توقيت القاهرة المحلي 20:21:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السير «مجدى يعقوب».. أوكتاڤُ الحياة

  مصر اليوم -

السير «مجدى يعقوب» أوكتاڤُ الحياة

بقلم: فاطمة ناعوت

حرىٌّ بالعالم أن يجعل يوم ١٦ نوفمبر عيدًا لـ«القلوب المُتعبة» أو عيد «القلوب الطيبة». لأن هذا اليوم يتزامن مع عيد ميلاد مُطبِّب القلوب، مُطيِّب الأفئدة، جابر الخواطر النبيل «مجدى يعقوب»، دون ألقاب؛ لأن اسمه وحده صار «لقبًا».

ومن قبيل المصادفات الطيبة أن يتفقَ عيدُ ميلاد هذا الرجل الرائع مع «اليوم العالمى للتسامح»، تلك تصاريفُ الأقدار الذكية، التى لا يمكن تفسيرها، لأن قوى عُليا ترتبها. هذا العظيم لن تراه فى أية صورة إلا بمعطف العمليات الفيروزى، فهو لا يخرجُ من غرفة عمليات إلا ليدخلَ أخرى، ولا ينفضُ يدَه من ورقة بحثية إلا بدأ فى غيرها. رجلٌ يقضى يومَه وليلَه يداوى ويُطبِّب ويبحثُ ويُطوِّر ويتعلّم ويُعلّم ويصنع كوادرَ جديدة تُنقِّبُ عن إكسير القلوب المُتعبة. يهربُ من الأضواء والشاشات والتكريمات لأنه يعتبرُ أن كل لحظة من عمره يمنحها لحوار تليفزيونى أو منصّة تكريم مخصومةٌ من وقت عملية جراحية قد تُبرئ مريضًا. لهذا يعتبره المصريون، أبناءُ وطنه، بل كلّ إنسان فى هذا العالم يعتبر هذا الرجل رمزًا للحب والسلام والأمل فى غد أجمل مع قلب طيّبٍ مُطيَّب.

لهذا الرجل خفقةٌ فى كلِّ قلبٍ، وصورةٌ معلّقةٌ على كل جدار. له مكانٌ فى كلِّ منصّة علم فى أرجاء العالم، وله مبضعُ جراحة على كلّ طاولة تُطيّبُ قلبًا موجوعًا. له حلمٌ فى صدر كلِّ إعلامى يودُّ استضافته فى لقاء، وله ومضةُ عدسة فى كلِّ كاميرا تلاحقه أينما حلَّ لترصدَ إنجازاته العلمية لصالح الإنسان. لكنه هاربٌ من الضوء، زاهدٌ فى الحديث، عازفٌ عن الدروع والأوسمة. هو وحسب مشغولٌ بضبط إيقاع قلب طفل يكادُ يفارقُ الحياة قبل أن يدركها، أو قلب رجل تتضرّعُ أسرتُه إلى الله كى يعودَ إليها عائلُها الوحيد، أو قلب أمٍّ يبكى أطفالُها فى انتظار عودتها إليهم.

هو المايسترو الذى منحه اللهُ عصا قادرةً على ضبط إيقاع القلوب على نغمة الحياة. تأتى إليه القلوبُ الكسيرةُ وقد شابَ إيقاعَ قلوبِها بعضُ نشاز، أفسدَ موسيقى الجسد، فيعيدُ المايسترو دوزنة الخفقِ، ليتّسقَ الهارمونى مع أوكتاڤ الحياة. لا نلمحُ ضحكتَه إلا بين أطفال يتحلّقون حولَه يُمطرونه بالقُبلات والعناق لأنه طبَّب قلوبهم الموجوعة. ولا نلمحُ فرحتَه إلا لحظة خروجه من غرفة العمليات وقد أنقذ إنسانًا من الموت. فيما عدا هاتين اللحظتين، لا نلمحُ فى ملامحه إلا الصمتَ والإطراق والعزوف عن الحديث. وفى مقابل هاتين اللحظتين فى حياة «مجدى يعقوب»، هناك لحظتان أخريان فى حياة مئات الآلاف من المرضى الذين دُوِّنت أسماؤهم فى سجلات مشفاه الطبى. لحظتان فريدتان فى عمر كلِّ مريض. الأولى: لحظةٌ تعسةٌ كسيرةٌ فاقدةٌ للأمل، مع دخول المركز بقلب عليل لا يكاد يقوى على الحياة، الثانية: لحظةُ فرحٍ وأمل وانطلاق مفعم بالحياة، مع الخروج من المركز بقلب سليم مُعافى يرسم لصاحبه غدًا مشرقًا حاشدًا بالعمل والحياة. ما بين اللحظتين الفارقتين فى عُمر كل مريض، ثمّة عقلٌ يفكّر، وقلبٌ يحبُّ، ويدٌ تعمل، من أجل تحويل اللحظة الأولى إلى اللحظة الثانية. من أجل تحويل التعاسة إلى فرح، واليأس إلى أمل، والموت إلى حياة.

قائمة الانتظار الطويلة فى مركز «مجدى يعقوب لعلاج أمراض القلب»، لا تعرفُ شيئًا اسمه: غنىّ أم فقير، مسلم أو مسيحى، ذو سلطان أو بسيط، إلى آخر تلك التصنيفات العبثية، كل ما تعرفه تلك القائمة، وترتَّب على أساسه أولوياتها، هو أن هناك قلبًا مريضًا يجب أن يُشفى. كلّ اسم مريض يحملُ لقبَ: «إنسان يستحقُّ الحياة»، دون وساطة، ودون مصالح، إلا صالح الخير والجمال. كل يوم حكايةٌ وحكاياتٌ مع أطفال يداويهم البروفيسور «مجدى يعقوب» الذى سافر من أسوان إلى القاهرة لينقذ حياة طفلة بائع شاى من بسطاء القاهرة، لم تستطع السفر لأسوان لتدهور حالتها. أجرى لها العملية مجانًا ودفع من جيبه تكاليف ما بعد العملية من متابعة وأدوية وأشعات وفحوص.

السير «مجدى يعقوب» معجزةُ مصرَ الطيبة، وأحد أهراماتها البشرية الشاهقة، أحدُ أكبر أساطين الطب فى العالم، الذى أخبرته الملكة إليزابيث وهى تمنحه لقب «فارس Sir» أنه «هدية مصر للعالم أجمع»، فطوبى لمصر بكَ، وطوبى للعالم بعلمك الرفيع وروحك النبيلة. وفى عيد ميلادك أقول لك: كل سنة وأنتَ فى ملء الصحة والفرح مثلما تهب الصحة لأطفالنا المرضى بإذن الله، وتمنحُ الفرحَ لأمهاتهم وآبائهم.

وإليه أهدى هذه الكلمات:

النبيلُ فى معطفه الفيروزى

مِبضعٌ حانٍ

بين أصابعه

وفوق هامته

إكليلُ غارٍ

لا تراه إلا القلوبُ المُتعبة

فى عينيه شغفٌ

يفيضُ على بنى الإنسان

وبين ضلوعه

قلبٌ صافٍ

لا يعرفُ

إلا أن يُحبَّ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السير «مجدى يعقوب» أوكتاڤُ الحياة السير «مجدى يعقوب» أوكتاڤُ الحياة



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon