توقيت القاهرة المحلي 10:08:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قلقاسُ الغطاس.. في بيت «ميرنا ذكرى»

  مصر اليوم -

قلقاسُ الغطاس في بيت «ميرنا ذكرى»

بقلم : فاطمة ناعوت

ليس أشهى من حبّة تمرٍ قدّمتها لى يدٌ قبطية لأكسرَ بها صيامى مع أذان المغرب فى أحد أيام رمضان 2013، يوم نزلنا فى 26 يوليو لنطالبَ جيشَنا العظيمَ بحماية هُويتنا والضرب على يد الغول الإخوانى البغيض، الذى انتوى إحراق الوطن بعدما أسقطناه عن عرش مصر فى ثورة 30 يونيو 2013. مازال مذاقُها فى فمى. قدمت لى التمرةَ يدُ صبية لمحتُ فى رُسغِها صليبًا أزرقَ، بلون النيل، ولون عين حورس، فتأكدّتُ أن مصرَ ستظلُّ عصيةً على الشتات، غنيةً بشعبها الذى لا يعرفُ إلا الحبَّ ولا يسمحُ بالفُرقة والشقاق، مهما حاول المُبغضون. يومها استوثقتُ أن شعبنا الطيبَ الذكىَّ يعرفُ كيف يحفظ عهدَ الله، لنظلَّ فى رباطٍ إلى يوم الدين.

وليس أشهى من أقراص الكعك تخبزها الجاراتُ المصريات، مسلمات ومسيحيات، فى ليالى رمضان استعدادًا لعيد الفطر، وفى عشيات قدّاسات عيد الميلاد وعيد القيامة، فإذا ما نضج الكعك على ضحكاتهن، يبدأن فى رشّ السُّكر على وجهه المتوهّج بنار الفرن ودفء المحبة فى قلوبهن، فإذا ما أشرقتْ شموسُ الأعياد، طافتِ الصحونُ بين أبواب الدور مُحمّلةً بالكعك والبيتيفور والبسكويت. أقراصُ الكعك لا تعرفُ التمييز بين هلال وصليب وإنجيل ومصحف، فالكلُّ يذوبُ فى فيوض الودّ والمحبة، مثلما يذوب سكّر الكعك على الألسنِ الطيبة، التى لا تعرفُ إلا كلماتِ السلام.

وليس أشهى من حبّات القلقاس البيضاء، تسبحُ فى نهرِ الأخضر الزاهى فى صحنٍ تقدّمه لى يدٌ مصريةٌ قبطية مسيحية، فى عيد الغطاس المجيد من كلّ عام. قبل كلّ غطاس تصلنى عشراتُ الدعوات الطيبات من أسر مصرية كريمة، تدعونى لتناول القلقاس والقصب على مائدتها بين أفراد العائلة، ليس (كأننى) واحدة منهم، بل (لأننى) بالفعل واحدةٌ منهم، فكلُّ بيوت المصريين الطيبين بيتى، وجميعُ عائلات المصريين الشرفاء أقربائى.

وكان قلقاس هذا العام 2021 فى بيت عائلة الفنانة الكوميدية الجميلة «ميرنا ذكرى»، آسرة القلوب، التى تعرفُ كيف تُحوّل همومَك إلى فرح بموهبتها وخفّة ظلّها، والتى التقطها الفنانُ العظيم «محمد صبحى»، فضمَّها إلى فرقته لتكون نجمة الكوميديا المتوهجة فى مسرحياته: «خيبتنا»، «أنا والنحلة والدبور»، وننتظرُ بشغف أن يُكملوا لنا المسرحية الجديدة قيد التنفيذ: «عائلة اتعمل لها بلوك»، فكلُّ عمل يقدّمه «صبحى» وفريقه ليس إلا جوهرةً أنيقة تُزيّن تاج مصر البهى. مثلما ننتظرُ كذلك أن نشاهد هذه الفنانة الجميلة «ميرنا ذكرى» فى أعمال درامية كثيرة لأنها طاقة فنية هائلة وكوميديانة فريدة. كان يومًا دافئًا قضيتُه مع عائلتها الجميلة، التى تُتقنُ فنَّ «المحبة التى لا تسقطُ أبدًا»، فأصبح بيتُهم «محطَّة إنسانية» فى محيط الحىّ الذى يقطنون فيه، يحلُّ مشاكلَ أصحاب الضائقات ويلجأ إليهم كلُّ مأزوم. شكرًا لهم على يوم جميل فى حياتى، لا يُنسى.

وذكر المؤرخون أن المسلمين من أهل مصر كانوا يشاركون فى الاحتفال بعيد الغطاس مع أشقائهم المسيحيين، بالخروج إلى نهر النيل والإبحار فى المراكب والغناء والسمر، فيقول «تقىّ الدين المقريزى»، المؤرخ الإسلامى الشهير: «على مدار التاريخ المصرى، اعتمد المحتفلون المصريون، مسلمين ومسيحيين، بعيد الغطاس طريقة بديعة فى الاحتفال، عن طريق تزيين صفحة نهر النيل بمئات الشموع والمشاعل المزخرفة، والخروج فى مواكب حاشدة كُبرى قاصدين النهر، وكان الخليفةُ المصرى يُعرب عن سعادته بتوزيع النارنج والليمون والسمك والقصب». ويقول المؤرخ «أبوالحسن المسعودى»، فى كتابه «مروج الذهب»: «ليلة الغطاس فى مصر لها شأن عظيم عند أهلها، لا ينامُ الناسُ فيها. فى ذلك اليوم يذهب إلى نهر النيل مئات الآلاف من المسلمين والمسيحيين، منهم فى الزوارق، ومنهم من الدُّور القريبة من النيل، ومنهم على الشطوط، ظاهرين كل ما يمكن إظهاره من المآكل والمشارب والملابس والذهب والفضة والجواهر وآلات العزف. وهى أحسن ليلة تكون بمصر».

عيد الغطاس هو يومُ تعميد السيد المسيح عليه السلام فى نهر الأردن. والتعميد فى الأدبيات المسيحية هو غسلُ الإنسان من الخطيئة، والتبرؤ الرمزى من معصية الله. ويحمل القلقاسُ هذا الرمز لأنه ثمرةٌ جذرية تنمو مدفونةً تحت الأرض. وتحت قشرتها السميكة تقبعُ طبقةٌ تؤذى حنجرةَ الإنسان إن تناولها دون غمرٍ فى المياه، فيرمزُ تقشيرُ الثمرة ونزع قشرتها إلى: نزع ثوب الخطيئة عن الإنسان، حتى يتطهّر. ثم يرمز غمرُ الثمرة العارية فى الماء إلى غمر الإنسان فى ماء العِماد للاغتسال من الآثام. كلّ عام ونحن مغسولون من الآثام بالمحبة والتوادّ والتسامح.

«الدينُ لله، والوطنُ لمَن يزرع الحبَّ فى الوطن».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قلقاسُ الغطاس في بيت «ميرنا ذكرى» قلقاسُ الغطاس في بيت «ميرنا ذكرى»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon