توقيت القاهرة المحلي 12:57:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عرفات... البيت الأبيض عباس... الكرملين

  مصر اليوم -

عرفات البيت الأبيض عباس الكرملين

بقلم - نبيل عمرو

حين بدأ انهيار عملية السلام في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، ورافق ذلك قطيعة بين الرئيس المحاصر في المقاطعة والإدارة الأميركية، تذكر عرفات أنه أكثر زعيم زار البيت الأبيض والتقى برئيسه، وإذا ما حسب الأمر بالساعات فإن لقاءاته مع رجال الإدارة من أصغر المبعوثين إلى أعلى المستويات كانت الأكثر والأطول.

بعد كل هذا خرج عرفات بخلاصة بدت كوصية مفادها «لا أمل في أميركا».

أمّا خليفته محمود عباس، الذي تساوى معه وربما زاد عليه في اللقاءات مع الأميركيين، فقد خرج بعد آلاف الساعات بذات الخلاصة التي سبقه إليها عرفات، وزاد عليه أنه بادر بقطع العلاقات نهائياً مع الإدارة الأميركية، تاركاً للتاريخ أن يحكم ما إذا كان قرار القطيعة صائباً أم غير ذلك.

غير أن عباس عوّض القطيعة مع البيت الأبيض بتنشيط الحركة على خط موسكو، إذ يوشك على أن يحقق الرقم القياسي في زيارة الكرملين وعدد الساعات التي أنفقها في الحوار مع الروس، منذ أن كان رئيساً لجمعية الصداقة معهم قبل ثلاثة عقود، إلى أن أصبح رئيساً للفلسطينيين. ولقاؤه بالرئيس بوتين على هامش أنجح مونديال رياضي، يتماثل مع المونديال السياسي الذي نظمه بوتين ويوشك من خلاله على إعادة القطبية الثنائية في قيادة عالم القرن الحادي والعشرين.

لقد دخل عباس موضوعياً، مع الاختلاف في الأهداف، في سباق مع بنيامين نتنياهو على الحظوة بعلاقة مع الكرملين.

نتنياهو يحصر العلاقة في ترتيب مزايا لإسرائيل على الجبهة الشمالية، مع تحريض مواظب ضد إيران، وعباس يسعى للاتكاء على جدار الكرملين لتفادي فراغ فقدان البيت الأبيض.

أما بوتين فقد وجد الطريقة الملائمة لإرضاء كل طرف على حدة؛ فقد أعطى عباس اعترافاً صريحاً بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، مع تأكيد الاعتراف الروسي الثمين بالدولة الفلسطينية على جميع الأراضي التي احتلت في العام 1967، وجسد ذلك على الأرض بمنح الفلسطينيين سفارة ذات مواصفات وصلاحيات كاملة.

وبالمقابل أعطى نتنياهو ميزة استراتيجية ثمينة بهدوء راسخ وعميق على الجبهة الشمالية، ما شجع إسرائيل على الترحيب بعودة قوات الأسد إلى مواقعها على الجبهة، مع تحجيم الدور الإيراني في سوريا تمهيداً لإقصائه نهائياً، وفق المسعى المشترك بين الأميركيين والإسرائيليين.

غير أن عقدة ما زالت تواجه رهانات الفلسطينيين على موسكو، تتجسد في الاتفاق الأميركي الإسرائيلي باستبعاد روسيا عن مجرد الحديث بشأن المسار الفلسطيني الإسرائيلي، ولقد تجلى ذلك في إسقاطه من جدول أعمال هلسنكي الأخير، وقبل ذلك بإحباط لقاء اقترحه الرئيس بوتين بين عباس ونتنياهو في موسكو، بحيث ألغي اللقاء قبل الموعد المقرر بساعات.

هذه العقدة يبدو أن لا حل لها على المدى القريب، فالإسرائيليون يعتبرون احتكارهم المنفرد للمسار الفلسطيني ثابتاً لا يتغير، ويسحبون الأمر بقدر ما على حلفائهم الأميركيين، فقد يفكون عقدة المشاركة الروسية إذا ما ضمنوا دعماً روسياً صريحاً ومباشراً لأجندتهم تجاه الفلسطينيين، مثل الدعم الروسي لأجندتهم على الجبهة الشمالية، وهذا أمر لن يفعله الروس بل إنهم ليسوا مضطرين إليه.

في الاستعصاء القائم الآن والذي زاده تعقيداً صفقة القرن والإجراءات الأميركية التي سبقتها، وأهمها ما يتعلق بالقدس، فإن مخاوف الفلسطينيين من استبعاد التأثير الروسي على مسارهم مع إسرائيل لا تزال قائمة، مع إدراك من جانبهم بأن الوقت لا يعمل في صالحهم خصوصاً أن إدارة ترمب أطلقت يد إسرائيل فيهم، وقد تطلقها بصورة أفدح إذا ما طرحت صفقة القرن رسمياً ورفضها الفلسطينيون.

إلا أن الفلسطيني لا يملك إلا أن يواصل رهانه على موسكو، يحدوه أمل بأن تفضي الحرب العالمية الجارية على الأرض السورية إلى تفاهم قطبيها الكبيرين، ليس على مستقبل سوريا وامتدادها اللبناني، وإنما على مستقبل المنطقة فيما يسمى بتقاسم النفوذ وترسيم الخرائط الجديدة مثلما حدث غداة الحرب العالمية الثانية.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عرفات البيت الأبيض عباس الكرملين عرفات البيت الأبيض عباس الكرملين



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:43 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تزداد أناقة بإطلالات فخمة وراقية

GMT 21:09 2021 الجمعة ,23 إبريل / نيسان

"وحيد القرن" أصغر ثقب أسود قريب من الأرض

GMT 19:35 2021 الثلاثاء ,23 آذار/ مارس

بورصة بيروت تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 05:47 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

تعرف على رسالة ياسر فرج الأخيرة لزوجته قبل وفاتها

GMT 15:13 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أتلتيكو مدريد يصنع التاريخ بالأرقام في الدوري الإسباني

GMT 21:10 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونخ أفضل فريق في 2020 ضمن جوائز "غلوب سوكر"

GMT 13:03 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

طبيب يكشف عن والد طفل عروس بنها في حال حملها

GMT 03:22 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ريم سامي تتألق في مهرجان الجونة السينمائي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon