توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هدايانا لأمهاتنا في عيد الأم.. وهداياهن لنا!

  مصر اليوم -

هدايانا لأمهاتنا في عيد الأم وهداياهن لنا

بقلم : فاطمة ناعوت

هذا «عيدُ الأم» المبهج. العيدُ الذى تسبقه جلساتُ التآمر ووضع الخطط الاستراتيجية التى يعقدُها الصغارُ لحبكِ المفاجآت وشراء الهدايا لأمهاتهم من أجل رسم الفرح على شفاههن. فعلنا هذا حين كنّا صغارًا، ويفعلُ هذا الآن أطفالُنا لإبهاجنا حين صرنا أمهات. ولا ننسى أبدًا تلك الهدايا التى جلبناها لأمهاتنا ونحن صغار. لأنها محفورةٌ فى خانة «الذاكرة العميقة» التى تعبر فوق الزمن، وتتحدّاه.

أول هدية لأمى كانت فى الصف الأول الابتدائى. وزّعت علينا المعلمةُ بطاقاتٍ ملونةً، وكتبتْ على السبورة: «إلى ماما الحبيبة، كل سنة وأنتِ طيبة». وطلبت منّا أن ننقل المكتوب فى الكارت، وعلى سطر التوقيع، نكتبُ أسماءنا بعد كلمة: «ابنتك المطيعة». ولم أعرف معنى «مطيعة» إلا بعد سنوات. ولو علمتُها ما كتبتُها، فأنا أبعدُ البشر عن الطاعة، فكنتُ طفلة مشاكسة كثيرة السؤال عن السبب. وكما حيّرتنى كلمة «مطيعة» فى كارت عيد الأم، حيّرتنى كلمة أخرى كنتُ أسمعُها كثيرًا دون أن أفهمها، أو أعرف إن كانت مدحًا أم ذمًّا. «لِمضَة». طوال الوقت كانت أمى تقول لى: «يا لمضة». حين أسألُ أسئلة وجودية كبرى لا تناسبُ طفولتى، كانت تقولها بنبرة عالية غضوب. وإن كانت راضية عنى أو سألتُ سؤالًا طفوليًّا لا إجابة له، ابتسمت بزهو وتمتمت بلحن رومانسى ناعم: «آه يا لمضاااا!»، لهذا لم أحدِّد أبدًا هل أفخرُ، أم أخجل من نفسى لأننى لمضة!

ثم توالت هداياى لأمى وتطورت مع مرور السنوات وبداية دخول ضيف جديد فى حياتى: «الحصّالة». تلك التى لم أنجح أبدًا فى ملئها. قارورة عطر، مناديل مطرزة بورود، صباع زبدة كاكاو، بروش رخيص، وغيرها من أشياء أجلبها من بوتيك «عم يونان» أسفل عمارتنا. وكان الردُّ الدائم لأمى على هداياى وهدايا شقيقى: (مش عاوزة هدايا، انتوا هديتى، بس ذاكروا واطلعوا الأوائل وأنا أفرح) لهذا، غالبًا ما كنت «أستعبط» وأسترد تلك الهدايا، بمكر الصهاينة، بعد مرور عدة أيام، مبررةً تلك «الخطيئة» لنفسى بأن ماما «مش عاوزة هدايا». وماما واخدة بالها طبعًا ومتواطئة مع مكرى الطفولى.

ثم دخلتُ فى مرحلة جديدة من الهدايا التى لا تُحوجنى إلى الحصّالة الفارغة. القصائد. ورقة بيضاء منزوعة من منتصف كشكول العربى، أكتب فيها كام بيت مكسورين عَروضيًّا دون شك، ثم أزيّن حوافَّ الورقة برسم بعض الزهور الملونة والعصافير. ثم دخلت فى مرحلة إهدائها كتبى مع إهداء رومانسى فى صفحته الأولى، لو تصادف صدور أحد كتبى مع عيد الأم. ديوانى الأول «نقرةُ إصبع» كان مهدًى لأمى فى ترويسة الكتاب.

أما ماما، فكانت هداياها لنا مبتكرة وغير تقليدية. أول عروسة لعبة جاءتنى فى طفولتى، أهداها لى مستر «وليم»، مدرس الإنجليزية، فى المرحلة الابتدائية. ولم أعرف أبدًا أن أمى هى التى اشترتها وأعطتها له ليهديها لى لكى أحبّه فأحبَّ الإنجليزية، إلا وأنا زوجة وأم. حين دخلت ماما علىَّ يومًا وأنا أذاكر لابنى «مازن»؛ ولم تعجبها عصبيتى وتوترى، فهمستْ فى أذنى: (اعملى زى ما كنت باعمل معاكى. اشترى هدايا وخلِّى المدرسين بتوعه فى المدرسة يقدموها له، فيحب الدراسة ويتفوق. إنما العصبية دى هاتخلِّى الولد يتعقد!) وأفقتُ من الوهم الأكبر الذى عشتُ حياتى أحكيه لأصدقائى بأن المدرسين بتوعى همّا اللى بيجيبوا لى هدايا نظرًا لتفوقى! إنها الخدعةُ النبيلة التى نسجتها أمى طوال سنوات دراستى.

فى عيد الأم، أهدى ماما «سهير» قصيدة، ليست مثل قصائدى القديمة على ورقة من كراسة قديمة لا تكلف شيئًا، بل كلفتنى أنهارًا من الدموع، طفرت من عينىَّ يوم طارت ماما إلى حيث تطير الأمهاتُ، ولا يعدن. كتبتُها حين دخلتُ بيتها بعد رحيلها فوجدتُ كلَّ شىء مُكفّنًا بالأبيض، فصرتُ «أخاف اللون الأبيض»:

وماذا أفعلُ بأكياس الأرزِ والسُّكر/ وبازلاءَ مجفّفة/ ورؤوسِ ثومٍ/ عثرتُ بها فى مطبخِك؟/ ماذا أعملُ بالثلجِ عشّشَ فى أركان البيت/ بقطّتكِ البيضاء/ تُقعى فى الصالة/

فى صمتٍ تنظرُ إلى باب الشقة/ ترجُفُ أذناها/ مع كلِّ قدمٍ على السُّلّم؟/ ماذا أفعلُ/ بصورِ العائلة على الحائط الأبيض؟/

بالأبوابِ البيضاءِ المغلَّقةِ أمام قلبى/ بستارةٍ بيضاءَ ساكنةٍ/

لأن الشيشَ مُقفل؟/ بالسيارة البيضاء العجوز/ التى لم تعد تحت البيت؟/ بفوطةٍ بيضاءَ تحملُ رائحتَكِ/ بخُصلةٍ من شَعرِكِ بيضاءَ عالقةٍ بالمشط/ بشال حريرٍ أبيضَ جلبتُه لك من اليمن/ ليضمَّ كتفيكِ المُجْهدين/ بقطرةٍِ من ماءِ زمزمَ/

عالقةٍ فى كأسِ غُسْلِك/ بوحشتى/ بخوفى؟/ هل أبيعُها وأشترى أقراصًا منومّة؟/ هل أقايضُ بثمنها على أبٍ قديمٍ/

نسيتُ ملامحَه،/ وأمٍّ/ تركتنى وطارتْ/ ويدى لم تزل/

معلّقةً فى طرفِ ثوبِها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هدايانا لأمهاتنا في عيد الأم وهداياهن لنا هدايانا لأمهاتنا في عيد الأم وهداياهن لنا



GMT 09:26 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

لعنة المومياوات

GMT 09:18 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

«اللي عمله ربنا مش هيغيره بشر»

GMT 12:12 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

صورة سامح شكري

GMT 09:56 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

داعش في موكب المومياوات!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon