توقيت القاهرة المحلي 10:58:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرحلةُ المقدسة.. عيدًا مصريًّا

  مصر اليوم -

الرحلةُ المقدسة عيدًا مصريًّا

بقلم: فاطمة ناعوت

فى آخر يونيو من كل عامٍ، نتذكّر ثورةً خالدة أنقذت مصرَ من ويلات الاحتلال الإخوانى البغيض، الذى لولا وعى شعبٍ عظيم، ولولا بسالة جيش قوى، ولولا ذكاء قائد جسور، لضاعت مصرُ من بين أيدينا. وفى أول يونيو من كل عام، نتذكّرُ يومًا مهيبًا من تاريخ مصر الثرى، وقع قبل أكثر من ألفى عام، وصل فيه السيدُ المسيح طفلا، مع أمه العذراء «مريم»، عليهما السلام، إلى أرضنا الطيبة، يحتميان بها من بطش «هيرودس» ملك فلسطين. وكأن شهر «يونيو» قد اِفتُتحَ بيوم خالد، واختُتم بيوم خالد، يؤكد كلاهما عظمة مصرَ وفرادتها بين دول العالم.
فقط أرضُ مصرَ، من بين أراضى الله، اختارتها العائلةُ المقدسة ملجأً وسكنًا، فأحسنتْ أرضُنا الطيبةُ استقبالَ الوفدَ الكريم، وضمّت بين شغاف القلب طفلاً قدسيًّا، لتحميه من قاتل الأطفال. وكبر الطفلُ ليغدو رسولَ السلام «يجولُ يصنعُ خيرًا»، فطوّبه اللُه فى كتابه العزيز: «وسلامٌ عليه يومَ وُلِد ويومَ يموتُ ويم يُبعثُ حيّا». كانت أرضُنا الطيبة لتلك العائلة «ربوةً ذات قرار ومعين». جالت فيها سيدةُ الفضيلة فتفجّرتْ تحت قدميها عيونُ الماء، وشقشقت بكل بقعة وطئتها زهورُ البيلسان، فامتلأت أرضُنا بخصب لا يبور، وإن بارت بقاعُ الدنيا.

طافت العائلةُ المطوّبة من شرق مصرَ إلى غربها إلى جنوبها ثم عادت من حيث أتت. هجروا فلسطين ودخلوا مصرَ من باب «رفح»، ثم «العريش». ومن «سيناء» الشريفة، دخلوا «تل بسطا» بالزقازيق. وظمأ الطفلُ ولم ينجدهم أحدٌ بشربة ماء، ولما بكت الأمُّ الصغيرةُ، تفجّرت بئر ماء تحت جذع شجرة، وارتووا. واستأنفوا الرحلة إلى «مسطرد» ثم «بلبيس» ثم شمالا نحو «سمنّود» ثم غربًا نحو «البُرّلس» ثم «سخا»، ثم «وادى النطرون». بعدها دخلوا منطقة «المطرية» و«عين شمس». ثم ارتحلوا إلى «الفسطاط»/ بابليون، بمصر القديمة واختبأوا فى مغارة محلّها الآن كنيسة «أبوسرجة» الأثرية. بعدئذ دخلوا «المعادى»، ثم سافروا جنوبًا نحو صعيد مصر ومكثوا برهة فى قرية «البهنسا». ومن بعدها ارتحلت العائلة المقدسة جنوبًا نحو «سمالوط» ومنها عبرت النيل شرقًا حيث «جبل الطير». ثم عبروا من جديد من شرق النيل إلى غربه حيث بلدة «الأشمونيين» التى شهدت معجزات عديدة للسيد المسيح. ثم ساروا جنوبًا نحو «ديروط» ثم «القوصية» ثم غربًا حيث قرية «مير». إلى أن دخلت العائلةُ المطوّبة منطقة «دير المحرّق»، وهى أهم محطّات الرحلة المقدسة، حيث استقرّت بها الأسرةُ قرابة نصف العام، وتٌعدُّ تلك أقدم كنيسة فى التاريخ لأنها شهدت طفولة المسيح عليه السلام. بعدها كانت محطتّهم الأخيرة بمغارة فى «جبل درنكة» بأسيوط، لتبدأ بعدها رحلة العودة إلى أرض فلسطين.

طوال تلك الرحلة الشاقة، كانت أرضُنا تذوبُ رحمةً تحت قدمى الفتاة التى اصطفاها الُله لتحملَ فى خِصرها الرسولَ المُطّوب، فكان وأمُّه آيةً. تفجرت عيونُ الماء فى الصحراء القواحل، ونبتت زهورٌ بين طيّات الصخور، وتساقط فوق كتفى البتول، من جافّ النخيل، رطبٌ شهىُ يسُرُّ الناظرين. لهذا بارك الكتابُ المقدس أرضَنا الكريمة التى استقبلت المُصطفاةَ، وبارك ابنُها شعبَنا الطيبَ قائلا: «مباركٌ شعبى مصر».

ربما ذلك العهدُ القدسى الذى سطرته مصرُ فى قلبها للمسيح وأمه، ودوّنه التاريخ فى كتابه، هو سبب تلك العروة الوثقى التى تربط الأقباطَ المسيحيين بمصر، التى سمّاها أجدادُنا الفراعنة: «ها كا بتاح»، أى «منزل روح بتاح»، وتحوّرت إلى: «كَبَت»، (قَبَط)، ثم «إيخبت» ثم «إيجبت» Egypt.

أُكررُ مناشدتى للدولة المصرية بأن تجعل (أول يونيو) عيدًا قوميًّا رسميًّا وشعبيًّا، يحتفل فيه المصريون كافة، بذلك الحدث الاستثنائى. فنحتفل أول يوينو بعيد، ونختتم يونيو بعيد ثورتنا الخالدة ٣٠ يونيو. وأتمنى أن تكمل وزارة السياحة مشروعها الوطنى المهم فى تشدين رحلات سياحية لمحطّات تلك الرحلة. فيكون لها مردٌّ هائل على إنعاش السياحة، والأهم، إنعاش المعرفة التاريخية عن مصر العريقة فى عقول النشء الجديد.

ومن نُثارِ خواطرى:

 

■ ■ ■

(دمعُ العذراء)

شُقّى عند الصدرِ

وقُصّى الأوتارَ

ليتحررَ قلبٌ مسكونٌ بالخوفْ

لُفّيه لسبعِ ليالٍ

فى مِنديلٍ مغسولٍٍ بدموعِ العذراءْ

رشّى بعضَ العطرِ

وضميهِ إلى صدرِكِ

علَّ القلبَ الخائفُ يتدفأُ

والجُرحَ ينامْ

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرحلةُ المقدسة عيدًا مصريًّا الرحلةُ المقدسة عيدًا مصريًّا



GMT 08:07 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمشق وطهران والحرب الجديدة

GMT 08:06 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

«الصراع من أجل سوريا»

GMT 08:05 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غزة. غزة... بقلم «جي بي تي»!.. بقلم «جي بي تي»!

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

... أن تكون مع لا أحد!

GMT 08:02 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

غول الترمبية والإعلام الأميركي... مرة أخرى

GMT 08:01 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الصراع في سوريا وحول سوريا

GMT 08:00 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

سوريا واللحظة الحرجة!

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ترمب ــ «بريكس»... وعصر القوى المتوسطة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon