توقيت القاهرة المحلي 10:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أميركا... وسحر الشرق الأوسط

  مصر اليوم -

أميركا وسحر الشرق الأوسط

بقلم:نبيل عمرو

بين وقت وآخر يصدُر عن مفكرين وكتّاب وحتى رسميين أميركيين على مستويات عدة فكرةُ ضرورة مغادرة الشرق الأوسط، أو تقليل حجم الوجود المباشر فيه خصوصاً في الأماكن المشتعلة، وفق مقاربة بين الخسائر والأرباح وبين التقدم أو التقهقر، غير أن توجهاً كهذا - وإن كان في نطاق اجتهاد فكري نظري، أو سياسي على طريقة الرئيس ترمب الذي فكر فيه بصوت مرتفع وتحدث في القضايا الاستراتيجية بطريقة الاستثمار العقاري والحسابات التجارية - لم تنجُ من طريقته سلباً أو إيجاباً الدول العظمى مثل روسيا والصين، وأوروبا وحلف شمال الأطلسي.
إن توجهاً كهذا كانت تعوقه وحتى تلغيه نظرية مجربة على مدى وقائع ومسارات الشرق الأوسط تقول... حتى لو قررت أي دولة عظمى إدارة الظهر له فستجده أمامها، وإذا ابتعدت عنه فإنه سيجرها إليه؛ ففي شرقه وبحره وخليجه، أهم مخزون طاقة هو الأكثر تأثيراً في معادلات القوة والنفوذ، وفي قلبه كتلة النار دائمة الاشتعال؛ إسرائيل وسوريا ولبنان وقضية الصراع العربي الشامل معها، وفي غربه دول على التماس المباشر مع أفريقيا وأوروبا التي بفعل الحرب المشتعلة في وسطها، تقاربت فيها المسافات، وتداخلت القضايا والمصالح على نحو لم يحدث من قبل، وهذا هو سحر الشرق الأوسط، الذي كلما تعقدت أموره زادت جاذبيته، وكلما فكر أحد في الهروب منه، وجده أمامه كضرورة يستحيل تجاوزها.
الذي دعاني لمعالجة هذه الفكرة هو الجسر الجوي الذي حمل منفذي السياسة الخارجية الأميركية ذهاباً وإياباً إلى المنطقة ومنها، حيث بدأ الأميركيون بالحليف الأقرب إسرائيل، التي استقبلت هادي عمرو في زيارة أولية للملف المغلق الفلسطيني الإسرائيلي، وبعده بقليل جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، وبعدهما الرجل الذي يعد حقائبه للحضور الوزير بلينكن، ولم يبقَ سوى الرئيس بايدن الذي إن لم يزرْ فسوف يزار، وفي كل الحالات جدول الأعمال واحد، وأهم ما فيه مما يقوله الأميركيون عنه هو الذي لم يوضع كبند مباشر وصريح، وهو الوقوف من كثب على واقع التركيبة الحكومية الإسرائيلية المحرجة للأصدقاء، التي أفرزت أول ما أفرزت عدواناً صارخاً انشغل العالم به، وأداه الوزير بن غفير، حين بدأ عهده الحكومي باقتحام الأقصى، والدعوة لهدم منازل الفلسطينيين في المنطقة «ج»، التي هي أكثر من نصف الضفة الغربية غير القدس، والتبشير بنسخة ثانية من حرب حارس الأسوار على غزة، مع فتح قضايا كانت نائمة كقضية الخان الأحمر، وإذا كان هذا الأمر يحتل المرتبة الثانية أو الثالثة في الاهتمام الأميركي، إلا أن ما يجري داخل الدولة العبرية الحليفة من متغيرات جذرية في نظامها السياسي، واضطرابات واسعة النطاق في كل مكان من إسرائيل، أنتج قلقاً أميركياً يستدعي اهتماماً خاصاً على كل المستويات، ما دعا الإدارة الأميركية إلى التدخل المباشر فيه جنباً إلى جنب مع الملف الإيراني، وهو البند الثابت على جدول الأعمال الأميركي الإسرائيلي، مهما تبدلت الإدارات والحكومات.
الأداء الأميركي في الشرق الأوسط، يمتاز بنمطية بلغت مستوى الثابت الذي لا يتغير، أساسه التكيف مع السياسة الإسرائيلية في مجال النزاع العربي الإسرائيلي الذي أساسه القضية الفلسطينية وضبط الاندفاع الإسرائيلي في الملف النووي الإيراني، وهذه الطريقة في أداء السياسة لا توصل إلى حلول، ولا توقف التدهور، فضلاً عن أنها تؤدي إلى انخفاض مطرد في النفوذ يشكو منه الحلفاء والأصدقاء على حد سواء.
صناع السياسة في منطقتنا جعلونا ننظر لكيفية تصرف الأصدقاء التقليديين لأميركا، فيسجل لهم أنهم وسَّعوا دائرة حركتهم، وفق رؤيتهم الخاصة المدروسة والمحسوبة لمصالحهم، وعرفوا أين يضعون أقدامهم على الطريق المكتظ بالمتغيرات، وكيف يديرون سياساتهم من داخل شبكة المستجدات في العلاقات والتحالفات، وإذا كانت أميركا قد تعودت على أن يتكيف الآخرون معها، فقد آن الأوان لأن تتكيَّفَ هي مع سياساتهم المنطلقة من مصالحهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا وسحر الشرق الأوسط أميركا وسحر الشرق الأوسط



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لجعل المطبخ عمليًّا وأنيقًا دون إنفاق الكثير من المال

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 19:37 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر تُخطط لسداد جزء من مستحقات الطاقة المتجددة بالدولار

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 09:19 2021 الأربعاء ,17 آذار/ مارس

تأجيل انتخابات «الصحفيين» إلى 2 أبريل المقبل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon