توقيت القاهرة المحلي 20:17:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشرق الأوسط وتغيير القواعد القديمة

  مصر اليوم -

الشرق الأوسط وتغيير القواعد القديمة

بقلم - نبيل عمرو

أحد أهم عوامل الاضطراب الدائم في الشرق الأوسط هو تطلع العديد من دوله لتأسيس نفوذ لها في الدول الأخرى، تارة تحت شعارات سياسية، وأخرى عقائدية، وكم من انقلاب عسكري ناجح أو فاشل دبرته دولة لتغيير النظام في دولة أخرى، وفي هذا السياق اشتعلت حروب داخلية أدواتها محلية، والأيادي التي تحركها وتنفق عليها قادمة من وراء الحدود، وحتى من وراء المحيطات.

هكذا كان حال الشرق الأوسط ودوله، وبفعل ذلك غرقت واحدة من أهم مناطق العالم في دوامة موت ودمار ونزف، ولم يكن لأهل الشرق الأوسط في هذا... سوى دفع الثمن.

وإذا ما راجعنا نتائج هذا المسار المأساوي، فإننا نجد حقيقة ساطعة تقول... إن تدخل دولة في دولة أخرى لبسط نفوذها عليها، باء دائما بالفشل، بل إنه حقق نتيجة عكسية تماما، بحيث صار النفوذ المنشود في دولة أخرى عبئا ثقيلا على من يسعون إليه، واستنزافا مرهقا للقدرات، وما من دولة تورطت في أمر كهذا إلا وحصدت تراجعا يصل إلى حافة الانهيار في اقتصادها، وما يفترض أن ينفق على تنميتها.

وفي سياق السعي لنفوذ كهذا نتج أمر آخر على صعيد الدول التي صارت ضحية لهذا النوع من التدخلات، وهو تهميش دور شعوبها وقواها السياسية في أحداث التغييرات الإيجابية في بلدانها ليرتبط مصير الكيان الذي تورط في استدعاء التدخل الخارجي بأجندات المتدخلين، ففي السياسة والحرب والنفوذ فلا عمل خيريا في أمر التدخل... بل نفوذ يصعب التخلص منه إذا ما أريد ذلك.

أكثر المناطق التي عانت من هذه الظاهرة هي شرقنا الأوسط، وقلبه الجغرافي والبشري والثروات هو عالمنا العربي، وبوسعنا الآن أن نسأل: ماذا أنتجت التدخلات على شتى دوافعها ووسائلها، لم يتغير نظام واحد، ولم يُلحق بلد جرى التدخل فيه ببلد آخر، وظلت الكيانات والنظم على حالها، وأي تغيير كان كبيرا أو طفيفا فلم يكن إلا بفعل عمل داخلي؛ إما قامت به الحكومات، وإما فرض عليها الرأي العام ومؤسساته الوطنية أن تقوم به.

المتغيرات الجذرية والمتسارعة الإيقاع والتأثير على مستوى العالم الذي يعيش فيه الشرق الأوسط، تحتم على دول المنطقة الكبيرة والصغيرة أن تغادر منطق البحث عن نفوذ في دول أخرى، وأن تتوقف الدول التي تستدعي تدخلا خارجيا تراه ضروريا عن مزاولة هذا الاستثمار البائس الذي أثبتت التجربة أنه يحمل خسارة محققة لمن يتدخل، ولمن يستدعي التدخل...

وإذا كان أهل الشرق الأوسط المتخمون بالقضايا التي لا حل لها وفق القواعد القديمة، تواقون لمغادرة دوامة النزف والدمار والإهدار، فلم يعد أمام دولهم ونظمهم صاحبة القرار، سوى التوقف نهائيا عن وهم تأسيس نفوذ لها خارج حدود بلادها ومجتمعاتها، وأن تتوقف عن الجري وراء سراب مد النفوذ بفعل وهم إمبراطوري، إذا كان يصلح في زمن غابر فلا مجال له كي يصلح في زمننا هذا...

لقد ملت الشعوب إهدار مقدراتها في استثمار خارج حدودها وحياتها وفي مجال النفوذ، فقد آن الأوان لتغيير القواعد القديمة بإرساء قواعد جديدة، أساسها أن الاستثمار في الوفاق والمصالح المشتركة، وعلى قاعدة احترام كل دولة للدولة الأخرى هو ما يوفر المنفعة المتبادلة مع الآخرين، وبذات القدر يوفر توجها سليما للطاقات والقدرات إلى حيث ينبغي أن توجه أي منها إلى أصحابها.

ما أقوله ليس كلاما رغائبيا ووعظيا ومجرد أمنيات، بل هو الحقيقة التي بدأت مقدماتها بالظهور بين السعودية وإيران، وكذلك بين مصر وإيران، ولا بد من استكمالها بين مصر وتركيا، وربما سوريا كذلك، وفي حال استمرار المسار وحمايته من الذين يستفيدون من بقاء القديم على حاله، سنرى شرق أوسط إن لم يكن جديدا تماما ففي حال أفضل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط وتغيير القواعد القديمة الشرق الأوسط وتغيير القواعد القديمة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon