توقيت القاهرة المحلي 08:21:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سميرة موسى.. نابغة مصر الخالدة

  مصر اليوم -

سميرة موسى نابغة مصر الخالدة

بقلم - فاطمة ناعوت

قبل أن يحملَ أغسطسُ مِخلاتَه ويتوكأ على عصاه ويفتحَ بابَ الزمان ليمضى إلى حيثُ تمضى الشهورُ ولا تعود، دعونى أتذكّر معكم إحدى النوابغ المصرية الفريدة التى رحلت عن عالمنا فى أغسطس على يد الغدر الصهيونى. جميلةُ الوجه جميلةُ العقل، العالمة «سميرة موسى» ابنة محافظة الغربية، التى خطفها الموتُ غدرًا فى أوج إشراقها وشبابها ونصوعها العلمى؛ لأن عقلَها الفذّ كان خطرًا على تجارة السلاح العالمية التى تُدرُّ بلايين الدولارات على تُجّارها. قرر سدنة تجارة السلاح العالمى إخماد صوت عالمة الفيزياء والطاقة النووية المصرية حين أوشكت أبحاثُها وتجاربُها المعملية على ابتكار قنبلة ذرية من مخلفات المعادن الرخيصة، ما سوف يسمحُ للدول الفقيرة بإنتاجها، فيختفى بذلك تفوق الدول القوية على الدول المستضعفة. وهذا عينُ ما ترفضه قوى الاستقواء والاستعمار والتسيُّد. فتقرّر تصفيةُ ذلك العقل المصرى النيّر قبل تحقيق الحلم. وتمت الجريمةُ فى أمريكا عام ١٩٥٢، وهى لم تُكمل عامها الخامس والثلاثين.

تفوّقتْ النابغة «سميرة موسى» طوالَ سنى دارستها: كُتاب القرية، مدارس القاهرة، ثم الجامعة. وكان لتفوّقها صدى جميل عند الحكومة المصرية آنذاك، فقُدّمت منحةٌ مالية سنوية محترمة للمدرسة التى ترعى هذه النبتة العبقرية من أجل دعمها علميًّا. وأنشأت ناظرةُ مدرسة «بنات الأشراف» الثانوية معملَ فيزياء خصيصًا من أجل التلميذة النابغة، التى حصلت عام ١٩٣٥ على المركز الأول على مستوى القُطر المصرى فى الشهادة التوجيهية. ورفضت دخول كلية الهندسة، الأعلى فى سُلَّم التنسيق الجامعى آنذاك، والتحقتْ بكلية العلوم لشغفها بالفيزياء. وتخرجت كالعادة أولى دفعتها. ولم تسمح اللوائحُ بجامعة «فؤاد الأول» بتعيين البنات فى سلك التدريس آنذاك! فوقف العالمُ المصرى العالمى «مصطفى مشرّفة»، فى وجه سَدنة المجتمع الذكورى داخل أسوار الجامعة من الأساتذة الإنجليز، وهدّد باستقالته من عِمادة كلية العلوم إن رُفض تعيين الخريجة النجيبة «مُعيدةً» بوصفها الأولى على دفعتها فى بكالوريوس العلوم. وأصبحت «سميرة موسى» أول معيدة فى كلية العلوم بجامعة القاهرة فى ثلاثينيات القرن الماضى. وأنجزت رسالة الماجستير حول «التواصل الحرارى للغازات»، ثم سافرت إلى بريطانيا لدراسة الإشعاع النووى، وخلال عام ونصف أنجزت الدكتوراة فى الأشعة السينية (X-Rays) وأثرها على خواص المواد، ثم واصلت البحث حتى توصّلت إلى معادلة فيزيائية خطيرة: «تحويل فُتات المعادن الرخيصة إلى قنبلة ذرية»؛ لتكون فى متناول جميع الدول؛ حتى الفقير منها. ورفضت الدوائرُ العلمية تدوين المعادلة التى سيكون فيها خرابٌ على صناعة السلاح فى العالم وانتهاء احتكار دول بعينها للقنابل النووية.

كان حُلم الصبيّة الوطنية أن تدخل مصرُ حقلَ التسلّح النووى ليكون لها مكانٌ على خريطة التقدم العلمى التى فيها الكلمةُ العليا للأقوى سلاحًا وعِلمًا وصناعةً.

كانت تدرك أن امتلاك السلاح النووى هو أرضية تحقيق السلام من منطلق القوة، لا الضعف، فى عالم متوحّش أشعل حربين عالميتين هائلتين دمرتا شطرًا كبيرًا من العالم. خافت على مصر من مصير اليابان فى هيروشيما وناجازاكى عام ١٩٤٥، المدينتين اللتين دكّتهما القنبلة الذرية الأمريكية دكًّا. وبعد قيام دولة إسرائيل وإصرارها على الانفراد بالتسلّح النووى فى المنطقة العربية، خافت الجميلةُ على وطنها؛ فأرادت أن يكون لمصر ظهيرٌ نووى تردُّ به الأذى عن نفسها وعن المنطقة العربية. بعد إعلان دولة إسرائيل المحتلة على أرض فلسطين عام ١٩٤٨، أسّست «سميرة موسى» «هيئة الطاقة الذرية»، ونظمت وفودًا مصرية للسفر فى بعثات علمية لدراسة علوم الذرّة، وواصلت المناداة بالتسلح النووى للوقوف على أرض الندّيّة أمام الكيان الصهيونى الاستعمارى الآخذ فى الاستقواء بقوتى: السلاح النووى والدعم الأمريكى. ونظّمت فى كلية العلوم مؤتمرًا عالميًّا شارك فيه عددٌ من علماء العالم، أطلقت عليه: «مؤتمر الذرّة من أجل السلام»؛ لتنشر فكرتها أمام العالم: «تطويع الذَّرّة لعلاج الإنسان من السرطان وليس لقتله بالقنبلة الذرية».

وكان لابد للعدو من وضع نهاية لتلك الحياة الثريّة الحافلة بالعلم والوطنية والامتياز العقلى. بعد استجابة د. سميرة موسى لدعوة من أمريكا لإجراء أبحاثها فى معامل جامعة سان لويس بولاية ميسورى الأمريكية، حاولوا استقطابها للبقاء هناك للتدريس.. ولكنها رفضت وأصرت على العودة لمصر، الوطن العزيز. وقبل عودتها لمصر بيومين، زارت معملا نوويّا فى ضواحى كاليفورنيا، وصرّحت للصحف بتصريح خطير قالت فيه: «لو كان بمصر معملٌ مثل هذا؛ لأنجزتُ الكثيرَ لبلادى. وحين أعود سأنشئ مثله لتطوير تجارب الطاقة النووية لخدمة قضية السلام من منطلق القوة». فور خروجها من المعمل، دهم سيارتَها لورى ضخم فسقطت مهشمةً فى وادٍ سحيق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سميرة موسى نابغة مصر الخالدة سميرة موسى نابغة مصر الخالدة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon