توقيت القاهرة المحلي 20:12:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«جائزة صموئيل حبيب»... شجرةُ العطاء الوارفة

  مصر اليوم -

«جائزة صموئيل حبيب» شجرةُ العطاء الوارفة

بقلم: فاطمة ناعوت

أدرك فى مقتبل عمره أن «الأميّةَ» هى مِعولُ الهدم الأولُ فى أى مجتمع، والعدوُّ الأخطرُ الذى يعوق مصرَ عن النهوض والتحضّر الذى يليقُ باسمها العريق؛ لهذا سافر إلى أمريكا، بعد حصوله على البكالوريوس من الجامعة الأمريكية بمصر لإنجاز درجة الماجستير من جامعة سيراكيون حول: «الصحافة المقروءة للمتعلمين الجُدد فى المجتمع المصرى»، وعاد من فوره إلى وطنه لتطبيق أول برنامج مصرى لمحو الأمية فى خمسينيات القرن الماضى فى قرية «نزلة حرز» بمحافظة المنيا. ثم ألحق هذا البرنامج ببرامج أخرى مُطوّرة لتعليم المتسربين من التعليم. ثم أصدر فى منتصف الخمسينيات أول مجلة مصرية تهتم بمتابعة المتعلمين الجدد لكيلا يرتدوا إلى الأمية من جديد، وأطلق عليها اسم: «رسالة النور». فى مطلع خمسينيات القرن الماضى، أسّس مشروعًا تنمويًّا ضخمًا مازال يشعُّ نوره حتى اليوم، هو «الهيئة القبطيَّة الإنجيلية للخدمات الاجتماعية»، واحدة من أهم مؤسسات العمل الأهلى الرائدة فى مصر، هدفها الارتقاء بجودة المواطن المصرى تثقيفيًّا واجتماعيًّا، ومكافحة وباء الأمية. هذا شابٌّ مثقف ووطنى من صعيد مصر اسمه «صموئيل حبيب» عرف فى مقتبل صباه كيف يحبُّ مصرَ «عمليًّا»، فقضى عمرَه كلَّه يغرسُ فى تربتها شتلات النور. لهذا اختاره المجلس القومىُّ للكنائس الأمريكيَّة عام ١٩٩٠ واحدًا من ثلاث شخصيات على مستوى العالم، اهتمت بمكافحة الأميَّة فى بلادهم، واختاره الرئيس الراحل «أنور السادات» ضمن الأعضاء المؤسسين لجامعة الشؤون الإسلامية والعربية عام ١٩٨٠.

خلال مسيرة عطائه النبيل، وإلى جوار عمله الميدانى النشط، ألف وترجّم أكثر من ٦٠ كتابًا، من بينها كتبٌ فى تطوير المجتمعات النامية وتثقيف شعوبها. القسُّ الراحل الدكتور «صموئيل حبيب»، الذى تحتفل الهيئة كل عام فى عيد ميلاده يوم ٢٨ فبراير بتوزيع جائزة «صموئيل حبيب»، التى أُطلقت عام ٢٠٠٠، لتقدير رموز مشرقة فى المجتمع المصرى ساهمت فى الارتقاء بالمواطن والوطن، هكذا يكون رجلُ الدين المنخرط فى هموم وطنه والناشط فى حلّ مشاكله غير مدخرٍ لعلم ولا جهد ولا مال. كان القسُّ «صموئيل حبيب» من أوائل رجال الدين المسيحى المصريين الذين دعوا إلى تنظيم الأسرة عبر جولات ميدانية وندوات فى ستينيات القرن الماضى، كما اهتم بدور رجل الدين فى التنمية، فعقد العديد من البرامج المشتركة لرجال الدين الإسلامى والمسيحى، حول قضايا التنمية المجتمعية. العطاءُ المجتمعى والأخذ بيد الناس هو الذى يحدد قيمة الإنسان الحقيقية أمام الله، وعلى ميزان الإنسانية.

لا تنهضُ المجتمعاتُ إلا بانتظام أضلع مثلث التنمية: الحكومات، مؤسسات المجتمع المدنى، والقطاع الخاص. لهذا تعتزُّ مصرُ بالنجباء الوطنيين من أمثال الدكتور «صموئيل حبيب»، الذى منح عمرَه للخدمة المجتمعية والعمل التطوعى الرفيع. وهو شخصية مصرية عالمية حاصل على العديد من درجات الدكتوراه الفخرية من كبريات جامعات العالم والجوائز الدولية المرموقة. رحل عن عالمنا فى تسعينيات القرن الماضى، لكن جهوده مازالت فاعلةً لا تتوقف على مدار الساعة من خلال «الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية»، التى تترأس مجلسَ إدارتها الصيدلانية الجميلة الدكتورة «ميرفت أخنوخ»، ويترأسُها الدكتور الأكاديمى المثقف «أندريا زكى»، رئيس الطائفة الإنجيلية.

على مدار أربعة وعشرون عامًا، تمنح الهيئةُ جائزتين سنويًّا: إحداهما تُقدَّم لجمعية أهلية مصرية تقوم بدور بارز فى مجال خدمة المجتمع، والثانية تُقدّم لشخصية دينية مسيحية أسهمت فى العمل التطوعى لخدمة المجتمع، تشجيعًا لرجال الدين المسيحى للانخراط فى قضايا المجتمع وحل مشاكله، وتكريسًا لفكرة أن رجل الدين بشكل عام لابد أن يقدم خدمات عملية للارتقاء بمجتمعه. ولهذا تشيدُ وزارةُ التضامن كل عام بجهود الهيئة الإنجيلية وتعاونها الدائم فى المشروعات القومية التى تعمل على الارتقاء بذوى الهمم ومحو الأمية.

فى حفل هذا العام، قال د. «أندريا زكى» إن الدولة القوية لا تقومُ إلا على أعمدة مجتمع مدنى قوى تتضافر جهودُه مع مؤسسات الدولة للنهوض بالمجتمع لبناء مصر الحديثة. وذهبت جائزتا هذا العام إلى: جمعية «الجورة» لتنمية المجتمع فى شمال سيناء تقديرًا لدورها المجتمعى التنموى فى دعم فرص التنمية المستدامة لشباب سيناء، وتسلّمها «الشيخ عرفة»، ممثّل الجمعية، وحصد الجائزة الأخرى نيافة الأنبا «بولا شفيق، مطران إبراشية الإسماعيلية للأقباط الكاثوليك، تقديرًا لجهوده فى العمل الاجتماعى التطوعى طوال تاريخه الخدمى.

حضر الحفلَ الحاشد الذى أُقيم فى مقر الهيئة الأربعاء الماضى، كالعادة نخبةٌ جميلة من القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية، والقيادات السياسية والشعبية وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ وعددٌ من الشخصيات العامة من رموز الفكر والإعلام وقيادات المجتمع المدنى. وشَدَا مُرنِّمون رائعون من شباب الهيئة الإنجيلية بالأغنيات الوطنية الساحرة التى أدفأت قلوبنا بحب مصر. تحيا مصرُ الطيبة التى تعلّم أبناءها العطاء والحب. وشكرًا لكل مَن يحبُّ مصرَ. »الدينُ لله والوطنُ لمَن يحبُّ أبناء الوطن

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جائزة صموئيل حبيب» شجرةُ العطاء الوارفة «جائزة صموئيل حبيب» شجرةُ العطاء الوارفة



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon