توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طلقة نتنياهو الأخيرة

  مصر اليوم -

طلقة نتنياهو الأخيرة

بقلم - نبيل عمرو

في مسيرته السياسية، بدا نتنياهو كما لو أنَّه امتهنَ الصعودَ والبقاءَ في موقع الرجل الأول بإسرائيل.

وخلال سنوات صعودِه، حصل على كثير من الألقاب؛ الملك، الساحر، المتفوّق على منافسيه من داخل معسكره ومن خارجه.

ولقد توفَّرت له مزايا لم تتوفر لغيره، فلقد أفلت من الإدانة بعدة تهمٍ، الواحدة منها كفيلة بإنهاء حياته السياسية؛ إمّا بعودته إلى البيت أو لدخوله السجن.

لم يكن ما حدثَ معه على هذا الصعيد بفعل براعة محاميه وليونة القضاء معه، بل بفعل مواهبه في التحايل، واستخدامِ الدولة بكل مكوناتها درعاً واقية تحمي مصالحه الخاصة.

بفعل أخطاء فادحةٍ ارتكبها خصومُه بما في ذلك بعض النواب العرب، تمكَّن من الحصول على ولاية سادسة، محطماً بذلك الرقم القياسي في عدد الولايات وعدد السنوات التي احتفظ فيها بموقع رئيس الحكومة.

كان مسدسُ نتنياهو مليئاً بالطلقات التي تجهز على خصومه الواحد بعد الآخر، ليس فقط من داخل حزبه ولا من داخل ائتلافه، وإنَّما على مستوى الطبقة السياسية والحزبية بكل مكوناتها وتسمياتها، غير أنَّ للأقدار لعبتها غير المحسوبة في توقيتها وثقلها، فإذا بالولاية السادسة تتحوَّل إلى بداية لانهيار متسارع، وإلى إفراغ مسدسه من طلقات كثيرة لم تصِب أهدافها.

بعد اطمئنانه للأغلبية المريحة التي حصل عليها في ولايته السادسة، فتح معركةَ إصلاح القضاء بتغييرات جذرية هدفها إخضاع المؤسسة القضائية لسلطة الحكومة والبرلمان، حيث ملعبه المفضل، وحين اكتشفتِ الغالبية العظمى من الإسرائيليين أنَّ المعركة من أساسها انطلقت من أجل توفير ممرات آمنة لرئيس الوزراء كي يفلت من الإدانة، انتقلت المعركة بزخم قوي إلى الشوارع التي اكتظت بالمتظاهرين على النحو الذي لم يمكنه من الذهاب إلى المطار، إلا بمروحية عسكرية بفعل إغلاق الشوارع وساحة المطار في وجهه.

ذهبت تقديرات نتنياهو إلى عكس ما خطط وأراد، ومن هنا بدأت عملية الهبوط، وبدل إحصاء المكاسب التي تعوّد عليها؛ فقد أحصى الخسائر وكانت فادحة.

إنَّ أكثر ما أخافه على زعامته إغلاق البيت الأبيض في وجهه تضامناً مع المتظاهرين، ودعماً مباشراً لمطالبهم، ومنذ ذلك الوقت وإلى أجل غير مسمى، ونتنياهو يحاول معالجة الأمر دون جدوى.

أمر آخر... لم ينتبه نتنياهو بما يكفي لخطورته على مكانته وصورته كرئيس لوزراء إسرائيل «الديمقراطية»، وهو استعانته ببيضة ميزان لحكومته، من عناصر ذات ملف إجرامي وعنصري مثل بن غفير وسموتريتش، ذلك لم يحرمه فقط من التعاطف الداخلي، بل حرمه كثيراً من الدعم الخارجي، خصوصاً من يهود أميركا الذين لهم ما لهم من نفوذ.

لم تنتهِ معركة القضاء، بل زحفت بمؤثراتها السلبية المباشرة على الجيش والمؤسسات الأمنية، وظلَّت تسجّل انهيارات فادحة في شعبيته وفرصه في ولاية سابعة، وحتى الآن لم يصل الأمر إلى حد إطاحته، ذلك أن أغلبية الكنيست تكفيه للبقاء، إذا لم يذهب القوم إلى انتخابات مبكرة.

ظنَّ نتنياهو أنَّ مدداً جاءه من حيث لا يحتسب، ذلك يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، حيث الزلزال الذي زعزع أساسات الدولة، ليجدَ نفسه في موقع قيادة أكبر حرب تخوضها إسرائيل «كقتيل في السابع من أكتوبر وقاتل فيما بعده».

لبس نتنياهو الخوذةَ الحربية وتمنطق بلباس الميدان، واستخدم ما أمكن من شاشات وميكروفونات واتصالات ولقاءات، محاولاً إيجاد فرصة للعودة إلى مسار الانتصارات السهلة التي كان يحققها ضد خصومه الضعفاء، فقرر حرباً متسرعةً على غزة، ووضع لها أهدافاً من النوع الذي يوفر له، إلى جانب الاستمرار على القمة، مجداً يعوّض تقصيره، ويجدد حلمه بولاية سابعة.

غير أنَّ ظاهرةً لم تكن محسوبة برزت في سياق حربه على غزة، وهي إجماع شعبي على الحرب، وسقوط مدوٍ لمكانته رئيساً للوزراء وقائداً لها، وكلما كانت استطلاعات الرأي تشير إلى انحدار في وضعه، كان يلجأ إلى أساليبه القديمة في اللغة والمناورة والتحايل، إذ اخترع لنفسه مصطلحات عديدة لخدمة أجندته الشخصية... «اجتثاث (حماس) من الجذور، وتغيير الجغرافيا والديموغرافيا في غزة، والرجل الوحيد القادر على منع ولادة دولة فلسطينية»، وأخيراً سوّق لبقايا جمهوره عبارتين؛ الأولى لا للإدارة الأميركية، والثانية وعده بانتصار مطلق. وهذه المرة بعد اجتياح رفح.

عَلِقَ نتنياهو في عنق الزجاجة، فلم يستطع الاحتفاظ بـ«لائه» للبيت الأبيض أكثر من ثمانٍ وأربعين ساعة، أمَّا رفح، فإن أرسل قواته لاجتياحها وإن لم يفعل، ففي كلتا الحالتين، لم يعد الجمهور في إسرائيل يقبض وعده على محمل الجد، لقد وصل نتنياهو إلى حالة لا أمل له بولاية سابعة، أمّا النصر المطلق فهو مجرد طلقة طاشت كغيرها، وعنوانها هذه المرة رفح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طلقة نتنياهو الأخيرة طلقة نتنياهو الأخيرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon