توقيت القاهرة المحلي 11:34:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إسرائيل تجر أميركا إلى العزلة

  مصر اليوم -

إسرائيل تجر أميركا إلى العزلة

بقلم - نبيل عمرو

حرب غزة عمّقت انقسام العالم، ومعارك «الفيتو» المتبادلة أظهرت ذلك، بعد أن سبقت الشوارعُ مراكزَ القرارات الرسمية في إدانة المقتلة الإسرائيلية الفادحة التي لم يعد الضمير الإنساني قادراً على التغاضي عنها كما كان يحدث من قبل.

الضحية الأولى قبل إسرائيل هي أميركا التي تحاول بدبلوماسيتها كثيرة الحركة وقليلة المردود، أن تتجنَّب المسؤولية الأولى عن هذه الحرب، إلا أنَّها لا تفلح، فهي ما تزال في نظر العالم الشريك المباشر فيها إن لم نقل عرّابها الأعلى.

منذ الساعات الأولى لموقعة السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، بدأت سلسلة الأخطاء الأميركية وأولها وأشدها فداحة دمج الموقف والسلوك الأميركي بالموقف الذي صمَّمه نتنياهو، ولا تُنسى دعوات الإدارة للعرب بأن يحذوا حذوها في التنديد والإدانة، ورغم تبني العرب لغة متوازنة في إدانة قتل المدنيين والأطفال من كلا الجانبين، فإن هذا الموقف لم يعجب، مع أنه في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يبدو كافياً إذا ما نُظر للأمر بصورة موضوعية، ومنذ ذلك الموقف وإلى يومنا هذا تواصل التبني للحرب، فقد أقامت الدبلوماسية الأميركية سداً يحول دون مجرد المطالبة بوقف لإطلاق النار ولو لأسباب إنسانية وعرض هدن مؤقتة، ذلك مع تزويد آلة الحرب والدمار بكل ما يلزمها لجعل غزة بلداً غير قابل للحياة فيه، وظهر مصطلح دقيق تماماً في وصف السياسة الأميركية.... «كل الدعم لإسرائيل، وكل الحركة غير المجدية للفلسطينيين».

العرب، إن لم نقل جميعهم فمعظمهم، يقيمون علاقات موضوعية إيجابية مع أميركا، وفي مرحلة ما قبل حرب غزة كانت مؤشرات جدية وذات قيمة ظهرت في الأفق، لجعل ما كان مستحيلاً ممكناً، وهو استكمال حلقات التطبيع وفق منطق واقعي متوازن، «حل القضية الفلسطينية على الأساس الذي اصطلح العالم كله عليه. حل الدولتين».

صحيح أنَّ عملية السابع من أكتوبر كانت بقوة زلزال ضرب المعادلات السياسية السائدة، إلا أنَّ الرَّد الإسرائيلي عليها، تجاوز الحد الذي يمكن أن يهضمه العالم، ليبلغ مستوى تجاوز كل الحدود، ليتحول إلى حرب إبادة لأهل القطاع، مترافقة مع حرب شرسة في الضفة، ذلك مع مضاعفة مصادرة الأراضي وتطوير الاستيطان وتوسيعه وكأنَّ إسرائيل كانت في انتظار ذريعة لتفعل كل ذلك، ليس رداً ولا حتى انتقاماً وإنما لجعل فلسطين كلها منطقة غير قابلة للعيش فيها.

أميركا تدرك أن الاشتعالات التي انتجتها المغالاة الإسرائيلية في حربها على الفلسطينيين، مع انفتاح أفق اتساع هذه الحرب لتتحول إلى إقليمية إنَّما تجري في مناطق صداقاتها إن لم أقل نفوذها الإقليمي، فهي تلامس حدود مصر وتثير محظور التهجير الجماعي إليها، كما تلامس حدود الأردن وتمس بصورة مباشرة أمنَه الوطني، ومصالحه كدولة ومجتمع، ناهيك عن باقي أجزاء الجغرافيات العربية المشتعلة أو المهددة بالاشتعال، ومع إدراك أميركا لهذه الحقيقة الواضحة فإنها وحتى الآن لا تعالج الجموح الإسرائيلي المسبب لكل هذه الاشتعالات، إلا باسترضائه والطلب من الآخرين التكيف معه، مع أنها ووجهت بمواقف عربية صريحة وشديدة الوضوح، تتطابق مع المعلن من السياسة الأميركية تجاه المنطقة وتحديدا تجاه القضية الفلسطينية.

الدول العربية الست التي اجتمعت في القاهرة مؤخراً وقبلها القمم العربية والإسلامية، وضعت المبادرة العربية للسلام على الطاولة، وإذا ما أعادت أميركا قراءتها من جديد، بعد تجاهل طويل الأمد، فسوف تجد فيها الوصفة الناجعة للحالة الشرق أوسطية بكل اشتعالاتها، فما الذي تطلبه أميركا من الدول العربية والإسلامية أكثر من تطبيع كامل وشامل، مقابل تلبية الحقوق الفلسطينية المقرة دولياً وبالإجماع.

نُقل عن السيد بلينكن وقبله الرئيس بايدن تحذيرهما لإسرائيل من عزلة دولية إذا ما استمرت في حربها على غزة، وإذا ما واصلت الحرب باجتياح رفح، وهذا التحذير لا يخص إسرائيل وحدها، بل أميركا كذلك فها هي تواجه الإخفاق حيثما ذهبت وهذا يعني تزايد العزلة عن الأصدقاء والحلفاء والشعوب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل تجر أميركا إلى العزلة إسرائيل تجر أميركا إلى العزلة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon