توقيت القاهرة المحلي 19:12:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدوجمائىُّ.. ومعركةُ التقاويم!

  مصر اليوم -

الدوجمائىُّ ومعركةُ التقاويم

بقلم: فاطمة ناعوت

مشكلةُ «الدوجمائى» ليست وحسب الجمود الفكرى والتشبث بالرأى ورفض الاطلاع على الأفكار الأخرى، مشكلتُه الأخطرُ فى تقديرى هى خلطُه الفجُّ بين «الرأى»، و«التاريخ»؛ وتلك كارثة!.

فحين تقول معلومةً تاريخية ثابتة، لا دخل لك فيها، ويحدث ألا تكون تلك الحقيقة التاريخية الدامغة على هوى الدوجمائى، أو تكون مخالفةً لما يعتقده، ماذا يفعلُ حينها؟، ينزل فيك سُبابًا ولعنًا وتقريعًا وسخريةً بل وتكفيرًا!، ولو طالتك يداه ربما قتلك!.. فقط، لأنك قلت حقيقة تاريخية لم يكن يعلمها!.. تصوّر؟!، هو لا يختصمك من أجل «رأى»، بل من أجل «معلومة»!، متصوّر حجم الكارثة؟!. خذ مثالا؛ قل مثلا إن الحرب العالمية الأولى وقعت عام 1914، لكنه لسبب ما يظن أنها عام 1915. ماذا يفعل حينها؟، هل يدير محرك بحث ويتأكد من المعلومة؟، لا.. سوف يشتمك!، لاحظ أنك لم تقل «رأيك» فى الحرب، ولا لأى فريق تنحاز. أنت فقط ذكرت معلومة حدثت قبل مولدك، ولا دخل لك فيها!، ومع هذا قد يلعنك الدوجمائى بكل اطمئنان وثقة!. نحن ننادى بألا نتعارك حين نختلف فى «الرأى»، فالاختلاف فى الآراء ثراءٌ من شأنه أن يخلق حالا من الجدل الدياليكتيكى الجميل الذى يستولد الأفكارَ؛ فيتطور العقلُ الإنسانى. فما بالك حين نصل إلى مستوى من العبث تجعلنا نتمنى ألا نتعارك لا من أجل «رأى»، بل من أجل «معلومة» بسيطة تحسمها كبسةُ زرّ؟!. متصور عزيزى القارئ حجم الطرافة والكوميديا!.

بعد كتابتى مقال: (6266 عاما على رُزنامة «توت») بجريدة «المصرى اليوم» الأسبوع الماضى، حدث أطرفُ وأغربُ ما يمكنُ أن يحدث من ردود فعل على مقال!؛ هاجمنى مسلمون، وهاجمنى مسيحيون!، رغم أن المقالَ كان يناقش «حقيقة تاريخية» لا علاقة لها لا بالإسلام ولا بالمسيحية، لأنها ببساطة وقعت قبل المسيحية بأكثر من أربعة آلاف سنة، وقبل الإسلام بما يقارب الخمسة آلاف عام!، فلماذا وكيف تحولت معلومةٌ تاريخية تسبقُ الرسالات الدينية بآلاف السنين، إلى معركة دينية؟، الإجابة: «لا أدرى!»، ومع نهاية المقال أخبرك لماذا هاجمنى هؤلاء وأولئك.

المقال كان يتكلم عن «التقويم المصرى القديم» الذى وصلنا اليوم فيه إلى العام 6266، فأين يختفى «الدينُ» فى هذه المعلومة التاريخية؟!، الإجابة: يختبئ فى عقل الدوجمائى والمتطرف.

دعونا أولا نُقرُّ بعض التعريفات والحقائق التاريخية العلمية، التى لا دخل لى، ولا لك عزيزى القارئ، فيها.

«التقويم»: هو نظامُ عدّ زمنى لحساب الأيام والأعوام، وتنظيم مرور الزمن والتواريخ لأغراض اجتماعية أو زراعية أو تجارية أو إدارية. ويُسمى أحيانًا «رُزنامة» أو «نتيجة». وبالإنجليزية Calendar، مشتقة من الكلمة اللاتينية Kalendae وهو اسم اليوم الأول من كل شهر. أما «رُزنامة»، أو «روزنامة» فتعود إلى اللغة الفارسية، وهى جُماع كلمتين: «روز» بمعنى «يوم»، و«نامة» وتعنى «كتاب» أو «صحيفة»، أى: «كتاب الأيام». والتقويم فرعٌ من علم «التسلسل الزمنى».

ثم دعونا نُقرُّ حقيقةً تاريخية تقول إن البشرية تحتكم إلى «تقاويم» زمنية «عديدة»؛ لأن بعض الشعوب وضعت تقويمها بحساب دوران الأرض حول الشمس، وأخرى اعتمدت على دورات القمر حول الأرض، وبعضها اعتمدت على أسباب أخرى غير معروفة. دعونا نذكر من تلك التقاويم الكثيرة أربعة تقاويم فقط: المصرى- الميلادى- القبطى- الهجرى. والترتيب السالف من الأقدم للأحدث. فنحن الآن فى عام: 6266 مصرية، 2024 ميلادية، 1741 قبطية، 1446 هجرية. وحدث أن تزامنت بدايتا اثنين من تلك التقويمات (المصرى- القبطى)، لا بفعل دورات الشمس والقمر، بل بفعل «الإنسان»، ولأسباب عَقَدية بحتة، ذكرتُها فى المقال المذكور، الذى طالنى فيه اللومُ والتقريع.

بدأ التقويمُ المصرى القديم منذ 6266 عامًا؛ لتنظيم عمليات الزراعة والحصاد. وقال عالمُ الآثار «جيمس هنرى برستد» إنه «أقدم وأدق التقاويم المعلومة، الملائمة عمليًا، والتى تتألف من 356 يومًا». وظل التقويمُ المصرى شهيرًا حتى عام 284 ميلادية، حين وقع «عصر الشهداء» فى مصر، فى عهد الإمبراطور الرومانى «دقلديانوس» الذى اضطهد مسيحيى مصر. فى ذلك العام قرّر المصريون (تصفير) التقويم المصرى القديم، لكى يبدأ من تاريخ «عصر الشهداء» تخليدًا لشهداء مصر. ومن هنا تزامنت بدايتا: «التقويم المصرى» مع «التقويم القبطى»، وظل الاختلافُ فى العدّاد الزمنى قائمًا.

حين كتبتُ تلك «الحقائق التاريخية» التى لا دخل لى فيها، هاجمنى المتعصّب المسلم ظنًّا منه أن «رأس السنة المصرية» عيد مسيحى!، بينما هو عيد وطنى مصرى ظهر قبل المسيحية بـ4000 سنة!، وهاجمنى المتعصبُ المسيحى ربما لأنه لا يعرف حكاية «التصفير» الذى حدث فى عصر الشهداء، ومن ثم فهو لا يعترف إلا بالتقويم القبطى، وليذهب التقويم المصرى للجحيم!.. تصوروا كيف يُغتالُ التاريخُ، ويُغتالُ مَن يذكره!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدوجمائىُّ ومعركةُ التقاويم الدوجمائىُّ ومعركةُ التقاويم



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon