توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجهود الأميركية والتهدئة المستحيلة

  مصر اليوم -

الجهود الأميركية والتهدئة المستحيلة

بقلم:نبيل عمرو

الإدارة الأميركية، راغبة فعلاً في التهدئة على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية المشتعلة، والتي يتوقع، أو هكذا يقال، لها مزيد من الاشتعال في شهر رمضان، الذي يُقدم في الإعلام الأميركي والإسرائيلي على أنه شهر جهادي تتضاعف فيه دوافع القتال، خصوصاً في القدس.
الإدارة الأميركية كذلك تكثف جهودها سعياً منها لأن يمر الشهر «الخطر» بهدوء، أو بأقل قدر من التصعيد.
الجهد الأميركي الذي أتى بأقطاب الإدارة إلى القدس ورام الله، وأنجز تفاهمات على التهدئة، جرت الإطاحة بها قبل أن ترى النور، يتواصل على كل المستويات دون يقين بالنجاح، وذلك لسببين أساسيين... الأول... عزل الجانب الأمني عن السياسي، وهذا وفق التجربة يبدو كمسكن موضعي للألم، ما يلبث أن يزول مفعوله ليدخل التصعيد حالة أشد وأكثر اتساعاً.
الثاني... الذهاب إلى العناوين الخطأ؛ أي الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، فلا الأول، حتى لو رغب رئيسها لأسباب خاصة به بتهدئة ولو مؤقتة، فإن التركيبة بإجمالها لا تريد ذلك، وللمتطرفين فيها سطوة يخشاها نتنياهو، إذ بيدهم نسف حكومته، وإرجاعه ثانية إلى المعارضة بما ينسف أجندته، وربما مستقبله السياسي.
ولا الثانية؛ أي السلطة، تمتلك النفوذ، ولا حتى الحد الأدنى من القدرة على فرض تهدئة مؤقتة أو دائمة، ليس فقط على منطقة الاشتعال الأولى نابلس وجنين، وإنما على كل منطقة واقعة تحت سلطتها في عموم الضفة، إضافة إلى انعدام نفوذها بصورة مطلقة على غزة، التي يؤدي حكم الأمر الواقع فيها سياسة مستقلة في التهدئة والتصعيد وفق أجنداته الخاصة.
وحين يكون المضمون خاطئاً والعناوين خاطئة كذلك، فمن غير المنطقي توقع نجاحات جدية مفيدة أو طويلة الأمد للتهدئة.
الإدارة الأميركية التي تمتلك مخزون معلومات هو الأهم على مستوى العالم لا بد أنها تدرك ذلك، وتدرك أن طرفين يجسدان القوة الأكثر فاعلية على الأرض، وبيدهما صاعق التفجير، وهما من تسميهم إسرائيل «بالذئاب المنفلتة»، الخارجة تماماً عن المرجعيات التقليدية التي كان يجري الحديث معها في زمن مضى، وهي السلطة أيام عرفات، والفصائل أيام تصدرها مشهد الانتفاضة المسلحة، وهذه «الذئاب»، تجسد معضلة لكل من يعمل من أجل التهدئة، فجسمها الرئيسي إذا كان في شمال فلسطين فمحاكاة فعلها يأتي من كل مكان؛ إذ يكفي أن يجد طفل فلسطيني مسدساً حتى يطلق النار ليعيد الأمور إلى الاشتعال من جديد... وهكذا.
ويا ليت عقم المعالجة تتوقف أسبابه عند خطأ العناوين، وغياب الأفق السياسي، بل هنالك خطأ فادح في فرضيات التصعيد التي يبني عليها راغبو التهدئة تحليلاتهم وحتى جهودهم، فهم يعتمدون فكرة المناسبات، وكأن أطول وأشرس احتلال عرفته البشرية يعمل على روزنامة المناسبات، وكأن أطول وأعند مقاومة له تعمل على الروزنامة نفسها، وهنا يدخل رمضان إلى المشهد، كأن فعل المقاومة لا يتم إلا في هذه الثلاثين يوماً من السنة، وهذا ما يخالفه الواقع تماماً، فما دام الاحتلال قائماً والقمع متواصلاً والذئاب المنفلتة تتوالد فالمقاومة مستمرة، وحتى تزامن أي عمل من أعمالها مع مناسبة ما، لا يعني أنه لا أعمال من دون مناسبات.
الخوف الأميركي من رمضان هو امتداد للخوف الدائم من الاشتعال، الذي لا تريده أميركا، غير أن الخوف الذي لا يكف الإسرائيليون عن ترويجه ينبغي أن ينظر إليه على أنه ينطوي على ترتيب مسبق لتصعيد تقوم به إسرائيل، خصوصاً في شهر رمضان، وإحدى الإشارات الصريحة الدالة على هذا اعتزام وزير الأمن القومي بن غفير مواصلة صب الزيت على النار، حين أعلن عن أنه سيقوم بنسف البيوت في القدس، حتى في شهر رمضان، ما يستدعي رد فعل فلسطينياً بديهياً ومحقاً، وما يستدعي بالمقابل إجراءات إسرائيلية شديدة القسوة، وحتى لو تدخل الكون كله لمنع نسف البيوت الفلسطينية، فقد تستجيب الحكومة الإسرائيلية ليس بإلغاء النسف وإنما بتأجيله، ما يجعل التحفز الفلسطيني قائماً، فالتأجيل يعني التنفيذ الأكيد، ولكن في ظرف أكثر ملاءمة للحكومة الإسرائيلية.
المتدخلون من أجل التهدئة، ومنهم المخلصون من الأشقاء، يواصلون السعي لربط التهدئة بالأفق السياسي الجدي، أما الأميركيون فيعرفون أكثر من غيرهم أن غياب الأفق السياسي يعني غياب التهدئة، وبقي أن نقول لهم اطرقوا الباب الصحيح، فالمسكنات لا تلغي الألم، والباب الصحيح هو الوحيد أي السياسي الذي تتجنبونه.
ملاحظة: ما إن فرغت من كتابة هذه المقالة حتى وردت أنباء عن مقتلة جديدة وقعت في نابلس ومخيم جنين، ونحن لم نصل بعد إلى شهر رمضان!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجهود الأميركية والتهدئة المستحيلة الجهود الأميركية والتهدئة المستحيلة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon