توقيت القاهرة المحلي 10:49:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفلسطينيون والأميركيون... حكاية حب

  مصر اليوم -

الفلسطينيون والأميركيون حكاية حب

بقلم: نبيل عمرو

في زمن الجفاء الأميركي للفلسطينيين، لم يترك زعيمهم التاريخي ياسر عرفات وسيلة إلا واستخدمها للحصول على علاقة بأي مستوى مع الإدارات الأميركية التي تَعَاقب رؤساؤها على البيت الأبيض، طيلة استقرار عرفات طويل الأمد على القمة الفلسطينية.
وبعد أن استوفى الفلسطينيون شروط الأميركيين التي وضعها هنري كيسنجر للاعتراف بهم، فقد تم لهم ذلك.
لم يكن مهماً للفلسطينيين مستوى اللقاء المباشر عالياً أو منخفضاً لأن الفكرة بحد ذاتها كانت تستحق الاحتفاء.
بفعل عملية مغامرة قام بها فصيل فلسطيني في عرض البحر، توقفت مسيرة العلاقة الجديدة أو بتعبير أدق عُلّق استئنافها على شرط طرد القائد الذي قام بالعملية من عضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة.
لم يستطع عرفات الوفاء بهذا الشرط وبدت العلاقة مع الإدارة كما لو أنها لم تكن.
حين فتح ملف السلام بمؤتمر مدريد نظم الأميركيون علاقتهم بالفلسطينيين على مستويين؛ الرسمي المباشر كان مع فريق غير منتسب لإطارات منظمة التحرير الرسمية وسمي آنذاك الوفد، مع إقرار أميركي موضوعي بسلطة ياسر عرفات ومنظمة التحرير عليه، والسماح للوفد الذي قاده المغفور له بإذن الله حيدر عبد الشافي بالامتثال لقرارات المنظمة والإعلان عن التزامهم بها.
كانت العلاقة زمن مدريد مدعاة للشكوك من جانب عرفات، وسُمع تلميح وتصريح بأن الوفد المعترف به أميركياً يمكن أن يتحول إلى قيادة بديلة، وتحت هذا الاحتمال ذهب عرفات إلى أوسلو كطرف مباشر ووحيد في المفاوضات مع الخصم، بعد أن كان في مدريد الطرف الجالس خلف الستار.
كان الاتحاد السوفياتي الحليف المفترض للفلسطينيين يواصل احتضاره المتسارع، وابتعاده عن مكانة القطب الكوني المقابل للقطب الأميركي، إلا أنه اكتفى من الغنيمة بالحضور كمحلل في مؤتمر مدريد. وكمشجع للفلسطينيين على استغلال كل الفرص المتاحة لبدء علاقة مباشرة مع الأميركيين بعد أن كانوا لفترة طويلة يمارسون تحريضاً وتحذيراً بعدم ذهابهم إلى المعسكر الإمبريالي!
نقلت المحادثات من مدريد إلى واشنطن بمعنى الاستيلاء عليها وضبط إيقاعاتها بصورة مباشرة من دون أن يطرأ تغير يذكر على العلاقة الأميركية بمنظمة التحرير ورئيسها ورجالاتها الرسميين.
كان الفلسطينيون بقيادة عرفات - عباس يحفرون نفقاً تحت أرضي بالاتفاق مع رابين – بيريس أفضى إلى ما يسمى حتى الآن نفق أوسلو، ومثلما برع الأميركيون في الاستيلاء على كل شيء، فقد استولوا على مخرجات أوسلو رغم عدم مشاركتهم فيها، وصاروا بفعل هذا الاستيلاء عرابي اللعبة ومتعهدي نجاحها بإنجاز سلام تاريخي كان طيلة ثلاثة أرباع القرن يبدو مستحيلاً.
انفتح البيت الأبيض أمام عرفات وحقق الرقم القياسي في زياراته وعقد الاجتماعات فيه وانفتحت كل أبواب المؤسسات الأميركية أمام «إرهابيي الأمس» ونعم الفلسطينيون بعد حرمانهم الطويل بمزايا الاعتراف الأميركي بهم والتعامل الرسمي المباشر معهم، ونظراً لوعيهم القديم الذي راكمته أدبيات العداء للإمبريالية فقد تحولت الأمور إلى عكسها تماماً، إذ صارت أميركا هي العراب المقتدر لقيام الدولة المنشودة.
لم يتنبه الفلسطينيون بقدر كافٍ لحجم التأثير الإسرائيلي على السياسة الأميركية وخصوصاً في حيزها الفلسطيني، إذ تحول المعارضون الجذريون لمجرد التفاوض مع الفلسطينيين إلى أصحاب القرار الإسرائيلي، وبضربة قاضية قد يكون إعدام رابين هو صافرة البداية... وقع الانقلاب، وكان جذرياً ليس فقط على صعيد العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية بل وعلى صعيد العلاقات مع أميركا، ومثلما نمت وتطورت زمن ما قبل أوسلو بالتدرج البطيء، فقد نمت وتطورت ولكن عكسياً بذات الوتيرة، إلى أن استقرت في نصف الولاية الأولى للرئيس جو بايدن على ما هي عليه الآن، وهي أفضل بكثير مما كادت تستقر عليه في عهد سلفه دونالد ترمب صاحب صفقة القرن.
أعلن أن الرئيس بايدن سيقوم بزيارة لإسرائيل وسيعرج على رام الله وسيجتمع مع أبو مازن ومساعديه، وهذا تطور سعدت به الطبقة السياسية الفلسطينية، أما إسرائيل فقد وضعت مسبقاً جدول أعمالها في هذا اللقاء وهو الملف النووي الإيراني، وإذا كان لا بد من الحديث عن الملف الفلسطيني فباتجاه الحل الاقتصادي بحدوده الدنيا لا أكثر بل أقل.
أما الفلسطينيون فقد أعدوا شكواهم من الشراسة الإسرائيلية والوهن الأميركي في مساعدتهم، غير أنهم لا يخفون امتنانهم لمجرد الزيارة بعد أن جسدت في زمن اليباب... صعوداً جديداً إلى الهرم الأميركي من سفحه أي اتصالات هادي عمرو الهاتفية، إلى قمته أي الاجتماع المباشر بين الرئيس الأميركي ومن يصفه الفلسطينيون عادة بنظيره وأين في المقاطعة.
هل يحمل بايدن للفلسطينيين هدايا تستحق الإصغاء والرهان، هل سيطمئنهم إلى أنه سيفتتح القنصلية في القدس أو ربما يكون قد قرر افتتاحها، وهل سيقدم دعماً مالياً كعيدية في موسم الأعياد؟ لا أحد يعرف على وجه الدقة ماذا سيقدم للفلسطينيين سوى إعادة الحديث للمرة الألف عن حل الدولتين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون والأميركيون حكاية حب الفلسطينيون والأميركيون حكاية حب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لجعل المطبخ عمليًّا وأنيقًا دون إنفاق الكثير من المال

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 19:37 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

مصر تُخطط لسداد جزء من مستحقات الطاقة المتجددة بالدولار

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 09:19 2021 الأربعاء ,17 آذار/ مارس

تأجيل انتخابات «الصحفيين» إلى 2 أبريل المقبل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon