توقيت القاهرة المحلي 20:00:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المحبة التى لا تسقط.. في «أروم»

  مصر اليوم -

المحبة التى لا تسقط في «أروم»

بقلم: فاطمة ناعوت

فى صالون الدكتور «وسيم السيسى» الذى ينعقد فى الجمعة الأخيرة من كل شهر فى «مكتبة المعادى العامة»، وبدعوة كريمة من هذا الطبيب والمفكر الموسوعى العظيم، دُعيتُ لإلقاء محاضرة. واخترتُ أن أتكلّم عن «مرض نقص الحُبّ». وليس هناك مجاز شعرى فى اعتبار «نقص الحب» مرضًا. فهو خللٌ نفسى بوسعه أن يجعل خلايا الجسم تتوحّش وتدخل فى مود «التدمير الذاتى». أما على المستوى الأعمّ، ففى كل لحظة يتأكد إيمانى بأن غياب المحبة بين البشر أصلُ جميع شرور العالم.

«الحب» هو «القانون» الذى غرسه أبى فى طفولتى، حين علّمنى أن أحبَّ «جميع الناس» دون سبب، وألا أكره مهما كان السبب. أسمّيه «قانونًا»، وليس مجرد «نظرية» أو «فكرة»، لأن عليه أدلة ثبوتِية كوّنتها تجاربى وقراءاتى، حوّلت النظريةَ إلى قانون. دعونا نتأمل فكرة أن «جميع الشرور والآثام وأزمات البشرية تظهر مع غياب الحب»، لاختبار مدى صحّتها. تأملوا ظواهر الفقر والظلم والطائفية والإرهاب والحروب وحتى الجوائح والكوارث التى صنعها الإنسانُ حين تدثّر برداء الأنانية الضيق وأغفل حبَّ صديقه الإنسان وحبَّ الطبيعة الأمّ وركض وراء مغانمه الصغيرة. علينا أن نحذرَ ونكافح آفة «نقص الحب»، لأن عُقباها غيابُ «الحق والخير والجمال» من الحياة، ثم لا يتبقى بعد ذلك إلا غياب «الحياة»، ذاتِها.

إن قبضتَ على نفسك مُتلبّسًا بالكراهية، اعلمْ أنك فى خطر. مصدرُ الخطر ليس «مَن تكره»، إنما الخطرُ قادمٌ منك «أنت»، متوجهٌ صوبكَ «أنت». فالبُغضُ رصاصةٌ مُرتدّة، ترتدُّ صوب قلبك، قبل أن تصل إلى خصمك. إن كنت تكره، فأنت تُمثّلُ خطرًا داهمًا على نفسك!، فالكراهية تُدمّرُ سلامك النفسى وتقتل هرمون السعادة داخلك، وتجعلك ترى كل شىء من خلال غلالة سوداء من الحزن والغضب وعدم الرضا، ثم تغدو جاهزًا لارتكاب جميع الخطايا التى عرفها الإنسان لتغذية الوحش الساكن داخلك ولا يشبع: «البغضاء». لا تستثنِ أية خطيئة عن خيالك. لو توفرت لديك أدواتُ أية جريمة، فسوف تأتيها. أنت فقط رهن توفُّر الظرف المناسب لارتكاب الخطايا. غيابُ الحب عن قلبك، جعلك عبدًا للوحش الذى احتلّ روحك، تعيش عمرك كلّه لتغذيه ولا يشبع، ترضيه ولا يرضى.

دعونا نتأمل «الخطايا السبع»: الكبرياء، الجشع، الشهوة، الحسد، الشراهة، الغضب، السلبية، أليس مردُّها جميعًا: «غياب الحبّ»؟ القتل، الظلم، الخيانة، استلاب حق الغير، العنصرية، التنمّر، البذاءة، الأنانية، العقوق، هل من سبب وراء كل ما سبق من خطايا إلا «غياب الحب»؟!.

«ظاهرة الحب لدى الإنسان» كان عنوان إحدى حلقات صالونى الشهرى الذى توقف مع جائحة كورونا عام 2019. واخترنا، أنا والفنان المتصوف الجميل «سمير الإسكندرانى»، الأب الروحى للصالون، «أم الغلابة» نموذجًا للحب. هى التى أحبّت دون شرط ودون انتظار مقابل. لأن مَن أحبتهم أفقرُ وأغلب وأشقى من أن يقدموا ما يقدمه الناسُ للناس. أحبت مرضى «الجذام» الذين يفرُّ الناسُ منهم خشيةَ العدوى، لهذا يعزلونهم فى منافٍ وجزر بعيدة حتى يموتوا وحيدين فى صمت. احتضنتهم وحملت أطفالهم مقروحى الأبدان. قبّلتهم غير عابئة بعدوى الميكروب القاتل. حوّلت معبدًا هنديًّا يسمى معبد «كالى»، وهو إله الموت والدمار عند الهندوس، إلى دار لرعاية المصابين بأمراض لا شفاء منها، حتى يتمتعوا بالحب والحنوّ فى أيامهم الأخيرة. أنشأت مئات من دور الأيتام، جعلتهم يشعرون فيها بأنهم محبوبون ذوو كرامة. وارتدت طوال حياتها ثوبًا بسيطًا أبيض بإطار أزرق عند الكُمّين. وجعلت الراهبات القائمات على تلك الدور يرتدين مثلما ترتدى، لكى يتعرف المحتاجون عليهن، فيطلبون المساعدة. إنها الراهبة الألبانية الجميلة «الأم تريزا». نالت لقب «أم» وهى بتولٌ عذراء، فهى أم الفقراء واليتامى، لهذا استحقت جائزة نوبل للسلام عام 1979. عاشت تحاربُ عدوًّا واحدا اسمه: «مرض نقص الحب». ولم تعترف بين كل ما نالت من ألقاب إلا بلقب واحد هو: «أم الغلابة». لأن الغلابة أقربُ البشر إلى الله. أعتبرها أمى ليس وحسب لأن ذكرى رحيلها تتفق مع ذكرى رحيل أمى «سهير»، بل لأننى واحدة من «الغلابة» التى كانت لهم أم.

وأما «أروم» فى عنوان المقال، فهو جاليرى جميل فى مصر الجديدة قرر استضافة صالونى الثقافى الشهرى، بعد خمس سنوات من التوقف. وكلمة «أروم» فعلٌ واسمٌ فى آن. الفعلُ يعنى: أريدُ وأطمحُ، والاسمُ يعنى: «الجوهرُ والأصل». وهو معكوس «مورا» وهو اسم الفتاة الجميلة التى أنشأت الجاليرى مع مجموعة من الشباب «مسلمين ومسيحيين»، ليكون ساحةً وقاعاتٍ للقاء زملاء الدراسة والعمل من أجل الاستذكار وعمل الأبحاث والاجتماعات. والجاليرى مزودٌ بمكتبة للقراءة تكبر يومًا بعد يوم. اليوم الخميس، فى السابعة مساء، أولى حلقات صالونى فى «أروم». واختاروا أن نبدأه بالحديث عن «المحبة التى لا تسقط أبدًا».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المحبة التى لا تسقط في «أروم» المحبة التى لا تسقط في «أروم»



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon