توقيت القاهرة المحلي 09:03:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أميركا وتآكل حل الدولتين

  مصر اليوم -

أميركا وتآكل حل الدولتين

بقلم - نبيل عمرو

«الفيتو»... هو الثابت الدائم في السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية. والتفسير الأميركي لذلك أن الأمم المتحدة ليست المكان الملائم لمعالجة هذه القضية، بل إن مجرد طرحها على هذا المحفل الأممي هو المعوق الأساسي لحلها، إذ لا بديل عن المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع.

ومنذ فُتح ملف الحل بفعالية مدريد، التي نُقلت إلى واشنطن ثم أوسلو، دخلت القضية في متاهة لم تنتج حلاً؛ بل كانت حرباً لا تنحصر مساحتها في الدائرة الفلسطينية - الإسرائيلية، وأنتجت مخاوف حقيقية من أن تتسع لتصل إلى حد الحرب الإقليمية، وها نحن نقف على حافتها من دون الاطمئنان إلى فاعلية المعادلة القائمة على أساس أن لا إيران ولا أميركا تريدانها.

بؤرة الاشتعال الرئيسية لا تزال غزة، والامتداد الإقليمي لها وبفعل التماس الجغرافي هو الجبهة الشمالية، ولا ينقص كي نجد أنفسنا في غمار حرب إقليمية سوى مفاجآت الميدان ومغامرات نزوع إسرائيل لفرضها، في سياق سعيها الدائم لجر أميركا إليها.

بعد عملية القنصلية ودخول المنطقة إلى مناورات الرد والرد على الرد، سُرّب خبر يقول، إن أميركا الحريصة على بقاء التطورات العسكرية في المنطقة تحت السيطرة وفي أضيق نطاق، قايضت الرد الإسرائيلي على «عراضة» الصواريخ والمسيرات بالموافقة على الخطط العسكرية الإسرائيلية إزاء رفح.

ورغم النفي الأميركي لهذا الخبر فإن واقع الحال لا ينفيه تماماً ما دامت مسألة رفح تناقش بين الإسرائيليين والأميركيين، ليس من زاوية المنع الكامل للاجتياح، وإنما لاعتبارات إنسانية يمكن تجاوزها ببرمجة العمليات العسكرية وربطها بتوفير أماكن آمنة نسبياً للمدنيين، وهذا لا يختلف كثيراً عن معادلة المقايضة بين خفض مستوى الرد على إيران ومسألة رفح.

مساحة حرية الحركة الإسرائيلية في قطاع غزة متوفرة أكثر بكثير من توفرها في مجال إيران، فإسرائيل ومنذ بداية حربها وحتى دخولها شهرها السابع تبدو طليقة اليد تماماً في غزة، تحميها ميوعة أميركية في التحفظ المظهري على مساراتها الميدانية مع التزام كامل بأهدافها.

لا جديد في الأمر، فهكذا سارت أمور حرب غزة من بداياتها حتى أيامنا هذه، إلا أن الجديد فعلاً هو التراجع الأميركي عن وضع حل الدولتين كمخرج أساسي ووحيد من الاشتعالات في المنطقة، وإذا قارنا بين ما كان يقال أميركياً حول هذه المسألة بالذات، وما يقال الآن يبدو الفرق واضحاً ليس فقط في اللغة، وإنما في المضمون والاتجاه.

وصل الأميركيون في حديثهم عن اليوم التالي، إلى التصريح بأنهم يفتشون عن وسيلة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقد تشاوروا مع جهات عديدة في هذا الأمر وأظهروا أن طلبهم إصلاح حال السلطة يأتي في سياق تحضيرات أولية لحل معضلة ما بعد الحرب، من خلال تسليم غزة للسلطة «المحسنة» والذهاب إلى عمل جدي يفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية، حتى إن الرئيس بايدن أشار إلى ذلك بقوله: «إن ذلك سيتم في سياق حل إقليمي».

التحول في اللغة والسلوك، بدأ بصورة جلية حين استنفرت إسرائيل كل قواها لمنع تطور الموقف الأميركي، بل ولإعادته إلى قواعده القديمة، وفي هذا السياق جاء قرار الكنيست وبأغلبية ساحقة رافضاً قيام الدولة الفلسطينية «بالإملاء»، وإنما بالتفاوض ليس فقط على مبدأ قيامها وإنما على مواصفاتها كذلك.

ظهرت فاعلية «الفرملة الإسرائيلية»؛ ليس فقط في الجهد الأميركي المواظب والملح لمنع قرار عن مجلس الأمن بهذا الشأن، وإنما بتفسير الدبلوماسية الأميركية على أعلى مستوياتها لـ«الفيتو»، الذي التقى كلياً مع الموقف الإسرائيلي بأن حل القضية الفلسطينية له ممر إجباري واحد هو إسرائيل، مع غلاف رقيق هو التفاوض الذي ترفضه إسرائيل جملة وتفصيلاً.

مع المناوشات الإيرانية - الإسرائيلية، والدخول الأميركي والأطلسي على خطها واستمرار الحرب على غزة، والتفاهمات الأميركية - الإسرائيلية بشأن رفح، وتواصل عمل إسرائيل على الجبهة الشمالية وفق قواعدها الثابتة، ظهر تآكل متسارع في الموقف الأميركي من حل الدولتين وفق مواصفاته السابقة التي حددتها أميركا تحت عنوان اليوم التالي.

الخلاصة أن السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية عادت إلى تموضعها القديم، الذي أخطر ما فيه وضع الحل بيد إسرائيل، وبالأمس القريب حسم الرئيس بايدن الأمر بالقول إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس وقته الآن. ما ذكّر بقوله في بيت لحم إن «من حق الفلسطينيين أن يحصلوا على دولة غير أن ذلك لن يتحقق لا على المدى البعيد ولا الأبعد»... ذلك معناه أن الأمر سيظل في دائرة الحديث عنه من دون العمل عليه!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا وتآكل حل الدولتين أميركا وتآكل حل الدولتين



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon