توقيت القاهرة المحلي 09:51:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إردوغان وجرس الإنذار

  مصر اليوم -

إردوغان وجرس الإنذار

بقلم-نبيل عمرو

بصرف النظر عن نسبة الفوز والخسارة في الانتخابات المحلية التركية، فإن ما لفت نظر العالم هو التراجع الكبير في مكانة حزب «العدالة والتنمية». ويبدو أن الحزب الجريح الذي يمتلك إمكانات ضخمة بفعل تحكّمه في السلطة، ينظر للأمر من زاوية فنية، أي أن هنالك خللاً في العملية الانتخابية، لو تم إصلاحه فسيصير كل شيء على ما يرام.
كذلك فإن زعيم الحزب السيد رجب طيب إردوغان مضى في المنحى ذاته، حين عدّ المدن الكبرى التي خسرها، أو تراجع فيها، مجرد «بعض مدن» سيعمل على ما يضمن تفادي خسارتها في المرة المقبلة.
ومن يعرف تركيا لا يعدّ أنقرة وإسطنبول وإزمير وغيرها مجرد «بعض مدن»؛ فهي في الواقع عناوين الحداثة والقوة والثراء في الدولة التركية.
مرّتان قرع فيهما جرس الإنذار مؤذناً بالتراجع؛ الأولى حين فاز حزب إردوغان في الاستفتاء الذي أجري بغرض تعديل الدستور باتجاه تعزيز صلاحياته؛ إذ حاز النسبة الضئيلة نفسها التي فاز بها في الانتخابات المحلية، أي بفارق واحد في المائة، ومع أن القانون يعدّ الواحد في المائة بقوة التسعين، فإن الواقع يقول غير ذلك، فحين يفوز حزب متحكم بكل مقدرات الدولة بهذه النسب الضئيلة، فذلك ينبغي أن يكون جرس إنذار لا يدعو إلى معالجة فنية لتعزيز قبضة الحزب والفوز بنسبة أعلى في الانتخابات المقبلة؛ بل يتطلب الأمر مراجعة شاملة للسياسة الداخلية والخارجية، وعلى المستويين كانت الأخطاء فادحة ولم تؤثر فقط على المكانة المتفوقة لحزب العدالة والتنمية؛ بل أثرت سلباً على قوة الدولة التركية ومكانتها... هذه الدولة التي هي في حالات الضعف أو القوة تظل دولة نوعية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
صحيح أن التصويت في الانتخابات المحلية يبدو كتصويت على الخدمات، إلا إنه وحين يعرض على الجمهور كتصويت على الأحزاب المتنافسة وبرامجها، فإن النتائج لا بد من أن تكون سياسية بامتياز، خصوصاً إذا ما تطابقت نتائج المحلية مع نتائج العامة؛ وهذا ما حدث.
بمراقبة متجردة، فإن أداء إردوغان وحزبه على الصعيد الداخلي تميز بشطط كبير، خصوصاً فيما يتصل بالعلاقة مع الأحزاب المنافسة، أو في المعالجة الشرسة والمنفلتة من كل الضوابط العاقلة في واقعة الانقلاب الفاشل.
لقد جنحت المعالجة إلى مستويات ظهرت فيها على أنها أوسع عملية تصفية للخصوم، وإن كانت مغطاة بنصوص قانونية، إلا إنها أظهرت إلى أي مدى تذهب السلطة في استخدام مقدرات الدولة في قمع الخصوم وتصفيتهم.
أما فيما يتصل بالسياسة الخارجية، فهنا أستشهد بنموذجين أوقع فيهما إردوغان تركيا في أخطاء فادحة، ليس من بينها طريقة معالجة القضية السورية؛ إذ يستحسن انتظار الخلاصات النهائية، دون الظن بأنه يعمل جيداً على هذا الملف.
النموذج الأول والصارخ يتجسد في العلاقة مع مصر. ودون الإسهاب في عرض الوقائع والتفاصيل، فإن الأداء التركي تميز بجموح لا يليق بدولة إقليمية عظمى إزاء دولة لا تقل أهمية عنها.
لقد اختار إردوغان تحالفاً فاشلاً مع جزء منهار في مصر هو «الإخوان المسلمون»، وناصب الكل المصري؛ متمثلاً بالدولة، عداءً وصل إلى حالة حرب سياسية وإعلامية، ولقد أهدر إردوغان فرصة وفّرها الرئيس عبد الفتاح السيسي لتحسين العلاقة معه؛ إذ أغلقها بخطاب استفزازي، بدا فيه كما لو أنه الوصي على الحياة الداخلية المصرية، وأساليب الحكم والإدارة في تلك الدولة، ولو قرأ إردوغان جيداً التراث العاطفي الذي يمتلكه الشعب المصري إزاء تركيا، وحسب مزايا التعاون بدلاً من التوتر السياسي والإعلامي، لالتقط رغبة السيسي وبنى عليها دون أن يكون ملزماً بإنهاء إيوائه «الإخوان» الذين التجأوا إليه، بل كان الأكثر حكمة أن يلعب دور الوسيط.
وواقع العلاقة المضطربة مع مصر يوازيه ولو بوتيرة ومحتوى مختلف، العلاقة مع السعودية، التي ترتبط مع الدولة التركية بعلاقات حيوية في كل المجالات... كان بوسع إردوغان تجنب التدخل في الخلافات البينية القائمة في البيت الخليجي، وأن يحصد جراء ذلك منافع مضاعفة، ذلك أن المجال العربي المجاور هو إحدى أهم رئات التنفس لبلده ومجتمعه، وأحد مجالات ازدهاره الاقتصادي وحتى مكانته الاستراتيجية.
هل نتوقع من إردوغان وحزبه تعديل البوصلة والمسار داخلياً وخارجياً، أم إنه سيواصل اعتناق وهْم الإمبراطورية العثمانية، في زمن يجسد فيه هذا النوع من الأوهام ثقلاً يدفع صاحبه الكثير جراء اعتناقه دون أن يقبض شيئاً.
الخطاب المصري والسعودي ومعهما العربي يفتح الأبواب واسعة أمام الدولة التركية إذا ما برهنت على استعدادها لتطوير علاقات شاملة يحكمها الاحترام المتبادل، والنأي كلياً عن التدخل في شؤون هذه الدول.
إن المقومات الإيجابية لهذه العلاقة أعلى بكثير من السلبية، فلا يزال العرب ينظرون لتركيا على أنها جارة وشقيقة، وهذا رصيد ينبغي ألا تبدده الرهانات الخاطئة.

 

نقلا عن الشرق الاوسط

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع   

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إردوغان وجرس الإنذار إردوغان وجرس الإنذار



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon