توقيت القاهرة المحلي 21:02:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل جدلتم السَّعَف.. بالأمس؟

  مصر اليوم -

هل جدلتم السَّعَف بالأمس

بقلم - فاطمة ناعوت

أكتبُ لكم بعدما انتهيتُ من جدل أشكالٍ جميلة لأطفالى من ورق النخيل الأخضر فى «أحد السعف» الذى احتفلنا به بالأمس. عزيزى القارئ، هل تجوّلتَ فى شوارع مصر، أمس الأحد، ورأيتَ عيدان السَّعَف مع الجائلين فى كل مكان، تنتظرُ أن يجدلها الجادلون؟ هل ابتسمتَ وأنت تشاهد الصبايا يُزينَّ رؤوسهن بتيجان مجدولة من السعف، ويتهادين بالخواتم والأساور والحملان الصغيرة؟ هل فتحت نافذة سيارتك، ثم لوّحت لهنّ مبتسمًا وأنت تقول: «كل سنة وأنتن طيبات يا بناتِ مصر الطيبة؟»، هل غادرت السيارة ونزلت لتشترى بعض أوراق السَّعف لأطفالك، لكى يجدلوها ويهدوها لأصحابهم المسيحيين، كما كنا نفعل فى طفولتنا؟ إن كانت إجاباتك بالإيجاب: فأنت إنسانٌ جميلٌ نقىُ القلب لا تعانى من مرض «ضيق النفَْس». ولك أن تقرأ «النفس» بفتح الفاء، أو تسكينها!.

وأنا طفلة، فى مثل هذه الأيام الربيعية التى تُخاتِلُ بين الحرّ والبرد، كنا نجمع عيدان السَّعف وأوراقه الخُضر، ونتسابق فى جدلها لنصنع أشكالا جميلة، ونظلُّ نرقبُها حتى تجفَّ ويتحوّلُ أخضرُها إلى أصفرَ بلون الذهبِ يُشِعُّ بريقُه فى قلوبنا الخضراء. ونحن صغار، لم نعرف العنصرةَ والشتات، لم يكن يعنينا أهذا عيدى أم عيدك! لم تعرف معاجمُنا كلماتِ الفُرقة: مسلم- مسيحى. كنّا: «إنسان»، وكنّا: «مصرى»، وكنّا: صديقٌ وجارٌ وزميلُ دراسة ورفيقُ صِبا. نفرحُ معًا ونلعبُ معًا ونحتفلُ بأعيادنا معًا. ويا رب كتَّر أعيادنا. هذه مصرُ الطيبةُ تجمعُنا معًا، وقبل هذا تجمعنا مظلّةُ الإنسانيةُ الواسعة. أما العقائدُ، فهى شأنُنا «الخاصُّ» مع الله، «الإله الواحد» الذى يراه كلٌّ عَبر منظوره وميراثه، وقد شاء اللهُ أن تتعدّد رؤانا، «ولو شاء ربُّك لجعل الناسَ أمّةً واحدة».

أصدقاؤنا المسيحيون صائمون خمسة وخمسين يومًا حتى عشية «عيد القيامة المجيد» الأحد القادم. يرفعون أياديهم للسماء ضارعين بالدعاء لكى يحمى اللهُ مصرَ ونيلَ مصرَ وشعبَ مصرَ من كل شرّ، مثلما ندعو لها فى صلواتنا وتهجّدنا. يدعون أن يعُمَّ الخيرُ جميعَ البشر، ثم يدعون بالغفران لمن أساء إليهم، بالقول أو بالفعل، لأنهم موقنون أن غفرانهم للمسىء شرطٌ لغفران الله للبشر: «واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا»، يقولونها وهم يتذكرون السيد المسيح عليه السلام، سائرًا على طريق الآلام رافعَ الرأس عزيزَ النفس، من باب الأسباط حتى كنيسة القيامة، فى مثل هذا الأسبوع منذ ألفى عام، حاملاً صليبَه الخشبىّ الهائل، وحاملاً آلامَه وجراحه ودماءه الطاهرة ورجاءه فى خلاص البشر من شرور العالم، واضعًا إكليلَ الشوك على جبينه الوضىء النقىّ من الدنس، يقطرُ منه الدمُ المقدس. وحين ظمِأ، قدّم له جندُ اليهود والرومان كأس الخلّ كى تخفَّ آلامه قليلا، لكنه رفض أن يرتشفه لكى يتجرّعَ الألمَ إلى مُنتهاه، لقاءَ قوله الحقَّ فى وجه سلطان جائر. ثم قام المسيحُ بمواساة المريمات وصبايا أورشليم اللواتى كنّ ينتحبن من أجل آلامه، طالبًا إليهن أن يبكين على أنفسهن لا عليه.

أمس الأحد، هو عيد الشعانين أو أحد الزيتونة أو أحد السعف، حيث يبدأ «أسبوعُ الآلام». وفيه يحتفلُ المصريون بجدل سعف النخيل تذكارًا لدخول السيد المسيح، عليه السلام، إلى مدينة القدس الشريف، حيث استقبله أهلُها بأغصان الزيتون وجدائل السعف وأغصان الأشجار، وفرشوا ثيابهم تحت قدميه الشريفتين ليسير عليها مُكلّلاً بالمحبة والنصر، كما يليق برسول السلام والمحبة الذى جاء ليعلّم البشرَ كيف يغفرون للمُسىء وكيف يُحبّون العدوَّ من بنى الإنسان وإن أذاهم، فيتضامنون معه من أجل محاربة عدو البشرية الأوحد، عدو الخير، الشيطان.

بدأ بالأمس أسبوعُ الآلام الذى يُكلّلُ منتهاه «عيد القيامة المجيد» الأحد القادم، راجين من الله قيامةَ مصرَ الخالدة وإشراقَها بالعلم والعمل، ومن قبلهما، بالوحدة الحقيقية الجادة بين أفراد هذا الشعب العظيم، ومحاربة الشتات الذى يرجوه لنا أعداءُ مصرَ خصومُ الجمال والحياة. كل سنة وأقباطُ مصر، مسلمين ومسيحيين، بخير وفرح وأمان ومحبة، ومصرُ العظمى فى حرية وأمان وتحضّر.

ومن نُثار خواطرى:

■ ■ ■

(إكليل)

الأمهاتُ الصغيراتْ

اللواتى نسيْن الفرحَ

مشغولاتٌ هذا الصباحْ

بجمعِ جريدِ النخيل

والزهورِ التى

بالكادِ تنمو

على ضفافِ النهر

كى يجدلنَ

من رقائقِ السَّعفِ

إكليلاً

لهامةِ السيدةِ

التى صنعتْ من قلبِها عُشًّا

يحمى العصافيرْ

ومزقّتْ ذيلَ فستانِها

لتنسجَ ضِماداتٍ

للأجنحةِ الصغيرة

التى تكسّرتْ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل جدلتم السَّعَف بالأمس هل جدلتم السَّعَف بالأمس



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon