توقيت القاهرة المحلي 03:39:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التنسيق الأمني... شعرة معاوية وشعرة عباس

  مصر اليوم -

التنسيق الأمني شعرة معاوية وشعرة عباس

بقلم:نبيل عمرو

«لو كان بيني وبين الناس شعرة لما انقطعت، إن شدوها أرخيتها وإن أرخوها شددتها».
هذا القول الذي صار قاعدة سياسية ودبلوماسية يُعمل بها حتى أيامنا هذه، منسوب إلى معاوية بن أبي سفيان مؤسس أول إمبراطورية عربية إسلامية.
في أقل من شهر تواجدت الإدارة الأميركية من أدنى مستوى إلى أعلاه في إسرائيل، البعض جاء في زيارة مقررة من قبل، والبعض الآخر استدعته التطورات الدراماتيكية داخل إسرائيل، بعد تنصيب حكومة نتنياهو وما أنتجته من تداعيات مقلقة، غير أن الزيارات جميعا تزامنت مع الاشتعال الأكبر على الخط الفلسطيني الإسرائيلي والذي صار أقرب إلى حرب منه إلى إشكال من جملة إشكالات سابقة أقل دموية تعودت عليها الساحة في القدس والضفة الغربية خصوصاً.
الأميركيون، المعنيون بالتطورات في إسرائيل كعنايتهم بشأن داخلي عندهم، يزورون رام الله كلما زاروا إسرائيل، وذلك لتفقد أجهزة التنفس الاصطناعي التي تؤمّن الحياة السياسية للسلطة الفلسطينية وللاطمئنان على منسوب الأوكسجين المتوفر فيها ذلك أن أول وأهم ما يقلق الأميركيين هو احتمال انهيارها، واللافت في هذا الاحتشاد الأميركي غير المسبوق في كل الأزمات المتلاحقة وما أكثرها، هو ذلك الجزء الذي أداه وبأقل قدر من الإعلام السيد وليام بيرنز رئيس وكالة الاستخبارات الأميركية CIA واجتماعه مع مسؤولي أجهزة الأمن الفلسطينية بعد أن أُعلن عن أن التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل لم يعد يعمل، ومع أن هذا الإعلان تكرر أكثر من مرة أو جرى التهديد بوقفه بعد كل موقعة، وكانت إسرائيل تتولى الإعلان عن أنه لا يزال يعمل إلا أن الأميركيين كانوا – وفي كل مرة – يطلبون من السلطة وأحيانا بلغة الإنذار، ألا تقترب من هذه المسألة بالذات، وكانوا يغطون عودة السلطة عن إعلانها ببعض اللفتات التعويضية كالحديث عن حل الدولتين، والعمل على افتتاح القنصلية في القدس، وتقديم منح مالية، كان آخرها ضخ خمسين مليون دولار في ميزانية وكالة الغوث.
الأميركيون الذين يعملون على إدخال جمل من ثقب إبرة، يدركون أكثر من غيرهم أن التنسيق الأمني المنعزل عن سياقه السياسي هو العامل الأشد تأثيرا سلبيا على مكانة السلطة وصدقيتها السياسية والقيادية أمام شعبها وإذا كان الأميركيون وغيرهم يعملون على منع انهيار السلطة ولو بدعامات الحد الأدنى، إلا أن جهدهم يصدق عليه القول «لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى» فلا تقدم في المجال السياسي يغطي السلطة ولا توقف للنزف الذي تعاني منه وأبرز مظاهره ما تعايرها إسرائيل به وهو فقدان السيطرة على معظم مناطق الضفة حيث البؤر النشطة دائمة الاشتعال.
«التنسيق الأمني» هو في الواقع الشريان المتبقي من الدورة الدموية الكاملة والمعطلة، وهو ليس مجرد جزئية أمنية تقتصر على صلة ضباط بنظرائهم، فهو بالنسبة لإسرائيل عامل ضغط على القيادة الفلسطينية، تربط به التنسيق الشامل في مجالات عديدة أتت بها اتفاقات أوسلو. من الحركة على الجسور التي هي النافذة الوحيدة التي تربط الفلسطينيين بالعالم، إلى حركة المال الذي تتحكم إسرائيل بجبايته وتحويله إلى العمال الذين يشكلون أهم المداخيل الفلسطينية المالية، وأمور أخرى لا تتوقف إسرائيل عن استخدامها للضغط. ذلك إلى جانب الكابوس التقليدي الدائم «الاحتلال العسكري والاستيطاني» غير أن استمرار التنسيق الأمني المعزول تماما عن وجود عملية سياسية فعالة وإن كان عملا اضطراريا بالنسبة للرئيس عباس مالك القرار السياسي، إلا أنه ومهما بلغ التمسك الإسرائيلي والأميركي وحتى الإقليمي والدولي به يظل عبئا ثقيلا على السلطة ومفاعلا نشطا لإضعافها، حد فقدان السيطرة على معظم المناطق المفترض أنها تحت ولايتها الأمنية والإدارية، وإذا كان التنسيق الأمني هو الشعرة التي تربط الحالة الفلسطينية بخصمها الإسرائيلي اضطراريا، فلا مستقبل له بفعل تجاذبات القوة التي تؤدي إلى الفقدان المتدرج للسيطرة، وفي زمننا وحالتنا فلا عباس يملك ترف القوة الذي ملكه معاوية ولا الحالة الفلسطينية في وارد تأسيس إمبراطورية !!
إذاً فإن ما يفعله الأميركيون وما يفعله الإسرائيليون ويعدون بالمزيد منه لن يؤدي حتى على المدى القريب والمتوسط إلا إلى رفع منسوب الاشتعال على نحو لن تنفع معه إدارة الأزمات لنجد أنفسنا أمام حالة لا شعرة فيها ولا أيادٍ تمسك بها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنسيق الأمني شعرة معاوية وشعرة عباس التنسيق الأمني شعرة معاوية وشعرة عباس



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon