توقيت القاهرة المحلي 11:54:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هكذا وجدنا آباءنا.. فتركناه مفتوحًا!

  مصر اليوم -

هكذا وجدنا آباءنا فتركناه مفتوحًا

بقلم: فاطمة ناعوت

سألتُ زوجى: «لماذا تتركون زرارَ البدلة السفلى مفتوحًا.. عمدًا ودائمًا؟!»، فقال: «هكذا وجدنا آباءنا يفعلون.. ففعلنا!». فتحتُ ألبومَ صور العائلة، لأتأمل أبى الوسيمَ الأنيق فى البدلة، فوجدتُ الزرَّ الأدنى.. مفتوحًا!، سألتُه: «ليه يا بابا؟!» فأجاب بابتسامته الآسرة: «أصول الشياكة يا حبيبتى!!».. ألقيتُ السلامَ وأغلقتُ الألبومَ ونظرتُ حولى؛ جميعُ وجهاء العالم يتركون الزرَّ السفلىَّ فى البدلة مفتوحًا.. دون منطق مفهوم.. ولا سبب وجيه!.

ولأننى لا أفعل أى شىء لمجرد «التقليد»، مادام يُعوزُه سببٌ منطقىٌّ يقنعنى.. ولأننى القائمةُ على أناقة ابنى الجميل «عمر»، ولأنه يعشق مثلى «دار الأوبرا»، التى بالنسبة لنا «المنطقة الآمنة» التى نتنفس فيها بعمق لنطرد ضغوطَ الأيام من داخلنا، ولأن «عمر» مثلى، ذو عقل عنيد لا يعبأ بالتقليد قدر ما يهتم بالمنطق؛ فهو طبعًا يغلقُ جميعَ أزرار البدلة «عادى جدًّا»، وأرحبُ أنا بذلك «عادى جدًّا» ضاربةً صفحًا عما فعل الآباء!. للبدلة زِرّان، وعُروتان، إذن لنغلق الزرّين فى العُروتين! ويحدث أن نلتقط صورةً لنا فى «دار الأوبرا» وننشرها على صفحتى أو صفحة «عمر» فى الاستراحة. وتتوالى المهاتفاتُ على هاتفى وهاتف «عمر» من والده وشقيقه والأصدقاء: «خلى عمر يفتح زرار البدلة السفلى!)»، تُقالُ حادّةً مقتضبةً آمرةً ناهيةً بها مَسٌّ من غضب.. وكأننا ارتكبنا أمرًا مشينًا جللاً!!، لا أعبأ بهم، وأنظر حولى لأختلس نظرةً على الرجال من روّاد دار الأوبرا فى بدلاتهم الرسمية الأنيقة، فأجد جميعَ الأزرار السفلية مفتوحة!، يخفتُ يقينى بصحة وجهة نظرى!، ومع أننى أعرفُ النتيجة مسبقًا، إلا أننى أغامرُ وأهمس فى أذن «عمر»: «معلش يا (عمر)... افتح زرار البدلة السفلى يا حبيبى!»، وبالطبع، وكما أتوقّع، يجيبنى «عمر» بكل أدب ورقة وحسم وحزم: «لا! شكرًا!».

نسيتُ أن أخبركم أن كلمة (شكرًا) فى قاموس «عمر»، تعنى (لا!) ولكنها ليست (الـ لا المدلّعة) القابلة للتفاوض!، بل هى (لا القاطعة) التى تُنهى الجدل. لهذا يختصرها «عمر» فى (شكرًا)، التى تغلق الحديث برُمّته، مصحوبةً بحركة من يده تشبه حركة السيف إذْ يقطع. أى: (هذا فصلُ القول)!.

ربما «عمر» هو الأوحد على ظهر الكوكب الذى يغلق زرار البدلة، مُتحمّلاً الهمزَ واللمزَ، ولسانُ الحال يقول: (يا حرام الولد مش فاهم الموضة والأصول! وإزاى أمّه سايباه يرتكب الغلطة الشنيعة دى؟!). «عمر» لا يعبأ بالناس وكلامهم، ولا أنا أعبأ! لكننى قررتُ أن «أُقنن وأشرعن» جريمتنا. فكرتُ: لا بد أن للأمر مردًّا تاريخيًّا، لا بد له أصل. بحثتُ فوجدتُ السبب «العجيب» الذى من أجله يفتح جميع رجال العالم زرًّا، يحقُّ له أن يُغلق!.

طلع ايه بقا يا سيدى السبب؟ اسمع واندهش مثلى!!.

«قاعدة معيارية يجب اتباعها فى ربط أزرار سترة البذلة الرسمية هى: أحيانًا، دائمًا، أبدًا. البذلة ذات الثلاثة أزرار: (أحيانًا) يمكنك ربط الزر العلوى، والزر الأوسط (يجب ربطه دائمًا)، أما الزر السفلى (فلا يجب ربطه أبدًا). وبالنسبة للسترة ذات الزرين، يجب عليك دائمًا أن تربط الزر العلوى وأن تتجنب ربط السفلى».

عجيبٌ أمرهم!!، ولماذا يخيطون زرًّا ممنوعًا ربطه؟! وبحثتُ عن السبب، فزاد اندهاشى وعجبى. طلع السبب هو الملك «إدوارد السابع»، الذى حكم بريطانيا تسع سنوات فقط من عام ١٩٠١- ١٩١٠. يقول السير «هاردى آميز»، مصمم أزياء الملكة «إليزابيث الثانية»، مثلما تقول مجلات الموضة إن الملك «إدوارد» صار بدينًا للغاية لدرجة أن جميع بدلاته لم تعد تتسع له، فتوقف عن ربط زرها السفلى. ومن باب الاحترام والتوقير لسموّه، توقف رجالُ البلاط البريطانى، وبعدئذ كل من فى إنجلترا ومستعمرات بريطانيا، وبعدئذ كل رجال العالم، عن ربط الزر السفلى من بدلاتهم تباعًا!. وتقول نظرية أخرى إن النبلاء حين يركبون خيولهم ببدلاتهم، يفتحون الزرَّ السفلى حتى يتمكنوا من القيادة.

حسنًا جدًّا، ابنى «عمر» والحمد لله رشيقٌ للغاية، فلا حاجة لنا بتقليد الملك «إدوارد» رحمه الله. وفى أوقات الفروسية، بالطبع لا يرتدى ابنى بدلة بأزرار، بل ملابس الخيل. وإذن، أعلنُ لكم أيها السادة أننا لن نجاريكم، مع كامل احترامنا لتقاليدكم الموروثة، وسوف نغلق أزرارَ البدلة جميعًا. فمادام هناك زرار ومادامت له عروة، فليدخل الزرُّ عروتَه!!.

■ ■ ■

ومن نُثار خواطرى:

■ ■ ■

(معطف)

هذى حبالُ الغسيلْ فى شرفتى

ممزقةُ الخيوط

مُهدّلةٌ

ربما

لأن معاطفى وفساتينى

مُثقلةٌ بهموم نساءٍ

تدرّبنَ منذ بَدء حياتهن

على ابتلاعِ الحَزَن

ومصاحبةِ «كافكا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هكذا وجدنا آباءنا فتركناه مفتوحًا هكذا وجدنا آباءنا فتركناه مفتوحًا



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon