توقيت القاهرة المحلي 20:00:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النبلُ.. صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر

  مصر اليوم -

النبلُ صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر

بقلم: فاطمة ناعوت

دخل البروفيسور إلى قاعة المحاضرات فى إحدى الكليات الغربية التى تدرّسُ القانون. جال ببصره بين طلاب السنة النهائية. وقع بصره على إحدى الطالبات: شابة جميلة فى مقتبل حياتها. أشار نحوها بإصبعه وقال بكل هدوء وحسم:

ابتسمتِ الطالبةُ وقالت:

- الطالبة: اسمى أليكسيس.

- البروفيسور: أليكسيس... أرجو منكِ مغادرة القاعة فورًا.... ولا أريد أن أراكِ فى أىٍّ من محاضراتى مرة أخرى.

اصفرَّ وجهُ الفتاة، وعلا محياها سيماءُ الإحراج والانسحاق:

- الطالبة: لم أفهم!

- البروفيسور: لن أعيدَ كلامى.... شكرًا لك.

وأشار نحو باب القاعة.

أغلقتِ الطالبةُ حاسوبها والدموعُ متحجّرة فى عينيها.... جمعت أغراضها... أخذت حقيبتها وتوجهت نحو باب قاعة المحاضرات تتعثّر فى خجلها، وخرجت وسط دهشة زملائها وهمهمات التساؤل الصامت، تلك التى قطعها البروفيسور... إذ توجّه إلى الطلاب قائلًا:

- البروفيسور: لماذا توجد القوانين؟ ما الغرض من القوانين؟ هل من مجيب؟

- طالب: وُجدت القوانينُ لتحقيق النظام الاجتماعى.

- طالبة: لحماية الحقوق الشخصية للأفراد.

- طالبة أخرى: حتى نستطيعَ الاعتمادَ على الحكومة.

وخلال تلك الإجابات المختلفة، كان البروفيسور يومئ برأسه بما يعنى أن الإجابات غير دقيقة أو ناقصة أو خاطئة. إلى أن قال طالبٌ:

- العدالة.

أشار البروفيسور بإصبعه نحو هذا الطالب، مستحسنًا إجابته وقال:

- شكرًا لك.

ثم عاد ونظر إلى الطلاب وسألهم:

- البروفيسور: الآن أخبرونى.. هل كنتُ غيرَ عادل مع زميلتكم قبل قليل؟

أومأ الطلاب برؤوسهم إشارة الموافقة، فاستطرد البروفيسور قائلا:

- بالتأكيد لم أكن عادلًا مع زميلتكم. ولكن... لماذا لم يحتجّ أىٌّ منكم؟!! لماذا لم يحاول أحدُكم إيقافى؟! لمَ لمْ ترغبوا فى منع الظلم؟!

نظر الطلاب إلى بعضهم البعض فى حيرة.... فاستطرد البروفيسور:

- حسنًا، ما تعلمتموه للتوّ خلال مشهد طردى لزميلتكم دون سبب، لن تستوعبوه فى ألف ساعة من المحاضرات، ما لم تعايشوه بأنفسكم. الحقيقة أنكم لم تتكلموا لأن الأمر لم يؤثر عليكم شخصيًّا!

أطرق الطلابُ برؤوسهم علامة شعورهم بالخجل، فاستطرد البروفيسور:

- لكن هذا السلوك يضركم ويضر الحياة.

ضحك البروفيسور ساخرًا وأكمل:

- أنتم تظنون أن ما ارتكبتُه من ظلم لا يعنيكم ولا شأن لكم به. حسنًا، أنا هنا اليوم لأقول لكم:

- إذا لم تساعدوا فى تحقيق العدالة، فربما ستواجهون الظلمَ ذاتَه يومًا ما... ولن يقف بجانبكم أحدٌ. الحقيقة والعدالة مسؤوليتُنا جميعًا. ويجب أن نكافح من أجلها جميعًا؛ لأننا فى الحياة والعمل، نعيش معًا. ولكن ليس (إلى جانب) بعضنا البعض. نبررُ الصمتَ لأنفسنا بأن مشاكل الآخرين لا تعنينا ولا تخصُّنا.... ونذهب إلى البيت سعداء لأننا نجونا! لكن الأمر يتعلق «بالوقوف إلى جانب بعضنا البعض». الظلمُ يحدث يوميًّا فى العمل والرياضة أو فى الحافلة. ودائمًا ما نعتمد على «شخص آخر» ليعتنى بالأمر! وهذا لا يكفى! من واجبنا أن نقف إلى جانب الآخرين... وأن نتحدث باسمهم عندما لا يتمكنون من ذلك. أنا هنا لأعلمكم (قوة الصوت) التى تمتلكونها. أريدكم أن تتعلموا (التفكير النقدى) الذى يمنحكم قوة الوقوف إلى جانب الحق.... حتى لو كان ذلك يعنى مواجهة ما يفعله الجميع.

***

انتهى الفيديو القصير الذى شاهدتُه على إحدى المنصّات، والذى أسَرَنى لأنه لخّص كلَّ ما تعلمتُه من أبى، رحمه الله، حين كنتُ أراه يقفُ إلى جوار كل مظلوم لا يعرفه، مدافعًا عن حقّه ومكافحًا لرفع الظلم مهما كلّفه هذا من وقت ومال وألم. علّمنى أبى أن النبلَ يبدأُ وينتهى عند الوقوف فى وجه الظلم، وإن لم يقع علينا مباشرة. هذا مبدئى وتلك عقيدتى، وذاك درسُ أبى.

***

ومن نُثار خواطرى:

(محكمة)

جئتُ

من أقصى المدينة أسعى

أدخلُ القاعةَ المَهيبة

أنزعُ عن عينىّ

عُصابةَ العدلِ

وريشةَ الضمير عن تاجى

أضعُ المَيزانَ فوق المِنّصَّةِ

ثم أهبطُ الدرجات

وأقطعُ القاعةَ الواسعة

مخترقةً نظراتِ الحضور

تتطايرُ من حولى مثل سهامٍ مارقة

لن أنظرَ إلى نفسى

لكى أتأكدَ أن الروبَ الأسودَ

مُحكمٌ حول جسدى النحيل

فأنا

مازلتُ «ماعت»

دون ريشةٍ ودون ميزان

ألجُ بهدوءٍ خلفَ السياج

أقبضُ بيدىّ على القضبان

وأنتظرُ

......

ثلاثَ دقاتٍ

من المِطرَقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النبلُ صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر النبلُ صوتُ الدفاع عن حقّ الآخر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon