توقيت القاهرة المحلي 09:02:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

السحورُ على شرف النسيج المصرى

  مصر اليوم -

السحورُ على شرف النسيج المصرى

بقلم - فاطمة ناعوت

لا يمكنُك أن تمرَّ من جوار صرح «المتحف القومى للحضارة المصرية» المجاور لحصن بابليون بالفسطاط شرق القاهرة ثم تدلفَ من بوابته دون أن يخفقَ قلبُك، إذ تتذكّر ذلك اليوم التاريخى العالمى المهيب فى أبريل ٢٠٢١ الذى شهد «موكب المومياوات الملكية» وهى تغادر موقعَها القديم فى «المتحف المصرى» بميدان التحرير إلى موقعها الجديد الدائم بقاعات «المتحف القومى للحضارة المصرية» على ضفاف بحيرة القاهرة.

لا ننسى مشهد وقوف الرئيس المصرى «عبدالفتاح السيسى» مُنصتًا فى إجلالٍ إلى إحدى وعشرين طلقةً أطلقتها المدفعية تحيةً للموكب الملكى العظيم، ثم قطعه الردهةَ الملكية ليقف عند بوابة المتحف مُستقبِلًا نظراءَه من ملكات مصرَ وملوكها لحظةَ وصولهم فى اثنتى وعشرين عربةً ملكية، محفور على كلٍّ منها بحروف مُذهَّبة اسمُ الملك أو الملكة التى تحمل. كانت وتظلُّ لحظة خالدة ماجدة محفورة فى ذاكرة كل مصرى راهن، وكل إنسان عايشَ ذلك المشهد المصرى المهيب عبر شاشات فضائيات العالم. وها هى دُرَّةٌ جديدة تُضافُ إلى صندوق جواهر متحف الحضارة المصرية: «قاعة النسيج المصرى»، التى افتتحها قبل أيام د. «خالد العنانى» وزير السياحة والآثار المثقف بحضور كوكبة من الوزراء والسفراء والكتّاب والإعلاميين والشخصيات العامة المصرية والعالمية. واختير يوم الافتتاح ١٨ أبريل، الموافق لليوم العالمى للتراث، كما أقرّته اليونسكو من كل عام.

نقفُ الآن على مهابة متحفنا الاستثنائى الجميل الذى يقعُ على مساحة ١٣٠ ألف متر مربع، ويضمُّ أكثر من ٥٠ ألف قطعة أثرية تحكى تاريخَ مصرَ البانورامى العريق: الفرعونى، اليونانى، الرومانى، القبطى، الإسلامى، نُنصتُ إلى د. «مصطفى وزيرى» الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، ليفيض علينا من علمه الغزير مفردات الفنّ المصرى العريق الذى حوّل به الجدُّ المصرى نباتَ الكتّان إلى منسوجاتٍ وفُرشٍ وفرائد فنية وملابس تُزيّن منازله ومعابده وتكسو جسده. كانت مصرُ العظمى من أولى الحضارات التى ابتكرت فن النسيج وبرعت فى غزله وتلوينه. وكانت الملابس والمنسوجات والمشغولات الغزلية الأنيقة من بين الهدايا التى تبادلها ملوكُ مصر الفراعنة مع ملوك العالم القديم. أتقن الجدُّ المصرى تلك الصناعة باستخدام النول الأفقى وأدوات الغزل المتنوعة والألوان المبهجة فى صباغة أزياء النبلاء ورجال الدين والعامة، كما تزينت القصور والمنازل والمعابد بالستائر والبُسط وفُرُش الآسرَّة، عطفًا على الملابس زاهية الألوان بديعة التصميمات، وأردية الكهنة المزخرفة بالكتابات الهيروغليفية والتى تغطى الأكتاف فى طقوس الصلاة والتعبد. وضمّت قاعةُ النسيج نماذجَ مصغرةً لورش النسيج المستخدم فيها النول الأفقى، عُثِر عليها بمقابر الدولة القديمة، ما يشير إلى قداسة حرفة الغزل والنسيج لديهم، والتى ساهمت فى اشتهار نبات الكتان فى كل بيوت الأزياء العالمية الراهنة.

فى البدء، ارتدى المصرى القديم ملابسه بلون الكتان الطبيعى، ثم أضاف صبغات طينية برتقالية اللون لصناعة منسوجات من البنى والأحمر والأصفر، ثم طوّر الجد المصرى من فنون التلوين بخلط مواد مستخرجة من أشجار السنط، ليظهر الأزرق والأبيض والأخضر فى ملابس الجد المصرى القديم.

وفى ذات القاعة، شهدنا باروكات بضفائر إفريقية سوداء ساحرة مجدولة بخيوط ملونة كانت تتزيّن بها السيدة المصرية القديمة التى اشتهرت بأناقتها وحُسن اهتمامها بجمالها. ولا شك أن قاعة النسيج المصرى التى افتتحت بالأمس فى «المتحف القومى للحضارة المصرية» أكثر ثراء من أن توصف فى مقال، ولا بديل عن زيارتها للوقوف على جانب من جوانب فرادة حضارتنا المصرية الخالدة.

بعد تلك الجولة الجميلة بين خيوط نسيجنا المصرى، ذهبنا إلى بحيرة القاهرة الساحرة الملاصقة للمتحف Le Lac du Caire لتناول السحور على أنغام ديفيليه مصرى استعراضى بديع يحمل تيمة Follow the Sun «اتبعِ الشمس»، وهو عنوان الحملة الدعائية الإلكترونية الجميلة التى أطلقتها وزارة السياحة والآثار والهيئة العامة للتنشيط السياحى من أجل الترويج للمقصد السياحى المصرى لموسم صيف ٢٠٢٢ لاجتذاب السياح من جميع أنحاء العالم إلى أرض مصر الخالدة. أهدتنا وزارةُ الثقافة وهيئة قصور الثقافة هذا الاستعراض المبهر الذى ارتدى فيه الراقصون والراقصات الأزياء المميزة لكل محافظة مصرية، يغنون تلك الأغنية البديعة بلهجات المحافظات المختلفة والرقصات المميزة لكل محافظة: «Sing for the sun with the riddle of the sun غنى للشمس أغنية الشمس، أهلا بك فى بلادنا، فى الجمهورية الجديدة، وضيوفنا أجمل هدية».

كانت بحق أمسيةً لا تُنسى. شكرًا لكل من شارك فى إخراجها على هذا النحو الراقى.. وشكرًا للدكتور «أحمد غنيم» الرئيس التنفيذى للمتحف القومى للحضارة المصرية على استضافتنا على شرف الجمال والخلود.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السحورُ على شرف النسيج المصرى السحورُ على شرف النسيج المصرى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon