توقيت القاهرة المحلي 10:14:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عصا «راجح داوود»… فى موريتانيا

  مصر اليوم -

عصا «راجح داوود»… فى موريتانيا

بقلم : فاطمة ناعوت

  فى هذه اللحظة التى تحملُ فيها يدى المصريةُ قلمًا؛ لأكتبَ لكم هذا المقال، ثمّةَ يدٌ مصريةٌ طيبةٌ تحملُ فأسًا تَفلَحُ الأرضَ لتُخرجَ من طيّباتِها ثمرًا وشهدًا للجائعين، وثمّةَ يدٌ مصريةٌ كادحةٌ أخرى تحملُ حجرًا تُعشِّقُه فى حجرٍ لتبنى مدرسة وبيتًا ومصنعًا ومستشفى، وثمّة يدٌ مصريةٌ تمسكُ الطبشورَ وتعلّم الصغارَ فى فصل، وأخرى تُديرُ ماكينةً فى مصنع. وهناك، تحت وهج الشمس، على حدود الوطن الشريف، ثمّة يدٌ مصريةٌ مُلوحةٌ بالهجير، شريفةٌ عفيةٌ، تحملُ سلاحًا تذودُ به عن شرف مصرَ العزيز فى سيناء وفى العريش وفى الشيخ زُويّد وفى رفح. وفى خارج الوطن العزيز، فى أقصى أقصى الحدود الغربية للقارة الأفريقية، ثمّة يدٌ مصريةٌ فناّنةٌ تحمل عصا معدنية نحيلة لتصنع بها مجدًا جديدًا يُضافُ إلى أمجاد مصر الخالدة.

العصا: فى يِد المايسترو المصرى المثقف «راجح داوود»، والزمانُ: هذه الأيام، والمكانُ: دولة موريتانيا العربية. حمل المايسترو عصاه بين أصابعه، وفى رأسه حمل علمَه وفنَّه، وفى قلبه خبأ مصرَ الطيبةَ، ثم حزمَ حقائبَه واستعدّ للطيران. التقيتُه فى مطار القاهرة الدولى الأسبوعَ الماضى. كنتُ فى طريقى إلى بغداد للمشاركة فى مهرجان «المربد» الشعرى بمدينة البصرة، وكان فى طريقه للتكريم فى العاصمة نواكشوط. صافحتُه بحبٍّ وفخر، قبل أن أطيرَ شرقًا، ويطيرَ غربًا إلى تلك البلاد السمراء النائية؛ ليقود مترونوم أوركسترا الفرقة الموسيقية العسكرية الموريتانية ويُدرّبهم على عزف المقطوعة الموسيقية الشجية التى ألّفها موسيقارُنا المصرى المُلهَم، لتُصبحَ السلامَ الوطنى الرسمى لجمهورية موريتانيا. قام داوود بتلحين النشيد الجديد، الذى اعتمده دستورُ دولة موريتاينا فى تعديله الأخير ٢٠١٧. فى قاعات البروڤات، بأروقة «دولة الأوبرا المصرية»، عزف أوركسترا القاهرة السيمفونى ذلك اللحنَ الجميل، وصدح بكلماته كورال الأوبرا المصرية على مدى ثلاثة أسابيع، حتى استوى على عود نغماته نشيدًا شجيًّا منضبط النغمات يسرُّ السامعين، قبل أن يسافرَ اللحنُ كاملاً بهيًّا إلى دولة موريتانيا، لتعتمده نشيدَها الرسمى، يشدو به الأطفالُ فى مدارسهم، والجنودُ فى ثكناتهم، والقلوبُ فى نجواهم للوطن. وبالأمس، عاد موسيقارُنا المصرى إلى وطنه مُكّللاً صدرُه بوسام «فارس»؛ الذى قلّدته إياه الدولةُ الموريتانية تكريمًا على فنّه الموسيقى الرفيع. وكان الاختيارُ قد وقع على موسيقارنا المصرى ليضع موسيقى نشيدهم الوطنى تحت مِظلّة التعاون الدبلوماسى الثقافى المصرى-الموريتانى. هكذا يمتدُّ حبلُ الموسيقيين المصريين الذين مَوْسقوا الأناشيدَ الوطنية الرسمية لدول عربية، لتتأكد فرادةُ مصر الفنية جيلًا وراء جيل. فى عام ١٩٦٣، وضع الموسيقارُ المصرى «محمد فوزى» موسيقى النشيد الوطنى الجزائرى الذى كتبه «مفدى زكريا»، شاعر الثورة الجزائرية، ويقول مطلعُه: «قسَمًا بالنازلاتِ الماحقاتِ/ والدماءِ الزاكياتِ الطاهراتِ/ والبنودِ اللامعاتِ/ الخافقاتِ/ فى الجبالِ الشامخاتِ الشاهقاتِ/ نحن ثُرنا/ فحياةٌ أو مماتْ/ وعقدنا العزمَ أنْ تحيا الجزائر/ فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا...». وفى مطلع العام الجديد ٢٠١٨، وضع موسيقارُنا المصرى «راجح داوود» نشيدًا وطنيًّا جديدًّا، كتبته مجموعةٌ من شعراء موريتانيا يقول مطلعه: «بلادَ الأُباة الهُداة الكِرام/ وحِصنَ الكتابِ الذى لا يُضامْ/ أيا موريتانِ ربيعَ الوئامْ/ وركنَ السماحةِ ثغرَ السلام......».

تحيةَ احترام وفخرٍ بصديقى المايسترو الجميل «راجح داوود»، وتحيةَ تقدير لعصاه الموسيقية الساحرة التى أبدعت لحنًا عذبًا يجمع بين الحماسةِ والعذوبة والرُّقى. وتحيةً متجددة لكِ يا مصرُ الجميلة يا أمَّ العظماء على مرّ العصور.
نقلا عن المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عصا «راجح داوود»… فى موريتانيا عصا «راجح داوود»… فى موريتانيا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله
  مصر اليوم - إسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتعاون مع حزب الله

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:32 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة "لأ ثواني"
  مصر اليوم - بسمة بوسيل تشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة لأ ثواني

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 01:15 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل ألعاب يمكن تحميلها الآن على هاتف الآيفون مجانا

GMT 06:21 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

نوبة قلبية تقتل "الحصان وصاحبته" في آن واحد

GMT 22:33 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد ممدوح يوجه الشكر للجامعة الألمانية عبر "انستغرام"

GMT 16:44 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمن المركزي يحبط هجومًا انتحاريًا على كمين في "العريش"

GMT 03:36 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"طرق التجارة في الجزيرة العربية" يضيف 16 قطعة من الإمارات

GMT 01:03 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل العيش السوري او فاهيتاس بسهولة فى البيت

GMT 08:12 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

ليدي غاغا تُظهر أناقتها خلال العرض الأول لفيلمها

GMT 16:10 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

جماهير روما تهاجم إدارة النادي بعد ضربة ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon