توقيت القاهرة المحلي 21:58:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفلسطينيون ومبادرات إصلاح حالهم

  مصر اليوم -

الفلسطينيون ومبادرات إصلاح حالهم

بقلم - نبيل عمرو

الطبقة السياسية الفلسطينية تتكون من عددٍ محدودٍ من الأشخاص، بعضهم يُدعى للجلوس وراء لافتة فلسطين في المؤتمرات العربية والإقليمية والدولية، على مختلف تخصصاتها، وبعضهم الآخر يُدعى إلى العواصم لإجراء محادثات لإنهاء الانقسام، وكثيرون منهم يوقِّعون على عرائض تدعو إلى إصلاح الحال، والعنوان المفضَّل لذلك هو «منظمة التحرير»، والعنوان الأقل مرتبة هو «السلطة الوطنية».

منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، دخلت الحالة الفلسطينية بإجمالها، مرحلة مختلفة عن كل المراحل التي سبقتها، حين تمكّن فصيلٌ فلسطيني رئيسي هو حركة «حماس»، من إحداث زلزال هزَّ أساسات الدولة العِبرية، وفتح بوابات جهنم على المنطقة بأسرها. وللمرة الأولى في تاريخ الصراع مع إسرائيل، تمتد الاشتعالات وتتواصل لأطول مدى زمني، على أطول مساحة جغرافية تمتد من غزة لتصل إلى باب المندب.

كل التطورات التي تلت السابع من أكتوبر الرهيب بدت غير مسبوقة بالفعل، من حيث مساحة الدمار، وغزارة الدم، وانسداد الآفاق العملية للحلول، وبالمقابل نتج من ذلك حديث عالمي هو الأعلى صوتاً، حول حتمية الذهاب إلى حل جذري للقضية الفلسطينية التي جدد العالم اعترافه بها سبباً لاشتعالات الشرق الأوسط، مع اعتراف -بنبرات متفاوتة- بالتقصير في عدم الذهاب إلى هذا الحل في وقت مبكر.

اتسعت جرَّاء ذلك مبادرات نحو الاعتراف المسبق بالدولة الفلسطينية، ليكتمل الاعتراف الأشمل الذي جسَّدته دول العالم بأغلبية كاسحة في الأمم المتحدة، قابلته إدانات تكاد تكون شاملة لإسرائيل؛ بلغت ذروتها في محكمة العدل الدولية، وكذلك محكمة الجنايات، وبوسعنا القول إن غزارة الدم الذي سُفك على مدار الأشهر الثمانية الماضية أنتج حالة دولية متنامية نحو خيار الدولة الفلسطينية.

إذن؛ كل شيء تغير على مستوى العالم، بما في ذلك ما حدث في أميركا ذاتها؛ حيث انتفاضة الجامعات والتبدُّل النسبي في الرأي العام الأميركي لمصلحة الفلسطينيين، بعد أن كان مغلقاً لمصلحة خصومهم.

إلا أن المحيِّر في الأمر، والذي يصلح لأن يوصف بالظاهرة، أن هذا التغيير وتأثيره على الحالة الفلسطينية بدا خافتاً وضعيفاً، فكل ما كان قبل هذا التطور الكوني ظل على حاله؛ بل ازداد تردياً، كما لو أن حرب الإبادة والتدمير تقع في مكان آخر، فالانقسام طويل الأمد تخطى التنافس بين القطبين التقليديين: «فتح» و«حماس»، ليصل إلى «منظمة التحرير» التي تجري الآن دعوات لإصلاحها، يقابلها تشبث بواقعها الذي سِمَته المجمع عليها الجمود وانعدام المبادرة.

دائماً ودون انقطاع، كانت تجري مبادرات ومؤتمرات ضمَّت آلافاً من الفلسطينيين الذين يعدُّون «المنظمة» وطنهم المعنوي، ومظلتهم الواقية لهم ولقضيتهم، ولحلمهم المشترك بالعودة وقيام الدولة، غير أن الذي حدث فعلاً أن هذه الجهود تجمدت من دون أن يتغير شيء يذكر في واقع «المنظمة» وآليات حضورها وقراراتها.

محاولات إصلاح الوطن المعنوي ستظل قائمة ومتكررة، سواء بالعرائض أو المبادرات، ومنها المؤتمرات الشعبية مثلاً، إلا أن تحقيقها النتائج المرجوَّة يظل أمراً غير مضمون، ذلك أن الذين ينشدون الإصلاح بالتواقيع على العرائض، وحتى عقد المؤتمرات، لا يملكون في مجال الضغط المؤثر والفعَّال ما تملكه القوى المسيطرة على اللعبة في أرضها. في الضفة سلطة ومنظمة، تتغذى على اعتراف العالم بشرعيتها ولو بصورة رمزية، وفي غزة سلطة ومقاومة تتغذى على فشل المنافس في اتجاهه السلمي، وتتكئ على أرقام استطلاعات الرأي التي تسجل ارتفاعاً مطَّرداً في شعبيتها.

وفي هذه الحالة، نجد أنفسنا أمام معادلة لها تأثير قوي في مجال السلب، رقماها الأساسيان كل واحد منهما له حساباته المستقلة تماماً عن الآخر، ما جعل الالتقاء بينهما مستحيلاً، كالتقاء خطين متوازيين، وإلا فما الذي جعل الانقسام يصل إلى حد الانفصال، وبعمر زمني تجاوز السبع عشرة سنة، مع ما جرى فيها من ويلات وكوارث وقعت على الجميع؟ وما الذي أنجزته آلاف اللقاءات في جميع العواصم المضيافة، سوى بيانات لإرضاء المضيفين، ولإغراء آخرين لاستضافات جديدة؟

محاولات الإصلاح بالمبادرات والعرائض والمؤتمرات الشعبية أمر طبيعي وبديهي ومشروع، فالقضية ليست ملك تنظيم أو سلطة، لذا فإن باب الاجتهاد سيظل مفتوحاً ومتداولاً، غير أن ما ينبغي الانتباه إليه هو أن النفوذ المقرر على الأرض يظل في يد شرعية رمزية لا يزال العالم يعترف بها ويتعامل معها، ومقاومة مسلحة ما زال الجمهور يتعاطف معها، وإذا لم يبادر هذان الطرفان إلى الالتقاء في إطار وحدة وطنية، ونحو برنامج وطني متفاهم عليه وعلى كيفية أدائه، فسوف تظل العرائض تُكتَب وتُوقَّع، وتظل المؤتمرات الشعبية تُعقد وتنفض، وتظل الحال كما هي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون ومبادرات إصلاح حالهم الفلسطينيون ومبادرات إصلاح حالهم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon