توقيت القاهرة المحلي 21:14:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التهدئة والمصالحة على الطريق الدائري

  مصر اليوم -

التهدئة والمصالحة على الطريق الدائري

بقلم - نبيل عمرو

من الذي يسبق الآخر التهدئة أم المصالحة، هذا هو موضوع الجدل الدائر بين كل الأطراف التي تتعاطى مع الشأن الغزي، وذلك يشبه في عدميته وقلة جدواه الجدل الأزلي القائم حول من سبق الآخر، البيضة أم الدجاجة.

الأطراف الأربعة الذين يشكلون معادلة غزة «فتح، حماس، إسرائيل، مصر» ما زالوا في طور المقدمات دون الدخول إلى صلب الموضوع، والمخرج النموذجي الذي تتبناه مصر هو العمل على خطين متوازيين مع أفضلية تضع المصالحة في المرتبة الأولى، من أجل توفير شرعية وطنية كاملة لأي اتفاق يمكن أن يبرم مع إسرائيل.

و«فتح» تتخذ نفس الموقف، مع اشتراطات مسبقة تبعد عنها شبهة الاكتفاء بدور المحلل، أو مجرد توفير غطاء شرعي لأمر تقول «حماس» إن لا ناقة لها فيه ولا جمل.

و«حماس» الممسكة بغزة من تلابيبها، وصاحبة الحرب التي فتحت ملف التهدئة والتنمية، ترى أنها في هذا الشأن تملك اليد العليا وفق منطق من يطلق النار يقوم بالتهدئة.

أما إسرائيل فقد حسمت الأمر على نحو تظل يدها العليا فيه فارضة نفسها على الجميع، إذ وضعت جدول حرب والتهدئة في آن معاً.

الحرب وبلا هوادة متاحة في كل وقت، والمحرم الوحيد فيها هو الاجتياح البري الشامل ما دام القصف وحده يكفي لأداء المهمة.

وانبثق عن هذا مصطلح الهدوء يقابله الهدوء، وذلك لا يحتاج إلى اتفاقات موثقة تحرج إسرائيل لو تمت مع «حماس»، بل يترك الأمر للميدان كي يقرر الخطوات العسكرية اللازمة، وفي هذا السياق أثبتت القناة المصرية نجاعتها في وقف التصعيد تارة وفرض الهدوء المتبادل المؤقت تارة أخرى، وهذه الصيغة لا تصلح لأن يبنى عليها اتفاقات دائمة أو أثمان سياسية على أي مستوى.

مشكلة غزة في بعدها الفلسطيني أنها لم تجد حلاً خلال الإحدى عشرة سنة الماضية، وذلك بفعل انعدام التوازن في القوى على أرضها، ما يبعد منطقياً إمكانية الحل المتوازن بشأنها، ذلك أن السيطرة المطلقة لـ«حماس» على قطاع غزة واحتفاظها بقوة طاغية جعلا «فتح» وباقي الفصائل عديمة التأثير الفعلي في خطط «حماس» وبرامجها وسلطتها.

أما السلطة في رام الله فتملك في المسألة الغزية أمرين مؤثرين نسبياً هما المال والشرعية، لكنهما لم ينجحا حتى الآن في إنتاج خلاصات سياسية تسقط حكم حماس في غزة أو ترخي قبضتها عليها، وهذا زاد أمر المصالحة تعقيداً يعاني منه المصريون الذين يتحركون بحذر خشية التأثير على دور الوسيط النزيه بشبهة الانحياز لطرف دون الآخر.

لقد أرهقت معادلة شرعية رام الله وتمكن «حماس» من غزة مصر التي تتجاذبها مؤثرات متعددة، فإن جرى الحديث عن الأمن فالجغرافيا تضع غزة على رأس الأولويات المصرية، وإذا كان الحديث عن المعاناة التي تصل حد الكارثة الإنسانية، فمصر صاحبة المنفذ الوحيد من غزة إلى العالم الخارجي وتبدو معنية أكثر من غيرها في هذا الأمر، وإذا كان الحديث عن الالتزام بالشرعية فمصر مع شرعية عباس ومنظمة التحرير، وفي ذات الوقت تتعامل مع الأمر الواقع في غزة محاولة تفادي الاتهام بمنح الأمر الواقع شرعية موازية تعرف «حماس» كيف تستفيد منها في صراعها الطويل والدؤوب مع فتح.

بعد أيام ستبدأ جولة من المشاورات والمفاوضات والمجادلات في القاهرة، وسيدخل المتحاورون هناك في الدوامة التي ما خرجوا منها طيلة إحدى عشرة سنة، وستكون محطة أول الخريف واحدة من محطات قطعها قطار المصالحة على الطريق الدائري الذي ينتهي من حيث بدأ.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التهدئة والمصالحة على الطريق الدائري التهدئة والمصالحة على الطريق الدائري



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon