توقيت القاهرة المحلي 08:20:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حدود التوقعات في لقاء عباس ـ غانتس

  مصر اليوم -

حدود التوقعات في لقاء عباس ـ غانتس

بقلم: نبيل عمرو

وُصف اللقاء الذي تم بين الرئيس الفلسطيني ووزير الأمن الإسرائيلي، بـ«التاريخي»، فهو أول لقاء يجري داخل إسرائيل منذ إحدى عشرة سنة، مع أن لقاءات الإسرائيليين مع عباس طيلة هذه السنوات لم تنقطع، ولكن في رام الله.
فوجئ كثيرون باللقاء؛ خصوصاً أولئك الذين بالغوا في تقدير جدية اللغة المتشددة التي دأب عباس على استخدامها، منذ خطابه الناري الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي وجَّه فيه إنذاراً لإسرائيل، هددها فيه بقرارات حاسمة غير مسبوقة، كالتنصل النهائي من اتفاقات أوسلو، والذهاب إلى حل الدولة الواحدة، أو العودة إلى قرار التقسيم، ذلك إذا لم تُنهِ إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية خلال سنة.
لم أُفاجأ بلقاء غانتس الأخير، إلا أنني فوجئت باللغة النارية التي دأب عباس على استخدامها، لمعرفتي بالرجل، ورسوخ قدميه في مسألة السلام مع إسرائيل. ولقد كان منسجماً مع نفسه وفكره وسياساته حين قال إن بديل المفاوضات المتعثرة هو مزيد من المفاوضات. وحتى حين اضطر إلى استخدام لغة التهديد في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإنه لم يغادر منطقة البحث عن فرص لإحياء عملية السلام، مستخدماً كل الأدوات والأدبيات التي تنتسب إلى حقبة المفاوضات، مثل المؤتمر الدولي على غرار أنابوليس، وإحياء «الرباعية الدولية» صاحبة خطة خريطة الطريق، ومناشدة إدارة بايدن لبذل جهد لاستئناف المفاوضات التي لم يتوقف عباس عن اعتبارها الخيار الأساسي له ولسلطته، ولمنظمة التحرير التي يقودها من دون معارضة تُذكَر من داخلها.
غير أن ثبات عباس على خطه الأصلي، وإن كان ملائماً للإدارة الأميركية ولمعظم أعضاء الحكومة الإسرائيلية، حكومة نفتالي بينت، فإنه يبدو في زمن انهيار عملية السلام أشبه بمن يحاول فتح ثغرة في الجدار الأصم بإبرة، أو أنه يستخدم عملة تم استبدال عملة أخرى بها؛ ذلك أن مشروع السلام التفاوضي مع إسرائيل فقد جميع داعميه الذين تحولوا إلى مشروع آخر، هو اعتماد المسار الاقتصادي، وحجر الزاوية في هذا التحول كان فيما مضى: ترمب - نتنياهو، والآن: بايدن - بينت، مع بعض التحسينات التجميلية التي تتولى الإدارة الأميركية إسباغها على المعادلة الجديدة.
لقاء عباس - غانتس في بيت الأخير، والتفسير الإسرائيلي الرسمي له، لا يشجعان على توقع تقدم، ولو كان طفيفاً، على المسار السياسي؛ ذلك أن غانتس لا يحمل من حكومته أكثر من تفويض محدود في مجال تسهيلات تُقدَّم للسلطة، ولقد عبَّر عن ذلك حين قال إن المحادثات تناولت شكر السلطة على جهودها في مجال التنسيق الأمني، وإنه تعهد بمواصلة العمل على إعادة بناء الثقة بين الجانبين. أما الحديث عن الأفق السياسي فكان من الجانب الفلسطيني.
لا يُبنى الكثير، ولا حتى القليل، على اللقاء الذي وُصف بالتاريخي، ذلك أن التحول باتجاه التمهيد لإحياء المفاوضات لن يبدأ إلا حال توفر ثلاث إرادات حاسمة في هذا الأمر؛ أولها بالطبع الإرادة الإسرائيلية التي تبدو مستحيلة، والإرادة الأميركية التي تقيم وزناً أساسياً للإرادة الإسرائيلية، والواقع الشرق أوسطي الذي يتأثر به الوضع الفلسطيني المنقسم، والذي لم يعد يهتم بالسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين كأولوية. وإذا كان الشروع في المفاوضات السياسية أمراً مستحيلاً في غياب الإرادات المؤثرة، فلم يبقَ على الطاولة سوى الحل الاقتصادي، أو الإسعافي الذي يتولى غانتس بوصفه حامل الملف الأمني العمل عليه.
الرئيس عباس سيظل يواصل الحديث عن أهمية السلام والمفاوضات واحترام القانون الدولي، كأدبيات لا مجال للتراجع عنها، إلا أنه في الوقت ذاته لا يستطيع إغلاق الأبواب أمام الحل الاقتصادي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حدود التوقعات في لقاء عباس ـ غانتس حدود التوقعات في لقاء عباس ـ غانتس



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon