بقلم : فاطمة ناعوت
خبثاءُ ذوو دهاء يجيدون الاختلاقَ وتنميقَ الأكاذيب وتعمية العيون. بذيئون ذوو ألسنٍ طولى كطول الكمد. محترفون فى المشى فوق الحبال، ولا يقعون. فإن وقعوا شرَّ وقعة وانكشفوا، قالوا أوقعتنا مصرُ وأبناؤها. يطيرون من شجرة زقّوم إلى أخرى، لا كما العصافير، فهم لا يحملون عذوبة العصفور ونقاوة قلبه وحبّه للحياة والشدو. بل يتعلقون من أقدامهم فى أغصان الشجر الشيطانىّ كما الخفافيش، وينتظرون. وحين يبصرون طريدة تسير غافلةً بين الشجر، يتحولون فى لحظة إلى حداءات ناهشة، تنقضُّ ناشبة أسنانها فى عنق الضحية ثم يشرعون فى مصّ الدماء النقية وضخّ الدم المسموم.
يجيدون اللعب بالكروت المزوّرة. هدفهم الأوحد «إسقاطُ مصر» التى بأمر الله تعالى لن تسقط. ينفقون من الأموال ما لا يتصوّرُه عقلٌ من أجل تكسير مجاديف دولة عظيمة توالت عليها المحنُ والنوازلُ، ثم بدأت اليومَ تستفيقُ وتتنفس وتنهضُ وترتقى، وهذا مؤلمٌ لأعدائها أشدّ الألم. أعداءُ مصر الخبثاء فى قطر وتركيا يشترون من أبناء مصرَ مَن يسهُل شراؤه بالمال تارةً، وبالتضليل والإفك تارة. جنودُهم الجاهزون للطاعة هم الخونةُ من جماعة الإخوان الإرهابية والجماعات الإسلاموية وحزب النور وغيرهم، وجميعُ من سبق هم أعدى أعداء الإسلام وألدّ أعداء الوطن. كيف ظهرت تلك التكتلات الماكرة بعد ٢٠١١، ولماذا ما كان لها وجود قبلها؟ قبل ٢٠١١ كان يمنع ظهورهم القانون رقم ٤٠ لعام ١٩٧٧ الذى يمنع تكوّن أحزاب على أسس طائفية وعقدية. وهذا النهج الرفيع كان امتدادًا للحالة المتحضرة التى نشأت بعد ثورة ١٩١٩، حيث توحّد المسلمون والمسيحيون و«اليهودُ المصريون» من أجل تأسيس دولة مدنية متحضرة لا تعرف الهوس الطائفى ولا العنصرية العقدية؛ بل تبنّت الانتماء للهُوية المصرية والقومية، والتوحّد على خلق حالة ثقافية تساعد مصر على اللحاق بالركب الحضارى والعلمى الذى تخلّفت عنه. ولكن بعد ٢٠١١، نجح أولئك الخبثاءُ فى إقناع شطر من الشعب المصرى بأن المصريين ناقصو عقل ودين، وأن تلك الجماعات الخبيثة رُسلٌ من السماء أرسلهم اللهُ للأخذ بيد المصريين «ناقصى الدين» نحو الجنة. ولولاهم لزُفَّ أبناءُ مصر إلى الجحيم جموعًا حاشدة إثر جموع!، وبدأ الخبثاءُ فى اعتلاء المنابر يدعون على المدنيين من المسلمين المثقفين والمعتدلين الطبيعيين من البشر بالويل والثبور وعذاب القبور، بعدما كان دعاؤهم الأبدىّ مقتصرًا على «الكفار فى زعمهم»: المسيحيين واليهود!.. لهذا انتعشت حالاتُ الهوس الدينى الزائف التى سمحت لتلك الأحزاب والجماعات بالتكون والتوحّش فى غفلة من الزمان، وفى مخالفة صريحة للقانون والدستور المصرى. وماتت حركة التنوير التى أطلقتها ثورة ١٩ وذهب أدراجُ الرياح كلُّ كفاح أجدادنا المفكرين العظماء من أجل بناء مصر المستنيرة. لكن ثورة جديدة اشتعلت فى مصر ضدّ أولئك الخبثاء، ونجح المصريون فى انتزاع مصرَ المحتضرة من بين أنيابهم فى يونيو ٢٠١٣، فى محاولة لاستعادة حراك التنوير الذى بدأه آباؤنا المفكرون وأجهضه تجارُ الدين البلداء المرتزقة.
لكنهم كالفينيق الشيطانى ينبعثُ من رقدته كلما نجح التنويرُ فى كبح غلظته واستعدائه لخلق الله. كيف؟ لأنهم جهابذة فى التحايل والتآمر وضخّ الأموال فى جيوب عبيد المال. يقتلهم ارتقاءُ مصر المشهود، الذى يصنعه الرئيس السيسى ويلمسه كلُّ مصرىّ فى شتّى مناحى الحياة، من صحة وتعليم وعمران واستثمار. تُدمى قلوبَهم نهضةُ مصر الطافرة على يد حاكم أحبّ مصرَ وقرر أن ينتشلها من الضياع مثلما انتشلها من أنياب ضباع الإخوان وأزلامهم فى ٢٠١٣. جنّدوا قنواتٍ ومنابرَ إعلامية هائلة برؤوس أموال مليارية يديرُها مصريون خائنون وغيرُ مصريين حاقدون؛ وظيفتهم الوحيدة تعميةُ الناس عما يحدث فى مصر من نهضات حقيقية يشهدها كلُّ ذى عينين وكلُّ ذى عقل يدركُ أن مصرَ تربطُ الحزامَ على خصرها حتى تنهض من كبوتها فى غدٍ قريب مشرق بإذن الله. ولأجل هدفهم الأوحد «إسقاط مصر» يدغدغون الناسَ بكارت الفقراء وكارت الدين. بينما يعلمُ المصريون الواعون أننا نسدّد ديونًا قديمة متراكمة زادت بثورتين استنزفتا اقتصادَ مصر؛ وعلينا «جميعًا» تحمُّل الضنكَ والتقشّف برهةً من الزمن؛ حتى تتعافى مصرُ ونتعافى معها. وأما الدين فمحفوظٌ فى مصر بأمر الله؛ مهما حاول أولئك الخبثاءُ تشويهه وتحويره ليناسب مقاسات أفكارهم الشوهاء. ينسى أولئك الخونة أن الشعبَ فى مجمله قد استفاق من خداعهم، وبات على دراية كاملة بزيفهم وريائهم واتجارهم بالدين والسماء.
اللهم احمِ مصرَ من أعدائها الذين مددنا لهم يدنا بالخير عقودًا طوالا فقابلوا الإحسان بالخسّة والجحود. اللهم احم رئيسنا الوطنى النبيل «عبدالفتاح السيسى» الذى يحمى مصر من ويل مقيم يتربص بها من كل جانب.
«الدينُ لله.. والوطنُ لمن يحفظُ أمنَ الوطن».