توقيت القاهرة المحلي 19:49:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مأزق الوساطة والوسطاء

  مصر اليوم -

مأزق الوساطة والوسطاء

بقلم: نبيل عمرو

هو سيناريو متكرّر من دون تغيير، أسباب فشل المحاولة الأولى لا تزال قائمة وبفاعلية أشد أمام المحاولة الأخيرة، الوسطاء الثلاثة بعضهم لا يمتلك أوراق ضغطٍ كافية في الحرب، وهما الطرفان العربيان مصر وقطر، أمّا ثالثهم الأميركي الذي يمتلك أوراقَ ضغط حقيقية على إسرائيل، فهو لا يستخدمها، وإن فعل ففي الاتجاه المعاكس.

الوساطة التي عمرُها من عمر الحرب، تعيش مأزقاً يتعمَّق مع كلّ محاولة، فمصر لم يَعُد يُنظر إليها إسرائيلياً وسيطاً مكتملَ الشروط؛ بفعل استيلاء إسرائيل على خط فيلادلفيا، وإحكام سيطرتها المباشرة على معبر رفح، وذلك يعني أن مصر إن لم تكن طرفاً في القتال المباشر، فهي طرفٌ في أزمة مباشرة مع إسرائيل.

وقطر بحكم علاقاتها الخاصة مع «حماس»، حيث الحضن الدافئ والسخي لاستضافتها ودعمها، لم يَعُد يُنظر إليها أميركياً وإسرائيلياً كمجرد وسيط، بل هي طرف يتعرَّض لضغوط لجعلها تمرِّر جَملَ إسرائيل من ثقب الإبرة، تحت عنوان عامّ: «استغلال نفوذها على (حماس)؛ كي تقبل بما لا تستطيع قبوله».

الوساطة جسّدت مِتراساً يقف وراءه الأميركي، الذي يعرف جيداً كيف يُنهي الحكاية في ساعات قليلة، إلا أنَّه لا يريد، أو لا يستطيع؛ إذ لا فرق في النتيجة، فالوساطة بالنسبة له هي الغلاف الذي لا بد منه لإظهار ما يحتاج إليه دوره الفعلي، الذي أساسه شراكة كاملة مع إسرائيل في كل ما تحتاج إليه الحرب على غزة، وكذلك ما تحتاج إليه لعبة إبقاء القتال على الجبهة الشمالية تحت الأسقف التي تحُول دون تحوّله إلى حرب إقليمية.

الوسطاء الشركاء يدركون ضيق المساحات التي يعملون عليها، وهم في واقع الأمر محشورون في زاوية حَرِجة، فلا يستطيعون الاستنكاف عن الدور؛ كونهم شركاء أكثر من وسطاء، ولا يرتاحون للسيناريو المتكرر الذي سجّل عليهم إخفاقاً في إحراز الحد الأدنى من النجاح، ولو على هيئة هُدَن مؤقتة وتبادُل محدود.

يواجه الوسيطان العربيان معضلة يجسّدها شريك الوساطة الأميركي بتحالفه المتعمق مع الإسرائيلي، وتتضاعف المعضلة كلما اقتربت الساعة الرملية من النفاد في الانتخابات الأميركية؛ إذ لا ضغوط على إسرائيل التي تضع خطوطاً حمراء تبدّد أي فرص للتقدم الفعلي، وإذا كان لا بدَّ من ضغوط فهي على «حماس» التي كلما أقدمَت على مرونة في أمر معين، قال لها الأميركيون والإسرائيليون: هل من مزيد؟

نتنياهو يشاغل الجميع في الهوامش خدمةً للأساسي الذي يسعى إليه، فهو يرسل وفوده إلى المفاوضات بتعليمات مشدّدة ألّا يفعلوا شيئاً، غير كسب الوقت وضمان تواصُل الحرب، يسرّبون أخباراً عن تقدّم في هذا الملف أو ذاك، بينما آلة الدمار والقتل تعمل بلا هوادة على الأرض، وما يحدث بالتزامن مع الجهد الحالي للوساطة هو أوسع تهجير جماعي داخل القطاع، وعودة لزيادة القتل والدمار، كما لو أنَّ الحرب التي دخلت شهرها العاشر ما تزال في أيامها الأولى، وبدل الإفادة من الارتباط الإيجابي بين توقف الحرب على غزة، وتوقفها على الجبهة الشمالية، يتحدّث غالانت عن فك الارتباط بين الجبهتين، واستعداده للحرب في الشمال حتى لو توقَّفت في الجنوب.

أميركا الشريك الفعّال والوسيط غير الفعّال يهمها أولاً بقاء الأمور تحت السيطرة في الشمال، أمّا جبهة غزة فمتروكة لتطورات الميدان، ما يتيح لنتنياهو مساحة واسعة للسعي نحو مستحيله... «النصر المطلق».

الوسيط الأميركي يستعدّ لاستقبال نتنياهو، ليس في الكونغرس فقط، وإنما في البيت الأبيض، وإذا كان غالانت عاد من زيارته بقنابل متوسطة الحجم وهائلة القدرة التدميرية، فلن يعود نتنياهو من رحلته الوشيكة خالي الوفاض، والأمر هنا ليس مجرد قنابل وذخائر، بل التزامات موثّقة لما هو مسموح به في اليوم التالي، وما هو ممنوع.

أخيراً... هنالك فرصة للنجاح ربما يوفرها نتنياهو في حالة ضمن أن تكون مجرد محطة على طريق نصره الشخصي، والنجاح في هذه الحالة هو أعلى درجات الفشل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأزق الوساطة والوسطاء مأزق الوساطة والوسطاء



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon