توقيت القاهرة المحلي 10:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

منظمة التحرير... مرحلة الانقسامات الزاحفة

  مصر اليوم -

منظمة التحرير مرحلة الانقسامات الزاحفة

بقلم: نبيل عمرو

الدور التاريخي لمنظمة التحرير الفلسطينية، لعبته بكفاءة حين تكرست كإطار تمثيلي وقيادي جامع لكل القوى الوطنية. تعامل معه العالم بجدية، ما راكم إنجازات سياسية ومعنوية للشعب الفلسطيني وقضيته، بعد أن أوشكت في زمن ما قبل الثورة على التلاشي.
لستُ في هذه المقالة أعرض مزايا منظمة التحرير كلها، وما حققت وما لم تحقق؛ لأن الواقع الفلسطيني بصورته الراهنة يتطلب التركيز على إنجاز نوعي واحد لم يعد قائماً الآن، وهو أن المنظمة نجحت في احتواء أو إنهاء كل الانشقاقات التي وقعت في الساحة الفلسطينية؛ سواء بين فصائلها المتعددة أو بين الفصيل الواحد.
كانت الانشقاقات - مهما اتسعت وتعمقت وحين كانت تصل في بعض الحالات إلى حافة الحرب الأهلية ولو في ساحات «البنادق» - تجد إطاراً يمتلك كل المقومات الفعالة لاستعادة الوحدة، هو المجلس الوطني «البرلمان الأعلى»، والوعاء الصحي والصحيح لجمع شمل المختلفين، والخروج من مآزق الانقسامات والانشقاقات بأقل الضرر. حدث ذلك في مجلس عمَّان الذي أنقذ المنظمة من التلاشي، وحدث كذلك في مجلس الجزائر الذي أنقذ الصيغة الجبهوية من التفكك، وأعاد الفلسطينيين إلى علاقاتهم الطبيعية بين موالٍ ومعارض، ولكن داخل الإطار الواحد، ووفق برنامج سياسي ملزم. حتى حين أقدمت المنظمة على ما كان يعتبر كبيرة الكبائر، أي الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، لم تنقسم المنظمة ولم تتشقق، ولكن تمكنت من تثبيت ثنائية التعايش بين الموالاة والمعارضة في البيت الواحد، مع احتفاظ كل فصيل، وحتى كل عضو، بالتمسك بموقفه والترويج له.
هذا الوضع الذي كانته منظمة التحرير وهي في المنفى، لم يعد قائماً في الوطن.
في زمن المنفى كانت المنظمة إطاراً جامعاً، واحتياطياً استراتيجياً للوحدة الوطنية، مهما بلغ الاختلاف حول الخيارات، إلا أن التحول المأساوي حدث في مرحلة الوطن، ولقد تجسد في أن ما كان مدخراً من أجل الوحدة واحتواء وتصفية الانشقاقات، أضحى هو ذاته حاضنة لانقسامات إضافية، انزلق إليها الوضع الفلسطيني برمته.
لم تعد الحكاية مجرد انقسام بين «فتح» في الضفة و«حماس» في غزة، كما تعودنا على وصف الحالة على مدى 15 عاماً؛ بل تطور الأمر إلى أن يصل الانقسام الزاحف إلى كل إطار فلسطيني يفترض أن يكون واحداً. فقد تأجلت أو ألغيت الانتخابات العامة بفعل الانقسام. وتوزع القوم بين قابل ورافض ومتحفظ ومقاطع، للمرحلة الأولى من الانتخابات المحلية. والمأساوي في الأمر أن الطبقة السياسية التي لم تبرع إلا في إدارة تشبثها بوضعها، لم تنجح؛ بل لم تكترث أصلاً، بزحف وباء الانقسام على بيتها المتبقي، منظمة التحرير؛ بل اتخذ كل طرف منهم مكانه حسب حصته داخل ما تبقى منها أو خارجها. والمشهد الأخير الذي أداه المجلس المركزي الذي انعقد في رام الله قبل أيام قليلة، كرَّس حكاية الانقسام الزاحف الذي لم يقف عند حد، ولم توجد بعد الآليات التي توقف زحفه، بدون الطمع في استعادة الوحدة كما كانت.
مشهد آخر:
في اليوم الذي كان فيه الرئيس محمود عباس يمنح عدداً من قادة المنظمة «الآفلين» أوسمة رفيعة التصنيف، بدت كما لو أنها مكافآت نهاية خدمة، اقتحمت إسرائيل المشهد الاحتفالي بأن أعدمت 3 شبان في قلب مدينة نابلس، وفي وضح النهار. كانوا - رحمهم الله - من أهل البيت ضمن تشكيل «كتائب شهداء الأقصى» الفتحاوي. إسرائيل التي قامت قواتها بالقتل تدرك أنها لم تقم بمجرد عقوبة كما تقول؛ بل فتحت الأبواب على مصاريعها لتطورات قادمة ربما تكون أشد فداحة من كل ما سبقها.
أرادت إسرائيل أن تقول بلغة الرصاص والدم، إن الحكاية في أصلها هنا، وهكذا، وليست في أي مكان آخر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منظمة التحرير مرحلة الانقسامات الزاحفة منظمة التحرير مرحلة الانقسامات الزاحفة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لجعل المطبخ عمليًّا وأنيقًا دون إنفاق الكثير من المال

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 19:37 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر تُخطط لسداد جزء من مستحقات الطاقة المتجددة بالدولار

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 09:19 2021 الأربعاء ,17 آذار/ مارس

تأجيل انتخابات «الصحفيين» إلى 2 أبريل المقبل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon