توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثروت عكاشة.. أسطورةٌ مصريةٌ خالدة

  مصر اليوم -

ثروت عكاشة أسطورةٌ مصريةٌ خالدة

بقلم : فاطمة ناعوت

لا يتصوّرُ المرءُ كيف كان يمكنُ أن يكونَ الوجهُ الثقافىّ والفنىّ الراهنُ فى مصرَ لولا هذا الرجل! نحتفلُ هذا العام بمئوية مصرى عظيم منح لوطنه وجهًا حضاريًّا عصريًّا يليقُ باسمها العريق: مصر. كان الخالدُ الرائد د. ثروت عكاشة موسوعةً بشرية حيّة تسيرُ على قدمين. مثقّفٌ «جشتالتىّ» «Gestalt، بالمعنى الألمانى للكلمة، كما وصفه شقيقُه العظيم د. أحمد عكاشة، بروفسور الطب النفسى، حيث إدراك الكليّات الشمولية، وعدم الوقوع فى فخّ الجزئيات، بالإضافة إلى الاستبصار المستقبلى للواقع الاجتماعى والثقافى والسياسى فى مصر بعد إعلان الجمهورية الأولى إثر ثورة يوليو ١٩٥٢، ما جعله يؤسّس مع أواخر خمسينيات القرن الماضى مجموعة هائلة من الصروح الثقافية والفنية المصرية، التى منحت مصرَ وجهَها المشرق العصرى. من بين ما دشّن ذلك العظيمُ تجربةُ «الثقافة الجماهيرية»، التى غدت: «الهيئة العامة لقصور الثقافة»، والتى أفرخت مئات من بيوت وقصور الثقافة فى جميع أنحاء مصر، ولعبت دورًا تاريخيًّا فى نشر الثقافة والمعرفة فى القرى والنجوع المصرية.

أنشأ كذلك المجلس الأعلى للثقافة، وأكاديمية الفنون بما تضمُّ من معاهدَ متخصصة فى: المسرح، الكونسرفتوار، الباليه، الموسيقى العربية، السينما، الفنون الشعبية، النقد الفنى. وكذلك دشّن المجلس الأعلى للثقافة، والهيئة العامة للكتاب، ودار الكتب والوثائق القومية، وأوركسترا القاهرة السيمفونى، وفرق الموسيقى العربية، ومسرح العرائس، والسيرك القومى، ومسرح سيد درويش، عطفًا على مجموعة من المتاحف المصرية، وكذلك معجزة مصر اليومية: «الصوت والضوء». ويعود إليه الفضلُ فى إنقاذ معبدى فيلة وأبى سمبل وآثار النوبة، من الضياع أثناء بناء السد العالى، بعدما قام بحملات دولية موسعّة لاستحثاث المؤسسات العالمية الثقافية للمساهمة فى الحفاظ على تلك الكنوز المصرية الخالدة.

لهذا قالت عنه وزيرة الثقافة الفنانة د. إيناس عبدالدايم إنه «فارسُ الثقافة» الذى يمثّل الوجه الجميل لمصر والعبقرية الاستثنائية التى أعادت صياغة وجدان المصريين، إذ أدرك أهمية الإبداع والتنوير فى إحياء الحضارة المصرية المعاصرة. افتتحت وزارةُ الثقافة المصرية سلسلة احتفالات بمئوية الأسطورة المصرية «ثروت عكاشة» أمس الأول «بدولة الأوبرا المصرية» على موسيقى «ريتشارد ڤاجنر»، الذى عشقه ثروت عكاشة وألّف عنه كتابًا مهمًّا بعنوان: «مولعٌ بڤاجنر». بقيادة المايسترو الكبير «أحمد الصعيدى» عزف «أوركسترا القاهرة السيمفونى» مجموعةً منتقاه من خوالد ڤاجنر، من بينها المقطوعةُ المحفورة فى ذاكرة كلِّ عشّاق العالم الذين توّجوا عشقَهم بالزواج: «مارش الزفاف».

وبالحق كان «ثروت عكاشة» مثقفًا موسوعيًّا من حيث الدراسة والملكات الشخصية. فقد حصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية، ثم ماچستير الصحافة ودكتوراة فى الآداب من جامعة السوربون. وعمل ملحقًا عسكريًّا للسفارة المصرية فى باريس وبون ومدريد، وسفيرًا لمصر فى روما، وخاض حرب فلسطين عام ١٩٤٨، وكان أول وزير ثقافة مصرى عام ١٩٥٨، ثم مساعدًا لرئيس الجمهورية للشؤون الثقافية، وأستاذًا زائرًا بعدد من جامعات العالم، وزميلا بالأكاديمية الملكية البريطانية، وحصل على الميدالية الذهبية من اليونسكو لجهوده المشهودة فى إنقاذ آثار مصر، وغيرها من الجوائز العالمية والمحلية العديدة. وبالإضافة لملكاته العسكرية والأدبية اللافتة، كان له باعٌ فى العمارة والفنون، فألّف موسوعات: «تاريخ الفن: العيُن تسمعُ والأذنُ ترى»، «الفن المصرى القديم»، «الإغريق بين الأسطورة والإبداع»، «الفن البيزنطى»، «الفن العراقى»، «الفن الفارسى»، «فنون العصور الوسطى»، «فنون عصر النهضة»، وغيرها من أمهات الكتب تلك التى تحكى تطور العمارة والفنون من سكّان الكهوف مرورًا بالعصور الوسطى، والفن الإسلامى، وحتى عصر الرينيسانس الأوروبى وصولاً إلى فنون القرن الثامن عشر. وكان له فى مجال اللغات والترجمات إسهاماتٌ جذرية كوّنت معيننا الثقافى. فبفضل ترجماته المدهشة تعرفنا على إبداعات «جبران» و«أوفيد» و«ثورن سميث»، و«هنرى لنك»، وغيرهم من أدباء ومفكرى العالم.

شكرًا وزارة الثقافة وشكرًا لرئيس دار الأوبرا الفنان د. «مجدى صابر» على هذا الافتتاح الباذخ، وتلك الليلة الساحرة بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية. ونعدُ أنفسَنا بشهور ثرية قادمة تمتد خلالها الاحتفالاتُُ بمئوية عظيم مصر «ثروت عكاش» حتى نهاية ٢٠٢١ فى مكتبة الإسكندرية والمجلس الأعلى للثقافة والمركز القومى للترجمة. شكرًا للكلمات الفاتنة التى قالها كلٌّ من د. مصطفى الفقى ود. أحمد عكاشة ود. إيناس عبدالدايم، عن أسطورة مصر: ثروت عكاشة، الذى لولا ما أسّس من صروح ثقافية وفنية هائلة فى مصر منذ خمسينيات القرن الماضى، لما كان لمصر هذا الوجه المشرق ثقافيًّا وفكريًّا وفنيًّا وأثريًّا. شكرًا يا مصرُ لأنك تنجبين عباقرةً خالدين. وأشعرُ الآن بالخجل من كلماتى القليلة فى حقّ مَن يستحق مجلداتٍ ضخمةً، لن توفيه حقّه. «الدينُ لله والوطن لبُناة وجه الوطن».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثروت عكاشة أسطورةٌ مصريةٌ خالدة ثروت عكاشة أسطورةٌ مصريةٌ خالدة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon