بقلم : فاطمة ناعوت
كأنه بالأمس فقط، ظلامُ الفاشية الإخوانية التى أوشكتْ أن تذهبَ بمصرَ إلى حيثُ لا عودة. نحنُ الذين قرأنا تاريخَ الإخوان الدموىَّ منذ ١٩٢٨، لم ننسَ هذا العام الكئيب الذى سرق فيه الإخوانُ عرشَ مصر، حتى أسقطتهم فروسيةُ رجل نبيل قرّر مواجهة الموت لينقذ وطنَه ويُحرّر شعبه. نحن لم ننسَ لأننا، بدرايتنا تاريخَ الجماعة وآلية عملهم، نعرف أنهم ما كانوا يرحلون، مهما اشتعلت الثوراتُ ضدّهم، ومهما انسحق الشعبُ.
الإخوان كما «الفيروس اللزج» الذى يتشبثُ بخلية فلا يتركها إلا بعد التهامها. هكذا كانوا يلتهمون مصرَ شِلوًا شِلوًا حتى تفنى ولا يتبقى منها إلا طللٌ حزينٌ على الخرائط القديمة، يقول: «هنا كانت مصرُ!». نحن لم ننسَ، ولن ننسى. لكن البعضَ ينسون لأن آفةَ حارتنا النسيانُ.
نجح أعداءُ مصرَ فى قطر وتركيا أن «يُجرّفوا» الذاكرةَ من أدمغة بعض الذين (لم يذاكروا تاريخَ الإخوان)، فنسوا ما كان، وما كان مُفترضًا أن يكون، لو لم تُنقَذ مصرُ من «مِخلب الإخوان الشرس»، بفضل الله والجيش المصرى والرئيس عبدالفتاح السيسى وشرفاء المصريين. وعلى مَن يتذكّرُ أن يُذكِّرَ مَن نسىَ. إنه «عبدالفتاح السيسى» الذى حرَّر المصريين من فاشية منظّمة الإخوان الدولية، فاعتبره المصريون والعربُ الأبَ الروحىَّ للجمهورية المصرية الثانية. قاد السيسى معركة تحرير بلاده من نازية الإخوان فأسقطهم فى ٣ يوليو ٢٠١٣، واقفًا أمام العالم بأسره بصدر مكشوف، حاميًا مائة مليون مواطن مصرى، كان الغدُ بالنسبة لهم قلقًا وهلعًا. رفض السيسى مداهنة الإخوان وأمريكا وإسرائيل وقطر وتركيا وبعض دول أوروبية لها مصالحُ مع جماعة الإخوان، وانتصر لوطنه ومواطنيه بجسارة رجلٍ يواجه أقوى دول العالم بقوة إيمانه بالله وبشعبه الذى يستحقُّ الحياةَ الكريمة. كأنما كان يتقوّى بمقولة الإمام على بن أبى طالب: «لا تُزيدنى كثرةُ الناس حولى عِزّة، ولا تَفرقُهم عنى زادنى وَحشةً، لأنى مُحقٌّ».
والآن، تحاول بعضُ قوى الشرّ هدمَ ما صنعه البطلُ «عبدالفتاح السيسى»، غَيرةً من نهضة مصر المشهودة الراهنة، وغَيرةً من المكانة الشعبية التى نالها الرئيسُ وحبّ المصريين الجارف له، بعدما حرّرنا من طاغوت، قالت جميعُ المؤشرات العلمية والسياسية: «إنه لا فكاكَ منه إلا بمعجزة»، تلك التى تحققت حينما اجتمع الشعبُ صوتًا واحدًا يوم ٣٠ يونيو فى ميادين مصر وشوارعها بعشرات الملايين، أمَّنهم جيشُنا العظيم من بلطجية الإخوان وميليشيات المرشد والشاطر والعياط والعريان والبلتاجى وصفوت حجازى وحازم أبوإسماعيل وغيرهم، الذين توعّدوا الثائرين بتقطيع الألسن وتكسير الأصابع.
قال بعض الذين «لم يذاكروا تاريخ الإخوان»: لم يفعل «عبدالفتاح السيسى» إلا ما كان يجب أن يفعله، ولم يؤدِّ إلا واجبه، ولا شكرَ على واجب! وهنا نسألُهم: وهل تحدثُ كوارثُ الدنيا إلا لأن شخصًا ما لم يؤدِّ واجبه؟!
ألم نتراجع منذ سبعين عامًا «لأن» مسؤولين وقيادات ووزاراتٍ وإعلاميين ومعلّمين وآباء وأمهاتٍ لم يقوموا بواجبهم؟! لو أدى كلُّ إنسان واجبَه منذ عقود ما تفشّى المرضُ فى جسد الوطن على جميع الأصعدة، وهو ما يجهد الرئيسُ السيسى منذ سنواتٍ ستٍّ لإصلاحه. لو لم يؤدِّ المشيرُ عبدالفتاح السيسى واجبه عام ٢٠١٣، ولو لم يؤدِّ الجيشُ المصرى واجبه، ولو لم يؤدِّ شرفاءُ هذا البلد واجبهم، لظلَّ الوحشُ الإخوانىّ رابضًا على قلب مصرَ الواهن إلى أبدٍ، لا يعلمه إلا اللهُ، وما كنّا سنشهدُ ما نشهده اليوم من نهضة مصر فى جميع الأصعدة: مكافحة الإرهاب، إصلاح منظومات: التعليم والصحة والعمران والمرور، مكافحة الفساد، إحلال العشوائيات، بناء مدن كاملة للفقراء، تمكين المرأة، مساندة الغارمات، وعشرات الأشياء التى يعرفها كلُّ مواطن مصرى يشهد بعينيه يوميات النهوض الحقيقى بوطنه، فـ«لا تَبخَسوا الناسَ أشياءَهم»، كما قال اللهُ فى سورة «الأعراف».
يفعلُ الرئيسُ السيسى ما ينبغى أن يفعله قائدٌ لدولة «ناهضة» فى مرحلة رأب الصدوع وتجميع الشتات تأهبًا لوثبة النهوض الوشيكة، فرجاءً أيها الرئيس العظيم، استمر فى طريقك ونحن معك، ولا تعبأ بصغار النفوس الذين يُكسّرون الهِمم ويشوّهون كلَّ جميل يُقدم للوطن. وهذا بالضبط ما يفعل الرئيس، فهو لا يُنصتُ إلا إلى صوت الماكينات والحفارات والعمال الذين يبنون الوطن، وصوت العلم الذى ينهض بالصحة والتعليم.
فى لقاء الرئيس السيسى بالمفكرين والأدباء، والذى تشرّفتُ بحضوره، سأله الشاعرُ الجميل «فاروق شوشة»- رحمه الله- أن يكون اللقاءُ شهريًّا، فأجاب الرئيسُ ضاحكًا: «هاتصحوا الساعة ٦ الصبح؟»، ولم تكن مزحةً من الرئيس الذى بالفعل يستيقظ فى السادسة صباحًا لينهض بدولة عظمى اسمها مصر. «الدينُ لله، والوطنُ لمَن يحمى الوطن».