توقيت القاهرة المحلي 07:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مبادرة السيد بوريل

  مصر اليوم -

مبادرة السيد بوريل

بقلم - نبيل عمرو

الفراغ يوفر صدىً أقوى من الصوت.

هذه قاعدة تنطبق على السياسة وبشكل خاص على مسألة التسوية. ومع أن القضية الفلسطينية هي الأطول عمراً من بين كل القضايا والأكثر إنتاجاً للحروب والانقلابات والاضطرابات، إلا أنها في مجال الحلول تقع دائماً تحت وطأة استثمارات تستخدم المشاريع والمبادرات، دون أن تقوم بما هو مطلوب لتحقيقها.

حدث ذلك منذ بداية القضية، وإلى أيامنا هذه حيث يتداول الحديث عن مبادرة أوروبية يجري الإعداد لإطلاقها بعد أن تستكمل المشاورات مع الأطراف المعنية، وقد نشرت مسودتها الأولية متضمنة إلى جانب المقدمة التمهيدية حول الدافع للتفكير فيها وإطلاقها، عشر نقاط يقترحها السيد بوريل لتحقيق تسوية شاملة فلسطينية - إسرائيلية - شرق أوسطية.

مبادرة السيد بوريل تذكّرنا بخطة خريطة الطريق التي تضمنت مراحل متعددة لإنقاذ عملية أوسلو، حين بدأت في الانهيار التدريجي وكانت الرباعية الدولية آنذاك تمثل العالم كله، وللتذكير أميركا وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

سُمح للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بتسجيل تحفظاتهم على بنودها شريطة أن يوافقا عليها أولاً. تبددت خريطة الطريق وتلاشت الرباعية الدولية وتواصل احتضار «أوسلو» تحت سمع وبصر عرّابيها الكبار.

نستذكر هذه الخطة ومصيرها ومصير الإطار الدولي الذي أنتجها لنضع خطة السيد بوريل في مكانها الصحيح، والأمر هنا لا يتعلق بالنصوص وإنما بفرص التحقق، ولكي يُعرف... هل يمكن لهذه الخطة أن تؤدي إلى تسوية، فلا بد أولاً من تحديد وزن من يقف وراءها، وإذا ما افترضنا أنه مجمع عليها من قِبل أوروبا كلها، فهذه المجموعة الدولية التي ولدت تسوية «أوسلو» في إحدى عواصمها تم طردها من العملية السياسية بتواطؤ أميركي - إسرائيلي، حين تم تقليص دورها بمجرد التمويل، وأحياناً كان يستعان بها لإقناع الفلسطينيين بقبول ما لا يُقبل. ودعونا نفترض أن السيد جوزيف بوريل لقي تشجيعاً أميركياً في المضي قدماً في إعداد المبادرة وطرحها للنقاش، فإن أمراً كهذا يسجل عليها وليس لها؛ ذلك أن التشجيع لطرح مبادرة يظهر قلة الجدية الأميركية، أو أن المبادرة مجرد جس للنبض وبالون اختبار.

الأصح والأكثر جدوى أن تطرح أميركا مبادرة باسمها وهذا ما لم يوضع على أجندتها السياسية، إلا إذا صدقنا التسريبات التي تقول إنها تعد شيئاً من هذا القبيل.

وإذا ما تجاوزنا هذه الحكاية، أي صلة الأميركيين بمبادرة السيد بوريل تنسيقاً أو تشجيعاً، فإن ما يجدر التوقف عنده ملياً... هل إسرائيل بوضعها الحالي حيث نتنياهو وتحالفه الأكثر تشدداً منه مستعدة للنظر في هذه المبادرة، أو حتى قبول النقاش حولها؟

الإجابة عن هذا السؤال قدمها نتنياهو؛ إذ أكّد رفضه وبصورة جذرية ومطلقة لقيام دولة فلسطينية، بل إنه اعتبر وجوده على رأس حكومة إسرائيل له وظيفة رئيسية، هي عدم السماح بولادة دولة فلسطينية حتى لو اتفق الكون كله بما في ذلك أميركا على قيامها.

لقد امتلأت خزائن وأرشيفات الفلسطينيين بمشاريع التسوية ورحّبت قياداتهم بنصوص ومواقف صدرت عن زعماء العالم تعد بحل معقول لقضيتهم المزمنة، وكانت عواصم القرار في عصرنا تشجع وتؤيد وتتبنى، دون أن يرى الفلسطينيون طحناً بعد كل ما قيل وما زال يقال عن أهمية حل القضية الفلسطينية للاستقرار في الشرق الأوسط وفي العالم كله.

ما يعرضه السيد بوريل باسم أوروبا ينبغي ألا يقوّم بجودة النصوص، كما يجب ألا يأخذنا بعيداً عن الأولويات الملحة التي يعجز العالم عن أداء ولو البعض اليسير منها، فمن لم يستطع وقف حرب الإبادة، التي تتواصل وتتصاعد في غزة والضفة، وتنذر بالتوسع إلى حرب إقليمية، فلن يكون منطقياً توقع أن يقدر على ما هو أكبر بكثير من ذلك.

أخيراً... لا بد من التذكير بأن العرب طرحوا مبادرتهم مبكراً، وهي من حيث الوزن والمقصد أكثر أهمية من أي مبادرة أخرى، كالأوروبية مثلاً. فهل تكون المبادرة العربية للسلام أساساً لأي محاولات جادة لإنهاء الصراع وحل قضيته الأساسية، سؤال لا يوجه للسيد بوريل وحده وإنما للعالم كله الذي يحب رؤية الشرق الأوسط هادئاً وليس بؤرة لإنتاج الحروب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبادرة السيد بوريل مبادرة السيد بوريل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 14:35 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يعلن سلبية مسحة كورونا استعدادًا لمواجهة المقاصة

GMT 01:05 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

الزمالك يقبل هدية الأهلي لتأمين الوصافة ويُطيح بحرس الحدود

GMT 15:44 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

سموحة يبحث عن مدافعين لتدعيم صفوفه في الميركاتو الصيفي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الإثنين 12 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 06:34 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حفل عقد قران هنادى مهنا وأحمد خالد صالح

GMT 15:02 2020 الأربعاء ,30 أيلول / سبتمبر

خيتافي وفالنسيا يتقاسمان صدارة الدوري الإسباني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon