توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى حضرة الطيبات والطيبين.. المنسيين!

  مصر اليوم -

فى حضرة الطيبات والطيبين المنسيين

فاطمة ناعوت
بقلم - فاطمة ناعوت

«مفتاحُ الحياة» مُنطبقٌ على «مفتاحِ الحياة»، مصراعُ بابٍ فوق مصراعِ باب. مكتوبٌ على أحد المصراعين: «المرأة المصرية»، وعلى الآخر: «مفتاحُ الحياة». هكذا كان تصميمُ بطاقة الدعوة الأنيقة التى وصلتنى من جميلاتٍ ثلاث هن: د. «مايا مرسى»، رئيسة المجلس القومى للمرأة، د. «هالة السعيد» وزيرة التخطيط، د. «نيفين القباج» وزيرة التضامن الاجتماعى، لحضور حفل تكريم المرأة المصرية والأم المثالية لعام ٢٠٢٢، أمس الأربعاء، فى مركز المنارة للمؤتمرات الدولية، برعاية فخامة الرئيس «عبدالفتاح السيسى». وهكذا أراد الرئيسُ أن يؤكد فى رسالة رمزية شديدة البيان حاشدة بالمعنى، أن إعلاءَ شأن المرأة هو أحد مفاتيح النهوض بالمجتمع: «المرأةُ المصرية مفتاحُ الحياة». جملةٌ مفيدة: مبتدأٌ وخبرٌ، مكتملةُ المعنى رفيعةُ الدلالة. جملةٌ مفيدةٌ تحملُ فى طياتها كذلك إحياءً حلوًا لمجد هويتنا الحضارية الخالدة. فـ«مفتاحُ الحياة» فى أدبياتنا المصرية هو: «عنخ»، حروفٌ ثلاثة لها دلالاتٌ كثيرة تصبُّ جميعها فى خانة: الحياة والإثمار والإزهار والجمال والخلود والفرح. والحقُّ أن الحديثَ عن رمزية «مفتاح الحياة» فى أدبياتنا المصرية الخالدة يستوعب أبحاثًا ودراساتٍ وكتبًا ومجلداتٍ، يضيقُ عنها مقالٌ كهذا، وربما أوجزُ ما تيسر من ذلك فى مقالات قادمة. أما مقالى اليوم فأودُّ أن أحدثكم فيه عن يوم جميل قضيتُه قبل أيام مع أرواحٍ طيبة أعطتْ ولم تأخذ، منحتْ كلَّ شىء ولم تنلْ أىَّ شىء، بذلت أعمارَها عن طيب خاطر ورضا، وقُوبل ذلك البذلُ بالجحود والنكران والنسيان، وفى الأخير لم يتبق لتلك الأرواح إلا ذرفُ الدموع، لا ندمًا على ما قدَّموا، بل شوقًا لمن جحدوا، وحنينًا.
قضيتُ يوم عيد الأم، فى إحدى دور المُسنّين والمسنّات، من المنسيين والمنسيّات. نسيهم أولادُهم، أو تناسوهم. الأمُّ والأبُ هما أكبرُ كنزٍ يمكن لإنسان أن ينعم به. فأىُّ عقلٍ بائس يُهدر كنزَه بيديه، بدلَ التشبّث به حتى اللحظة الأخيرة؟! أمرٌ مُحيّرٌ لا تفسير له! لكن الحبَّ الذى يقدمه الغرباءُ لأولئك المنسيين والمنسيات فى الدار لا حدَّ له. وأخطأتُ حين وصفتهم «بالغرباء»! وصفٌ جائرٌ لا يليقُ بما يقدمون من رحمة ورعاية وحب دون مقابل، وأجرُهم عند الله عظيمٌ. القائمون على هذه الدار لهم قلوبٌ من ذهب. يحاولون بكل ما يملكون من طاقة ووقتٍ وجهدٍ ومشاعرَ أن يعوضوا أولئك الأمهات والآباء عن أولادهم الذين نسوا أن لأمهاتهم وآبائهم حقًّا عظيمًا لم يُؤدَّ. قضيتُ عيدَ الأم فى «دار الأمير لرعاية المسنين»، التابعة لمؤسسة «مُفرح القلوب» المشهرة برقم ٦١٥٧ بإشراف وزارة التضامن الاجتماعى، فى صفط اللبن، محافظة الجيزة. وأشاد جميع العاملين بالدار بجهود وزيرة التضامن الجميلة د. «نيفين القباج» بما تقدمه لهم من دعم ورعاية. الحبُّ كبيرٌ والجهدُ عظيمٌ والرعاية فائقة، لكن الاحتياجَ أكبر. القلبُ محبٌّ والعينُ بصيرةٌ لكن اليدَ قصيرة. مع غُرّة كلِّ شهرٍ جديد يعانون لدفع إيجار المكان. ومهما ساعد فاعلو الخير ذوو القلوب المثقفة، تتكرّرُ العسرة وتتزايد الأعباء. يحلمون بشراء المكان حتى يوفروا الإيجار الشهرى وإضافته لبند طعام المسنين، وأدوية المرضى منهم، فمنهم من تخطى الثمانين ومنهم من يسعى إليها. منهم مُقعدون يلازمون الفراش ومنهم يتحركون بكراسى متحركة، ومنهم مكفوفو البصر ومنهم الأصمّ والأبكم والكسيح والمشلول، ومنهم المتعب نفسيًّا، لكنهم جميعًا ذوو قلوب مفعمة بحب الحياة والغفران لمن جحد، والقدرة على صناعة الفرح بأبسط الإمكانات. كلما زرتُهم وقضيتُ يومى فى حضرتهم عدتُ إلى بيتى شخصًا آخر. يغسلون همومى لا بهمومهم، بل بقدرتهم على تجاوز أوجاعهم وأحزانهم التى تتضاءل إلى جوارها همومُ المهمومين. أذهبُ إليهم مثقلةً بالحزن، وأخرج من دارهم خفيفة زاخرةً بالفرح والحياة. غنيتُ معهم: «تسلم الأيادى»، وغنينا «ست الحبايب»، ورقصنا على نغمات الفرح. الست «جميلة» كفيفةُ البصر مبصرةُ القلب، تملأ الدارَ غناءً وفرحًا وقلبها مصدوعٌ بما صنع بها الزمنُ والأقرباء. «نجاة» الجميلة الصمّاء قالت إنها لا تسمع صوتى، لكنها قرأت الحبَّ فى عينى وسمعت خفق قلبى. أما السيدة «آمال» فلا تجفُّ دموعُها اشتياقًا للولد الذى لم تسمع صوته منذ ثلاث سنوات. «توحة» الجميلة التى وقعتُ فى هواها ووقعتْ فى هواى. وأما السيدة «حياة» فقد أوصتنى أن أبلغَ الرئيس السيسى أن أمنيتها الوحيدة هى أن تراه، فتعالت الزغاريدُ يؤمّنون على أمنيتها. تلك الأمهات المنسيات يدعون اللهَ فى صلواتهن أن يحمى مصرَ وقائدها وجيشها. اللهم استجب لسؤال قلوبهنّ الطيبة.

شكرًا لجميع القائمين على تلك الدار الجميلة: هالة، جرجس، مايكل، ورئيس مجلس الإدارة «صبرى كامل»، وكل الطيبين والطيبات من المساعدين. وطوبى لرحماء القلوب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى حضرة الطيبات والطيبين المنسيين فى حضرة الطيبات والطيبين المنسيين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon