توقيت القاهرة المحلي 04:48:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكومة في المزاد!

  مصر اليوم -

حكومة في المزاد

بقلم - نبيل عمرو

قدم الدكتور رامي الحمد الله استقالة حكومته، وكما هو مألوف في استقالات الحكومات الفلسطينية وتشكيلها، فقد بدأت لجنة من حركة «فتح» حواراً مع فصائل منظمة التحرير، لإقناعها بالمشاركة في الحكومة البديلة، كي تتطابق الصيغة مع العنوان، أي أن تكون فعلاً «حكومة فصائل».
ما سرب من أخبار عن المشاورات الأولية يشير إلى أن ما يجري مع الفصائل التاريخية (الجبهتين الشعبية والديمقراطية» يشبه المزاد... إذ عرضت إغراءات مالية؛ كمضاعفة المخصصات، وتحسين الوضع داخل اللجنة التنفيذية، مع حقائب وزارية كثيرة بعضها أساسي ومهم، وحتى الآن لا تزال الجبهتان التوأم ترفضان الإغراءات وتشهران موقفاً مختلفاً، فهما تريدان حكومة وحدة وطنية بما يعني اشتراك «حماس» أولاً و«الجهاد الإسلامي» إن أمكن، وأن تكون مهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، وهذا يمكن وصفه بالاشتراط التعجيزي، خصوصاً بعد وصول محادثات المصالحة إلى طريق مسدود، وتصاعد الإدانات المتبادلة والاتهامات بالتخوين بين قطبي الانقسام، مما أوصل الحالة بين الضفة وغزة إلى واقع الانفصال وليس مجرد الاختلاف والانقسام.
ومن خلال متابعتي ردود الفعل على استقالة الحكومة المسماة «حكومة الوفاق»، والاتجاه إلى تشكيل حكومة سياسية فصائلية، فإن نسبة المتحفظين على الفكرة ولا يرونها ضرورية على الأقل في هذا الوقت، أعلى بكثير من المتفهمين لها، ناهيك بأن نسبة كبيرة من الجمهور حيّدت نفسها منذ زمن طويل عن هذا الشأن السلطوي بالإهمال وإدارة الظهر لكل ما يتصل به.
وإلى جانب مقاطعة الفصائل الأساسية؛ أي تلك التي تسمى «فصائل النصاب السياسي (الديمقراطية، والشعبية)»، فهنالك خطأ تكتيكي فادح وقع فيه أصحاب فكرة استبدال الحكومة، وهو أنهم وضعوا العربة أمام الحصان؛ بمعنى أنه كان منطقياً بل وبديهياً أن تبدأ المشاورات مع الفصائل التي سيطْبع اسمها على التشكيل العتيد، قبل الإعلان عن استقالة حكومة الحمد الله في أول إجراء لتشكيل الحكومة البديلة، فإن تم التوصل إلى تفاهم واتفاق حول التشكيل الجديد، تبدأ الإجراءات لتمضي الأمور على طريق ممهد، وإن لم يتم التفاهم تؤجل الفكرة أو تلغى التسمية أو يستبدل بها تكليف حكومة الحمد الله بإجراء الانتخابات وفق قرار المحكمة الدستورية، وبالتعاون مع لجنة الانتخابات المركزية، دون إغلاق الأبواب أمام تفاهم شامل تنضم إليه حركة «حماس» والفصائل الأخرى حول نقطة واحدة هي الانتخابات، التي لا غنى عن دور مصري في التهيئة لها ورعايتها، ولا بأس بأن يجري تعاون مع جامعة الدول العربية في هذا الأمر.
كذلك، فإن تبرير الدخول إلى هذه المحاولة الصعبة وغير المضمونة يبدو غير منطقي، كقول بعض الفتحاويين إن حكومة الحمد الله فشلت في تحقيق ما كان مطلوباً منها، وإن حكومة الفصائل المقترحة؛ وعلى رأسها «فتح»، ستواجه التحديات من موقع أقوى.
حكومة الحمد الله كانت أكبر حكومة فلسطينية تم تشكيلها منذ أوسلو ولاءً لـ«فتح» وامتثالاً لقراراتها وتوجهاتها، ولم يفوّت الرئيس عباس مناسبة إلا وأفصح عن أنها حكومته، وأن رئيسها وأعضاءها لم يكونوا ليضعوا خيطاً في إبرة دون أوامره وتعليماته، ومحمود عباس إن لم يكن هو «فتح» كلها؛ فهو رئيسها وقائدها العام، لذا فإن اعتبارها فاشلة لمجرد تبرير استبدالها ليس بالمنطق الموضوعي والمقنع، بل إن له آثاراً مؤجلة وقد تكون كارثية إذا ما فشلت الحكومة البديلة في اجتراح معجزة إخراج الحالة الفلسطينية من مأزقها المركب، خصوصاً أن تحدي الانقسام ما زال ماثلاً وفرص إنهائه تبتعد، وخصوصاً أيضاً أن الإجراءات الإسرائيلية تسابق الزمن على الأرض لاستقبال صفقة القرن بوضع مواتٍ تماماً لإسرائيل ومناقضٍ تماماً للمصالح الفلسطينية، فهذا سيكون اختباراً للحكومة السياسية الفصائلية، والذي سيضع علامات النجاح أو الإخفاق فيه هو الشعب الفلسطيني الذي يراقب ويعاني.
البعض، ولا أثق بصدقية معلوماته، قال لي قبل كتابة هذه المقالة بوقت قصير، إن هنالك احتمالاً ثالثاً يجري التداول حوله في أوساط «فتح» والرئاسة، وهو التوصل إلى حل وسط يشبه الحل الذي تم التوصل إليه لمعالجة أزمة الضمان الاجتماعي ولكن بأسلوب مختلف؛ حيث يطول أمد المشاورات ويطول بقاء حكومة الحمد الله لتسيير الأمور، وقد تسفر العملية كلها عن بقاء الحمد الله أو حتى استبداله مع تطعيم الحكومة بوزراء جدد من الفصائل الصغيرة، وإذا كان هذا محتملاً أو جدياً؛ فساعتئذ سيتوقف الحديث عن حكومة فصائلية، فلن تكون كذلك لا من حيث الصيغة ولا الاسم.
وهنالك قول مشتق من التجارب السابقة يتصل بموقف «الجبهة الديمقراطية»؛ فهل هي حقاً ستمضي في رفض ما هو معروض عليها؛ أم إنها تفكر في الأمر وتسلك نهجاً لعلها تحقق به أكثر؟

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة في المزاد حكومة في المزاد



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon