة ناعوت
هذه الفتاة الصبوح ذات الوجه المصرى المليح، تشغلُ حديث دوائر البحث العلمى منذ سنوات فى أمريكا والعالم، وصارت أحد الأسماء الشهيرة فى مجالات الابتكارات والكشوف العلمية الواعدة للشباب الصغير بما أنجزُه عقلُها المضىءُ منذ كانت فى المرحلة الثانوية وحتى اليوم، وهى بعدُ لم تتجاوز العشرين من عمرها إلا بسنوات قليلة. وتُوّجت شهرتُها العالمية بإطلاق اسمها على أحد الكواكب المُكتشفة حديثًا، فى كناية مجازية بأن شابتنا المصرية كويكبٌ مشعٌّ حديث الاكتشاف. الشابة المصرية الجميلة «ياسمين يحيى مصطفى» إحدى اللآلئ المصرية المشرقة التى تختبئ فى محار مصر غزير الكنوز، فتح العلمُ المحارةَ ليخرجَ ضوؤها مشعًّا يخطفُ الأبصار. فى إبريل عام ٢٠٠٠، أطلقت «وكالة ناسا الأمريكية للفضاء» اسم: MOUSTAFA-31910 على أحد الكويكبات الواقعة ضمن الحزام الرئيسى فى منطقة النظام الشمسى الواقع بين كوكبى المريخ والمشترى، والمكتشفة حديثًا بمعرفة مختبر «لينكولن» الأمريكى، تقديرًا لجهودها العلمية لصالح علوم الأرض والبيئة، ليحمل اسم العائلة لابنتنا المصرية، ويظل شاهدًا أبديًّا على عبقرية هذا العقل النيّر بعدما اخترعت «ياسمين» جهازًا يعمل على تبخير المياه باستخدام الحرارة الناجمة عن إحراق «قش الأرز» ثم تمرير الغازات الناتجة من عملية الاحتراق على مجموعة من الطحالب حتى تنتج مادة «بايو ديزيل»، ومجموعة من الزيوت النافعة، ثم ضغط الغازات الناتجة لتوليد أنواع مختلفة من الطاقة، وكذلك استغلال رماد القش الناتج فى صناعات عديدة مثل الأسمنت والأسمدة العضوية.
وحصد مشروعها هذا المركز الأول عن فئة «علوم الأرض والبيئة» فى معرض «إنتل» الدولى للعلوم والهندسة الذى انعقد مؤخرًا فى مدينة «بيتسبورج» فى ولاية «تكساس» الأمريكية. وتلقّت ياسمين عروضًا عديدة من دول أجنبية لتنفيذ مشروعها على أراضيها، لكنها اعتذرت وأصرّت على تنفيذ مشروعها الجميل فى وطنها مصر الطيبة بعد تصديق الحكومة عليه. ولم يكن تكريم وكالة ناسا هو مجدها الأوحد، بل كُرّمت من قِبَل مؤسسة علمية فى دولة الإمارات الشقيقة تُدعى مؤسسة «القدرات» للتدريب العلمى، وهى الجهة المنظمة لمعرض تنمية وتطوير الشباب العربى. وكذلك اختارت شركة «هاينمان» الأمريكية قصة النابغة المصرية «ياسمين مصطفى» لسردها فى كتاب وُزِّع منه ملايين النسخ على المدارس الأمريكية لكى تكون نموذجًا يُحتذى للطلاب الأمريكان. وكرَّمتها الرئاسة المصرية والفنية العسكرية ووزارة البيئة ودخلت قائمة الشرف الوطنى المصرى.
عبقريتنا المصرية الجميلة من مواليد قرية «المنازلة» مركز «كفر سعد» بمحافظة دمياط. وهى الابنة الوسطى بين شقيقين: «محمد- إنجD». بعد رحيل والدهم، عكفت أمُّهم على تربيتهم وتنشئتهم على محبة العلم والاجتهاد. بدأ بزوغ عقلها فى المرحلة الابتدائية حيث حصلت على المركز الأول فى محافظة دمياط، واستمر تفوقها فى المرحلة الإعدادية، وكان حلمها أن تلتحق فى المرحلة الثانوية بمدرسة «المتفوقات فى العلوم والتكنولوجيا» فى زهراء المعادى بالقاهرة. ولهذه المدرسة نظامٌ مختلف عن الثانوى العام، حيث يكون التركيز على العلوم والبحث التكنولوجى العملى، إذ يعتمد ٦٠٪ من مجموع الدرجات على مشروع علمى عملى يتقدم به الطالبُ لحل إحدى المشكلات فى مصر. وكان لها ما أرادت والتحقت بالمدرسة الحلم، رغم صعوبة وتحديات الانتقال من الريف إلى المدينة. وكانت أسرتُها المتحضرة صخرتَها التى ساعدتها فى تحقيق حلمها. وفى الصف الثانى الثانوى بمدرسة المتفوقات للعلوم والتكنولوجيا حصدت «ياسمين» جائزة التفوق العلمى عن المشروع الذى تقدمت به لاختراع جهاز يعمل على تنقية أى نوع من المياه وتحويلها إلى مياه شرب نقية بنسبة ١٠٠٪، وكذلك إنتاج طاقة هيدروجينية والتخلص من السحابة السوداء الشهيرة التى تتكرر كل عام، تلك الناجمة عن إحراق قش الأرز. وهكذا نجحت «ياسمين» فى تحويل «المحنة» إلى «منحة»، والأزمة إلى منفعة، واستخراج النعمة من مشكلة دورية تؤرق جنبات مصر فى مواسم الأرز.
فى ربيعها السابع عشر، احتلّت «ياسمين» الجميلة المركز الأول على العالم فى مسابقة «إنتل إيسف» الدولية للعلوم والهندسة، وهى أرفع جائزة عالميًّا فى مجال البحوث العلمية للمرحلة ما قبل الجامعية. وهى مسابقة دولية مخصصة للمشاريع العلمية الواعدة لصغار المخترعين، اشترك فيها ١٧٠٠ متسابق من ٧٨ دولة. وكانت لجنة التحكيم من أرفع المستويات العلمية فى العالم، بينهم حاصلون على جائزة نوبل للعلوم، وكانت صبيتنا المصرية الواعدة هى الفائز العربى الأوحد بالجائزة فى تاريخ المسابقة.
ورغم حداثة سنّها (٢٣ عامًا)، تُدعى «ياسمين مصطفى» لتُحاضِر فى أكبر المؤتمرات والمحافل العلمية الدولية فى مختلف دول العالم، وتنهال عليها العروض من شركات أوروبية وأمريكية للعمل لديها كباحثة. لكنها تأملُ، ونأملُ معها، أن تتبنى الدولةُ المصرية تلك المشاريع الطموحة التى تُثرى الوطنَ فى جمهوريتنا الجديدة.