بقلم : فاطمة ناعوت
دخل صندوق «تحيا مصر» موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية للمرة الثالثة، بعد تحطيم رقم قياسى جديد. هكذا تصدّر الخبرُ مانشيتات الصحف وتيكرز وكالات الأنباء. مبروك لمصر ومبروك للمصريين. ولا شكَّ أن دخول موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية مرّةً واحدة يُعدُّ مجدًّا عالميًّا فى ذاته. لكن دخول تلك الموسوعة العالمية من بوابة «الإنسانية» هو المجدُ الأبدى الذى يتذكّره التاريخُ. فماذا لو كان الدخول من بوابة الإنسانية لثلاث مرات متواليات؟!، هنا يكون المجدُ فى عليائه ممهورًا باسم أول حضارة فى التاريخ احترمتِ الإنسانَ وأعلت من قدره، حضارة دولة اسمها: مصر.
ارتسم شعارُ «صندوق تحيا مصر» على واجهة الهرم العريق احتفالًا بهذا الحدث العالمى المبهج. وأضاء برجُ خليفة فى دبى واجهته بعلم مصر وشعار الصندوق، تحية من دولة الإمارات لشقيقتها مصر على تحطيم الرقم القياسى الثالث فى شأن الانتصار لحق الإنسان فى الحياة بكرامة.
«صندوق تحيا مصر» هو كيان اعتبارى مستقل أنشأه الرئيس عبدالفتاح السيسى بقرار جمهورى فى بداية حكمه، من أجل دعم اقتصاد مصر وتحقيق العدالة الاجتماعية ومساعدة الفقراء والمتضررين من أبناء الوطن. للصندوق مجلس أمناء يتولى رسم السياسة العامة لنشاطه، برئاسة مجلس الوزراء وعضوية فضيلة شيخ الأزهر، وقداسة البابا، ومحافظ البنك المركزى المصرى، ووزراء المالية، العدل، التخطيط، الاستثمار، الصناعة والتجارة والمشروعات الصغيرة، وبعض الشخصيات العامة من الخبراء فى مجال الاقتصاد والاستثمار والشأن المجتمعى. وتزامن ميلاد الصندوق مع قرار الرئيس يوم ٢٤ يونيو ٢٠١٤ بتبرّعه بنصف راتبه ونصف ثروته لصالح مصر فى ظلّ الظروف الاقتصادية القاسية التى مررنا بها بعد عهد الإخوان المُرّ وثورتين أنهكتا كاهل الوطن المُثقَل بالأحمال والمحن. وفى ١ يوليو من ذات العام أعلنت الرئاسة عن تدشين صندوق «تحيا مصر» تفعيلًا لمبادرة دعم الاقتصاد المصرى، وفُتح حساب للصندوق رقم 037037 لتلقى مساهمات المصريين فى الداخل والخارج بجميع البنوك المصرية. وتوالت مِنح المصريين للصندوق وكذلك البنوك المصرية والمؤسسات والشركات ورجال الأعمال الوطنيين. ومنذ نشأته، أطلق الصندوقُ مبادرات موسعة لغوث المتضررين من الكوارث الطبيعية وكفالة المعدمين والمسنّين والأيتام والنساء المعيلات وذوى الاحتياجات الخاصة، ودشّن الصندوق حملات قومية لعلاج ملايين المرضى كما شهدنا جميعًا.
وتوالت إنجازاتُ صندوق تحيا مصر فى تحطيم الأرقام القياسية فى دعم حق الإنسان فى الحياة. فى البدء، دخل الصندوق «موسوعة جينيس»، بعدما حطّم الرقم القياسى فى أكبر حملة للتبرع للمواد الغذائية، إذْ بلغت ٣٠٠ ألف صندوق طعام.. ثم حصل الصندوق على مكان ثانٍ فى الموسوعة العالمية بعد التبرع بأكبر كمية من الدواجن للأسر الفقيرة بلغت مليونى كيلوجرام من الدجاج. وقبل أيام دخل الصندوق المصرى موسوعة جينيس للمرة الثالثة بعد تحطيمه رقمًا قياسيًّا جديدًا بإطلاقه «أكبر قافلة مساعدات إنسانية فى العالم» لمساعدة المحافظات الأولَى بالرعاية. وقال السيد/ أحمد مقلد، الرئيس التنفيذى للمكتب المنسق مع موسوعة جينيس للأرقام القياسية، إن القافلة كانت مرشحة للحصول على سبعة أرقام قياسية أخرى، فى مجال الأجهزة الطبية، والمعدات، وغيرها من المساعدات.
أمرٌ محترمٌ أن يبدأ حاكمٌ عهدَه بإنقاذ المعدمين والمرضى، وأن يُعطى مثلا بنفسه فيبادرُ بالتبرع من جيبه الخاص لصندوق سوف يكون السندَ لمن لا سندَ له، والظهرَ الذى يركن إليه المأزومون وذوو الحاجات. وأمرٌ محترم أن يسارع أثرياءُ الوطن بدعم ذلك الصندوق الذى شهد العالمُ لإنجازاته المدهشة خلال عمره القصير، ست سنوات، حتى استحق أن يدخل الموسوعة العالمية مراتٍ ثلاثًا من أرقى وأرفع وأسمى أبوابها: «باب الإنسانيات».
شرفٌ عظيمٌ لكل مصرى أن يدعم ذلك الصندوق النبيل الذى يتحرك بشفافية مطلقة، ونشهد بعيوننا كلَّ يوم إنجازاته الإنسانية المحترمة من أجل نجدة ذوى الحاجة والمتضررين والمعدمين. كلُّ داعم لهذا الصندوق يستحقُّ بجدارة أن يكون ابنًا من أبناء مصر العظيمة التى خطّت فى وصاياها ما يشهد به كل مصرىّ على نفسه لحظة الحساب، كما يخبرنا كتاب: «الخروج إلى النهار» الشهير بـ«كتاب الموتى». يقول الجدُّ المصريُّ: «كنتُ عينًا للكفيف، ساقًا للكسيح، يدًا للمشلول، وأبًا لليتيم». ذاك هو قانون «ماعت»، قانون سلفنا الصالح العظيم، الذى علّم البشرية قانون التحضر والسمو والنبل، قانون الإنسان.
شكرًا صندوق تحيا مصر الذى استحق رفع القبّعة ونقول له: Hat-trick لتسديده ثلاثة أجوال فى مرمى الإنسانية.
«الدينُ لله، والوطنُ لمن يدعمُ الوطن».