توقيت القاهرة المحلي 10:37:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«جائزة صموئيل حبيب»... شجرةُ العطاء الوارفة

  مصر اليوم -

«جائزة صموئيل حبيب» شجرةُ العطاء الوارفة

بقلم: فاطمة ناعوت

أدرك فى مقتبل عمره أن «الأميّةَ» هى مِعولُ الهدم الأولُ فى أى مجتمع، والعدوُّ الأخطرُ الذى يعوق مصرَ عن النهوض والتحضّر الذى يليقُ باسمها العريق؛ لهذا سافر إلى أمريكا، بعد حصوله على البكالوريوس من الجامعة الأمريكية بمصر لإنجاز درجة الماجستير من جامعة سيراكيون حول: «الصحافة المقروءة للمتعلمين الجُدد فى المجتمع المصرى»، وعاد من فوره إلى وطنه لتطبيق أول برنامج مصرى لمحو الأمية فى خمسينيات القرن الماضى فى قرية «نزلة حرز» بمحافظة المنيا. ثم ألحق هذا البرنامج ببرامج أخرى مُطوّرة لتعليم المتسربين من التعليم. ثم أصدر فى منتصف الخمسينيات أول مجلة مصرية تهتم بمتابعة المتعلمين الجدد لكيلا يرتدوا إلى الأمية من جديد، وأطلق عليها اسم: «رسالة النور». فى مطلع خمسينيات القرن الماضى، أسّس مشروعًا تنمويًّا ضخمًا مازال يشعُّ نوره حتى اليوم، هو «الهيئة القبطيَّة الإنجيلية للخدمات الاجتماعية»، واحدة من أهم مؤسسات العمل الأهلى الرائدة فى مصر، هدفها الارتقاء بجودة المواطن المصرى تثقيفيًّا واجتماعيًّا، ومكافحة وباء الأمية. هذا شابٌّ مثقف ووطنى من صعيد مصر اسمه «صموئيل حبيب» عرف فى مقتبل صباه كيف يحبُّ مصرَ «عمليًّا»، فقضى عمرَه كلَّه يغرسُ فى تربتها شتلات النور. لهذا اختاره المجلس القومىُّ للكنائس الأمريكيَّة عام ١٩٩٠ واحدًا من ثلاث شخصيات على مستوى العالم، اهتمت بمكافحة الأميَّة فى بلادهم، واختاره الرئيس الراحل «أنور السادات» ضمن الأعضاء المؤسسين لجامعة الشؤون الإسلامية والعربية عام ١٩٨٠.

خلال مسيرة عطائه النبيل، وإلى جوار عمله الميدانى النشط، ألف وترجّم أكثر من ٦٠ كتابًا، من بينها كتبٌ فى تطوير المجتمعات النامية وتثقيف شعوبها. القسُّ الراحل الدكتور «صموئيل حبيب»، الذى تحتفل الهيئة كل عام فى عيد ميلاده يوم ٢٨ فبراير بتوزيع جائزة «صموئيل حبيب»، التى أُطلقت عام ٢٠٠٠، لتقدير رموز مشرقة فى المجتمع المصرى ساهمت فى الارتقاء بالمواطن والوطن، هكذا يكون رجلُ الدين المنخرط فى هموم وطنه والناشط فى حلّ مشاكله غير مدخرٍ لعلم ولا جهد ولا مال. كان القسُّ «صموئيل حبيب» من أوائل رجال الدين المسيحى المصريين الذين دعوا إلى تنظيم الأسرة عبر جولات ميدانية وندوات فى ستينيات القرن الماضى، كما اهتم بدور رجل الدين فى التنمية، فعقد العديد من البرامج المشتركة لرجال الدين الإسلامى والمسيحى، حول قضايا التنمية المجتمعية. العطاءُ المجتمعى والأخذ بيد الناس هو الذى يحدد قيمة الإنسان الحقيقية أمام الله، وعلى ميزان الإنسانية.

لا تنهضُ المجتمعاتُ إلا بانتظام أضلع مثلث التنمية: الحكومات، مؤسسات المجتمع المدنى، والقطاع الخاص. لهذا تعتزُّ مصرُ بالنجباء الوطنيين من أمثال الدكتور «صموئيل حبيب»، الذى منح عمرَه للخدمة المجتمعية والعمل التطوعى الرفيع. وهو شخصية مصرية عالمية حاصل على العديد من درجات الدكتوراه الفخرية من كبريات جامعات العالم والجوائز الدولية المرموقة. رحل عن عالمنا فى تسعينيات القرن الماضى، لكن جهوده مازالت فاعلةً لا تتوقف على مدار الساعة من خلال «الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية»، التى تترأس مجلسَ إدارتها الصيدلانية الجميلة الدكتورة «ميرفت أخنوخ»، ويترأسُها الدكتور الأكاديمى المثقف «أندريا زكى»، رئيس الطائفة الإنجيلية.

على مدار أربعة وعشرون عامًا، تمنح الهيئةُ جائزتين سنويًّا: إحداهما تُقدَّم لجمعية أهلية مصرية تقوم بدور بارز فى مجال خدمة المجتمع، والثانية تُقدّم لشخصية دينية مسيحية أسهمت فى العمل التطوعى لخدمة المجتمع، تشجيعًا لرجال الدين المسيحى للانخراط فى قضايا المجتمع وحل مشاكله، وتكريسًا لفكرة أن رجل الدين بشكل عام لابد أن يقدم خدمات عملية للارتقاء بمجتمعه. ولهذا تشيدُ وزارةُ التضامن كل عام بجهود الهيئة الإنجيلية وتعاونها الدائم فى المشروعات القومية التى تعمل على الارتقاء بذوى الهمم ومحو الأمية.

فى حفل هذا العام، قال د. «أندريا زكى» إن الدولة القوية لا تقومُ إلا على أعمدة مجتمع مدنى قوى تتضافر جهودُه مع مؤسسات الدولة للنهوض بالمجتمع لبناء مصر الحديثة. وذهبت جائزتا هذا العام إلى: جمعية «الجورة» لتنمية المجتمع فى شمال سيناء تقديرًا لدورها المجتمعى التنموى فى دعم فرص التنمية المستدامة لشباب سيناء، وتسلّمها «الشيخ عرفة»، ممثّل الجمعية، وحصد الجائزة الأخرى نيافة الأنبا «بولا شفيق، مطران إبراشية الإسماعيلية للأقباط الكاثوليك، تقديرًا لجهوده فى العمل الاجتماعى التطوعى طوال تاريخه الخدمى.

حضر الحفلَ الحاشد الذى أُقيم فى مقر الهيئة الأربعاء الماضى، كالعادة نخبةٌ جميلة من القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية، والقيادات السياسية والشعبية وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ وعددٌ من الشخصيات العامة من رموز الفكر والإعلام وقيادات المجتمع المدنى. وشَدَا مُرنِّمون رائعون من شباب الهيئة الإنجيلية بالأغنيات الوطنية الساحرة التى أدفأت قلوبنا بحب مصر. تحيا مصرُ الطيبة التى تعلّم أبناءها العطاء والحب. وشكرًا لكل مَن يحبُّ مصرَ. »الدينُ لله والوطنُ لمَن يحبُّ أبناء الوطن

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جائزة صموئيل حبيب» شجرةُ العطاء الوارفة «جائزة صموئيل حبيب» شجرةُ العطاء الوارفة



GMT 09:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هل مع الفيروس الجديد سيعود الإغلاق؟

GMT 08:25 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

التغيير في سورية... تغيير التوازن الإقليمي

GMT 08:24 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

هذه الأقدام تقول الكثير من الأشياء

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحاديث الأكلات والذكريات

GMT 08:23 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

كبير الجلادين

GMT 08:21 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

سوريا... والهستيريا

GMT 08:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جرعة تفاؤل!

GMT 08:18 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

لا يطمئن السوريّين إلّا... وطنيّتهم السوريّة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon